تُعد الثعابين من أكثر الأشياء التي تثير خوف البالغين الأميركيين إلى جانب المرتفعات ومخاطبة الجمهور والحشرات. وعلى الرغم من أنها تحقن السم في ضحيتها بأنيابها وتملك قوة تمكّنها من خنق تمساح وابتلاعه، فهي تؤدي دوراً مهماً في الحفاظ على توازن النظام البيئي من خلال الحدّ من تفشي الآفات الحشرية والحفاظ على التنوع البيولوجي للكوكب.
ربما تستطيع الثعابين أيضاً سماع التعليقات السلبية التي يقولها البشر عنها؛ فقد كشفت دراسة نُشرت في 14 فبراير/شباط في مجلة بلوس ون (PLOS One) عن أن الثعابين تستطيع سماع الأصوات التي تنتقل عبر الهواء والتفاعل معها إلى جانب الشعور بالاهتزازات في الأرض.
قام فريق في جامعة كوينزلاند في أستراليا بتشغيل 3 ترددات صوتية مختلفة، ينتقل اثنان منها في الهواء والثالث اهتزاز ينتقل عبر الأرض، لاختبار استجابة عدد من الثعابين المرباة في الأسر واحدة تلو الأخرى في غرفة عازلة للصوت، واستخدموا 19 ثعباناً من 5 عائلات جينية من الزواحف.
الثعابين تتفاعل مع الموجات الصوتية
تقول عالمة الأحياء في كلية العلوم البيولوجية بجامعة كوينزلاند والمؤلفة المشاركة في الدراسة، كريستينا زدينيك، في تصريح لها: "يعتقد العامة أن الثعابين صماء لأنها لا تملك آذاناً خارجية، وأنها لا تشعر سوى بالاهتزازات التي تنتقل عبر الأرض وتصل إلى أجسامها". وتضيف: "لكن بحثنا -وهو الأول من نوعه من ناحية استخدام ثعابين تتحرك بحرية دون تخدير- أظهر أنها تتفاعل مع الموجات الصوتية التي تنتقل عبر الهواء، وربما مع الأصوات البشرية أيضاً".
اختبر الباحثون نمطين مختلفين من السمع لدى الثعابين من خلال اختبار استجاباتها لكل من الاهتزازات الأرضية والأصوات المنقولة بالهواء: الأول هو السمع الحسي عبر حراشف بطنها والآخر سماع الأصوات التي تنتقل عبر الهواء، والذي يحدث في أذنها الداخلية.
كشفت الدراسة عن وجود علاقة ارتباط قوية بين ردود فعل الثعابين والجنس الذي تنتمي إليه.
اقرأ أيضاً: باحثون يشرحون لبوبيولار ساينس العربية قصة اكتشاف الجد الأكبر لثُعبان الكوبرا في مصر
اختلاف ردود الفعل باختلاف الثعابين
تقول زدينيك: "تستجيب ثعابين ووما فقط للصوت من خلال التحرك نحوه، بينما نلاحظ أن ثعابين التايبان والثعابين البنية، لا سيما ثعبان الموت، تبتعد عنه. كما اختلفت أنماط ردود فعلها السلوكية، إذ أظهرت ثعابين التايبان استجابات دفاعية وحذرة أكثر تجاه الصوت.
من المرجح أن يكون هذا الاختلاف في ردود الفعل التي لوحظت في الثعابين ناجماً عن ملايين السنين من الضغوط التطورية التي ساعدتها على البقاء والتكاثر.
تقول زدينيك: "على سبيل المثال، لاحظنا أن ثعابين ووما الليلية والأكبر حجماً، والتي لها عدد أقل من المفترسات مقارنة بالأنواع الأصغر، تقترب من مصدر الصوت وتبدو أقل حذراً. بينما أظهرت ثعابين التايبان حساسية أكبر تجاه الصوت، ربما لأنها بطبيعتها شديدة الحذر من الحيوانات المفترسة وتطارد فرائسها بنشاط".
اقرأ أيضاً: الكشف عن طريقة فريدة لتحنيط التماسيح في مصر القديمة
تتعارض نتائج الدراسة مع الاعتقاد الشائع بأن الثعابين لا تستطيع سماع الأصوات مثل الصراخ أو حديث البشر، ولعلها تغير قناعاتنا وأفكارنا حول تفاعلها مع الأصوات. كانت دراسة الثعابين صعبة لأنها كائنات حساسة وتميل بطبيعتها إلى الاختباء معظم الوقت.
وتقول زدينيك : "لا نعرف الكثير عن سلوك معظم أنواع الثعابين في مختلف المواقف ولا عن تفاعلها مع محيطها في مختلف مناطق العالم، لكن دراستنا تكشف عن أن سماع الأصوات قد يشكل جزءاً مهماً من قدراتها الحسية".