دراسة جديدة: البشر ورثوا الأنف الطويل من إنسان نياندرتال

دراسة جديدة: البشر ورثوا الأنف الطويل من إنسان نياندرتال
حقوق الصورة: غيتي إيميدجيز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قبل إقصائه على يد الجنس البشري، ربما كان إنسان نياندرتال قادراً على تطوير العديد من المهارات والمواهب، مثل صناعة النسيج والرسم والطهو. يمكن أن تكون الإسهامات التي قدمها إنسان نياندرتال أعمق مما نعتقد، وربما يشمل ذلك تأثيره بشكلٍ أو بآخر على شكل الوجوه البشرية الحالية. أظهرت دراسة حديثة أن المواد الوراثية الخاصة بإنسان نياندرتال لها تأثير على شكل أنف الإنسان المعاصر.

الأنوف الطويلة كنتيجة للانتقاء الطبيعي

في دراسة نُشرت في 8 مايو/ أيار في مجلة كوميونيكيشن بيولوجي (Communications Biology)، اكتشف فريق دولي من الباحثين مادة وراثية مسؤولة عن شكل الأنوف الطويلة (من أعلى إلى أسفل)، ومن الممكن أن تكون هذه المادة نتاج الانتقاء الطبيعي عندما تكيف الإنسان الحديث مع المناخات الباردة بعد مغادرته القارة الإفريقية.

يقول المؤلف المشارك في البحث وعالم الوراثة الإحصائية في كلية لندن الجامعية (University College London)، كوستوب أديكاري (Kaustubh Adhikari)، في بيان صحفي: “بعد تحديد تسلسل الجينوم للإنسان البدائي خلال الـ 15 عاماً الماضية، استطعنا أن نتعرف على حقيقة أن أسلافنا تزاوجوا على ما يبدو مع إنسان نياندرتال، ما سمح بنقل جزء من الحمض النووي من الإنسان البدائي إلى الإنسان المعاصر، لذلك، نجد أن بعض الحمض النووي الذي ورثناه من إنسان نياندرتال يؤثّر في شكل وجوهنا، وقد يكون هذا مفيداً لأسلافنا، الذين نقلوا بصمتهم الوراثية لآلاف الأجيال”.

اعتمد فريق البحث على بيانات أكثر من 6,000 متطوع من البرازيل وكولومبيا وتشيلي والمكسيك وبيرو من أصول أوروبية وأميركية وإفريقية مختلطة. قارن الفريق المعلومات الجينية لهؤلاء الأشخاص بصور وجوههم، وفحصوا المسافات بين النقاط المختلفة على الوجه، مثل المسافة بين حافة الشفاه إلى أطراف الأنف لمعرفة العلاقة بين سمات الوجه والعلامات الوراثية المختلفة.

صورة تُظهر جمجمة إنسان معاصر وجمجمة إنسان نياندرتال، تبين الاختلاف في ارتفاع الأنف
صورة تُظهر جمجمة إنسان حديث وجمجمة إنسان نياندرتال، تبين الاختلاف في ارتفاع الأنف. حقوق الصورة: الدكتور كوستوب أديكاري، كلية لندن الجامعية.

33 منطقة جينومية ترتبط بشكل الوجه

يقول المؤلف المشارك في البحث وعالم الوراثة في كلية لندن الجامعية، أندريس رويز ليناريس (Andres Ruiz-Linares)، في بيان صحفي: “ركزت معظم الدراسات الوراثية التي تتعلق بالتنوع البشري على جينات الأوروبيين، وهذا يعكس قلة التنوع في العينات المدروسة، لكن تنوع عينة المشاركين من أميركا اللاتينية في هذه الدراسة يوسع نطاق نتائج الدراسات الوراثية بصورة كبيرة، ما يساعد على فهم جينات البشر جميعهم بشكلٍ أفضل”.

اكتشف الفريق 33 منطقة جينومية جديدة مرتبطة بشكل الوجه، واستطاعوا تأكيد 26 منها عند مقارنتها ببيانات أخرى لأشخاص من أصول عرقية مختلفة من شرق آسيا وأوروبا وإفريقيا.

اقرأ أيضاً: هل ساعدت الرماية البشر على اكتساب أفضلية على إنسان نياندرتال؟

درس الباحثون منطقة جينومية تسمى أيه تي إف 3 (ATF3)، ووجدوا أن العديد من المشاركين في الدراسة، الذين يحملون أصولاً أميركية أصلية، لديهم مادة جينية موروثة من إنسان نياندرتال تسهم في ارتفاع الأنف. ثم قارنوا هذه المنطقة الجينومية مع منطقة جينومية مماثلة في مجموعة بيانات لأشخاص ينحدرون من أصول شرق آسيوية، ووجدوا المادة الوراثية نفسها.  ولاحظوا ثمة علامات على الانتقاء الطبيعي في هذا المنطقة الجينية، ما يشير إلى فوائد هذه المادة الوراثية لدى الأشخاص الذين يحملونها.

مادة وراثية موروثة عن إنسان نياندرتال

يقول المؤلف المشارك والعالم في جامعة فودان الصينية (Fudan University)، تشينغ لي (Qing Li)، في بيان صحفي: “لطالما اعتقد العلماء أن الانتقاء الطبيعي يحدد شكل أنوفنا؛ نظراً لأن أنوفنا يمكن أن تساعدنا على تنظيم درجة حرارة الهواء الذي نتنفسه ورطوبته. لذلك، يمكن أن تكون الأنوف ذات الأشكال المختلفة مناسبة بشكل أفضل للمناخات المختلفة التي عاش فيها أسلافنا، وربما ورث الإنسان هذه المادة الوراثية من إنسان نياندرتال لمساعدة البشر على التكيّف مع المناخات الباردة، وذلك عندما انتقل أسلافنا من إفريقيا إلى مناطق أخرى من العالم”.

اقرأ أيضاً: هل كان سبب انقراض إنسان النياندرتال هو تزاوجه مع الإنسان العاقل؟

في عام 2021، اكتشف الفريق نفسه أيضاً أن الجينات التي تؤثّر في أشكال الوجه موروثة من نوع بشري منقرض آخر يسمى دينيسوفان (Denisovans). إذ عثر الفريق في تلك الدراسة على 32 منطقة جينية تؤثّر في ملامح الوجه مثل الأنف والشفاه والفك وشكل الحاجب.