دراسة حديثة تؤكد وجود علاقة بين الجسيمات البلاستيكية النانوية والإصابة بالخرف وباركنسون

3 دقيقة
دراسة حديثة تؤكد وجود علاقة بين الجسيمات البلاستيكية النانوية والإصابة بالخرف وباركنسون
حقوق الصورة: shutterstock.com/ sruilk
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

وجد باحثون من كلية الطب في جامعة ديوك بالولايات المتحدة موادَّ بلاستيكية نانوية متفاعلة مع بروتين معين موجود بشكلٍ طبيعي في الدماغ، ما يؤدي إلى تغييرات مرتبطة بداء باركنسون وبعض أنواع الخرف.

ذكر الباحثون في دراستهم المنشورة بدورية ساينس أدفانسد، أن النتائج تخلق أساساً لمجالٍ جديدٍ من البحث، يغذّيه تأثير العوامل البيئية في البيولوجيا البشرية.

البلاستيك يجد طريقه نحو الماء والغذاء وأدمغتنا

تتحطم المواد البلاستيكية -خاصة المخصصة للاستخدام مرة واحدة- إلى قطع صغيرة جداً تُسمَّى اللدائن الصغيرة أو النانوية، وعند التخلص منها بشكلٍ خاطئ، تجد طريقها للوصول إلى إمدادات المياه والغذاء ودم البشر.

وقد أثبتت الدراسة الجديدة أن البقايا البلاستيكية النانوية تتسلل عبر الحاجز الدموي الدماغي الوقائي، لتجد طريقها نحو الدماغ، وتدخل الخلايا العصبية، وتسبب تغيرات في بروتينات الدماغ المرتبطة بأنواعٍ معينة من الخرف ومرض باركنسون.

اقرأ أيضاً: الباحثون يكتشفون مسببات جديدة للخرف يمكن اكتشافها وعلاجها مبكراً

الجزيئات البلاستيكية ترتبط مع بروتين عصبي

يُعدُّ البوليسترين المصدر الأساسي لهذه المواد، وقد لاحظ الباحثون ارتباطه مع بروتين ألفا سينوكلين الذي يؤدي دوراً في التواصل بين الخلايا العصبية، وقد لوحظ سابقاً تراكم أشكال شاذة من هذا البروتين في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض باركنسون. 

تتجمع جزيئات بروتين ألفا سينوكلين معاً لتشكّل ما يُسمَّى بألياف ألفا سينوكلين، التي يمكن العثور عليها متراكمة في الخلايا العصبية لدى الأشخاص المصابين بمرض باركنسون وبعض أشكال الخرف. عادة، يُعاد تدوير ألفا سينوكلين داخل الخلايا العصبية، ولكن عندما يبدأ البروتين بالتكتل، لا تتمكن الآلات الموجودة في الخلايا من التخلص منه.

اقرأ أيضاً: ألزهايمر وباركنسون: جسيمات نانوية لعلاج إصابات الدماغ 

عدة تجارب تؤكد نتائج البحث 

أجرى الفريق 3 تجارب مختلفة: في المحاليل، وفي الخلايا المزروعة في المختبر، وفي الفئران المعدّلة وراثياً لتصبح مستعدة لتطوير حالة مشابهة لمرض باركنسون.

لاحظ الفريق في التجارب الثلاث المختلفة وجود المواد البلاستيكية في شكل كتل كبيرة بشكلٍ غير عادي من ألفا سينوكلين والتي ترتبط بروابط كيميائية قوية مع البوليسترين، خاصة في الجسيمات الحالة والتي تؤدي دوراً مهماً في الخلايا؛ إذ تعالج النفايات وتتخلص منها. وبناءً عليه، يتداخل البلاستيك مع عملية التنظيف الطبيعية في الخلايا العصبية.

لاحظ الباحثون أيضاً أن المواد البلاستيكية النانوية وألفا سينوكلين تدخل الخلايا العصبية المزروعة وتضعف عملية التخلص الطبيعي من كتل البروتين، مثل ألياف ألفا سينوكلين.

علاوة على ذلك، وجد الباحثون أنه عند حقن المواد البلاستيكية النانوية وألفا سينوكلين في أدمغة الفئران السليمة، تشكلت ألياف ألفا سينوكلين وعُثر عليها في الخلايا العصبية في الدماغ. وهذه إحدى السمات المميزة لمرض باركنسون وأنواع الخرف المرتبطة به.

وفي عددٍ قليلٍ من الحيوانات، رأى الباحثون أن حقن المواد البلاستيكية النانوية وحدها (بدون ألفا سينوكلين) تسبب في تكوين ألياف ليفية ألفا سينوكلين وتراكمها في الخلايا العصبية. 

تُثير هذه النتائج القلق لأنها توضّح أن المواد البلاستيكية النانوية يمكن أن تعزز تكوين ألياف ألفا سينوكلين من تلقاء نفسها في الخلايا العصبية، ما يؤدي إلى اضطرابات عصبية، وزيادة احتمالية الإصابة بمرض باركنسون والأمراض المشابهة له. 

اقرأ أيضاً: هل تتفوق أجهزة التتبع على الأطباء في مراقبة مرضى باركنسون ؟ بحث جديد يجيب

على الرغم من ذلك، يصعب الجزم بأن هذا واحدٌ من مسببات باركنسون، خاصة وأن الاختبارات لم تُجرَ على البشر بعد، والعلاقة بين المواد البلاستيكية النانوية وبروتين ألفا سينوكلين ليست واضحة أيضاً، ولا حتى العلاقة بين مجموعة ألفا سينوكلين والخرف. 

وقال الباحثون إن الأسئلة لا تزال قائمة حول ما إذا كان نوع البلاستيك قد يلعب دوراً في شدة الإصابة، بالإضافة إلى الأسئلة التي تدور حول كيفية حدوث مثل هذه التفاعلات داخل البشر.

ما تظهره هذه الدراسة هو أن المواد البلاستيكية النانوية لها تأثير على مستويات البروتين. ومن المهم إجراء دراسات أوسع بالاعتماد على تقنيات جديدة أكثر قدرة على مراقبة مستويات البلاستيك وتفاعلاتها الكيميائية على أصغر المستويات.

ختاماً، يقول الدكتور أندرو ويست الباحث الرئيسي في الدراسة، والأستاذ في قسم الصيدلة وبيولوجيا السرطان في كلية الطب بجامعة ديوك: “بينما تُقيَّم الملوثات البلاستيكية الدقيقة والبلاستيكية النانوية عن كثب لتأثيرها المحتمل في السرطان وأمراض المناعة الذاتية، فإن الطبيعة المذهلة للتفاعلات التي يمكن أن نلاحظها في نماذجنا تشير إلى الحاجة إلى تقييم الملوثات البلاستيكية النانوية المتزايدة على مرض باركنسون والخرف”، ومن ثَمَّ “يمكننا اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية أنفسنا، دون المساس بالفوائد جميعها التي نجنيها يومياً من المواد البلاستيكية”.