إسقاط دمى بشرية في أحواض السباحة يساعد الباحثين على فهم إصابات الغطس

3 دقائق
إسقاط دمى بشرية في أحواض السباحة يساعد الباحثين على فهم إصابات الغطس
أنوبام باندي، جيسو يوك وسونغوان جونغ.

في المرة القادمة التي ستقفز فيها عن لوح الغطس في الماء هرباً من حرارة الصيف، تذكر أن هناك العديد من الحيوانات التي يمكنها التفوق حتى على أمهر ممارسي رياضة الغطس الأولمبيين. على سبيل المثال، يستطيع طائر "الأخرق" (Gannet) البحري الأبيض الغطس في الماء لاصطياد الأسماك بسرعة تصل إلى 90 كيلومتراً في الساعة، أي ضعف السرعة التي يصل إليها نخبة الرياضيين تقريباً عندما يقفزون من منصات بارتفاع 10 أمتار.

يمكن للخبراء تقييم مدى تأثير عملية الغطس في الماء على جسم الإنسان دون تعريضه لأي أذى في هذه العملية. حيث صنعوا دمىً على غرار الدمى التي تُصنع لتقييم أثر حوادث السيارات على الناس، وزوّدوها بأجهزة استشعار للقوة، وقاموا بإسقاطها في الماء لمحاكاة ما يفعله الغطاسون. تُظهر النتائج التي نشرها المهندسون في مجلة "ساينس أدفانسيس" في 27 يوليو/تموز مدى خطورة سقوط جسم الإنسان في الماء رأساً على عقب.

يقول المهندس البيولوجي في جامعة كورنيل وأحد الباحثين المشاركين في الدراسة، سنجوان يونغ: «الجسم البشري ليس مصمماً للغطس في الماء».

محاولة فهم كيفية اصطدام الكائنات بالماء

أمضى فريق يونغ السنوات العديدة الماضية في دراسة كيفية اصطدام الكائنات الحية المختلفة بالمياه. ركز الفريق في البداية على الحيوانات، مثل طائر الأخرق وخنزير البحر وسحلية البازيليسق التي تُشتهر بقدرتها على الجري على سطح الماء قبل أن تدفع الجاذبية أقدامها للغوص في الماء مجدداً.

ربما تطورت أجسام تلك الحيوانات وتكيفت مع بيئاتها المائية نظراً لحاجتها إلى الغوص تحت الماء بحثاً عن الطعام أو لتجنب الحيوانات المفترسة التي تنقض عليها من الأعلى. في المقابل، فإن البشر، والذين تطوروا في بيئةٍ أرضية أكثر جفافاً، ليس لديهم مثل هذه الحاجة البيولوجية، ما يجعل رياضة الغطس خطيرةً عليهم.

يقول يونغ: «الأمر مختلف بالنسبة للبشر. إذ يمارس البشر رياضة الغطس في الماء من أجل المتعة، ومن المرجح أن يتعرضوا للإصابات بشكل متكرر».

اقرأ أيضاً: للكبار والصغار: إليك فوائد السباحة وتأثيرها الإيجابي على الدماغ

أراد يونغ وزملاؤه قياس القوة التي يتعرض لها جسم الإنسان عندما يصطدم بسطح الماء. للقيام بذلك، صنعوا دمىً بشرية بواسطة تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد وزوّدوها بأجهزة استشعار يمكنها قياس القوة التي تتعرض لها الدمية، وبالتالي كيفية تغيير تلك القوة حال اصطدامها بالماء.

أجرى الفريق تجاربه على ثلاث وضعيات مختلفة للغطس، حيث كانت كل منها تحاكي طريقة غطس أحد الحيوانات التي أجروا عليها التجارب في البداية. لمحاكاة شكل رأس خنزير البحر المدور، عمد الفريق إلى جعل رأس الدمية تسقط في الماء أولاً. ولمحاكاة منقار طائر الأخرق الحاد، قام الفريق بربط يدي الدمية على شكل حرف (V) أمام رأسها، بينما صمم الفريق وضعاً ثالثاً تسقط فيه قدما الدمية في الماء أولاً لمحاكاة طريقة سقوط السحلية في الماء.

نتائج تجارب الدمى البشرية

عندما اختبرت الأجسام قوة الاصطدام، وجد الباحثون أن معدل تغير القوة يختلف باختلاف الشكل. كانت القوة التي تؤثر على الشكل المدور- مثل رأس الإنسان- أكبر بكثير من تأثيرها على الشكل الحاد.

اعتماداً على نتائجهم، قدّر الفريق الارتفاعات التي يشكل الغطس منها في وضعيات معينة خطراً عليهم. على سبيل المثال، يقول الفريق إن الغطس والأقدام تتجه لأسفل من ارتفاع نحو 15 متراً من شأنه أن يعرضك لخطر الإصابة في الركبة. بينما يمكن أن يعرّضك الغطس ويداك مضمومتان أمام رأسك من ارتفاع نحو 12 متراً لقوة تكفي لإصابة عظم الترقوة. ويعتقد الباحثون أن الغطس والرأس في المقدمة من ارتفاع 8 أمتار فقط قد يتسبب بإصابات في النخاع الشوكي.

اقرأ أيضاً: التقنيات المساعدة ودورها في كسر حاجز الإعاقة الجسدية

غالباً لن تكون هناك ألواح غطس بهذا الارتفاع في حوض السباحة المنزلي الخاص بك، ولكن ليس من المستبعد أن تقفز من هذا الارتفاع، إذا قفزت من جرفٍ مثلاً.

يقول شيت موريتز، الذي يدرس كيف يتعافى الأشخاص من إصابات الحبل الشوكي في جامعة واشنطن، وهو غير مشارك في الدراسة: «نمذجة عملية الغطس مفيدة جداً بالفعل، ومن المثير جداً النظر إلى التأثيرات المختلفة التي يمكن أن يتعرض لها جسم الإنسان في أثنائها».

لا تشيع إصابات الحبل الشوكي في الواقع، ولكن تطلب التحذيرات في أحواض السباحة من الناس عدم الغطس في المياه القليلة العمق لسبب وجيه، إذ يمكن أن يكون الاصطدام بأرضية حمام السباحة مؤذياً جداً. لقد وجدت دراسة أجريت عام 2013 أن معظم إصابات النخاع الشوكي كانت بسبب حوادث السقوط أو السيارات، حيث مثّلت حوادث الغطس 5% منها. 

لكن موريتز يشير إلى أن إصابات الحبل الشوكي المذكورة تحدث بسبب الاصطدام بقاع حوض السباحة، وليس من الاصطدام بسطح الماء الذي يدرسه هؤلاء الباحثون. يقول في هذا الصدد: «من تجربتي، لا أعرف أي شخص تعرض لإصابة في النخاع الشوكي من مجرد اصطدامه بالماء».

اقرأ أيضاً: مهلاً.. هل تعلمون بأن أحواض السباحة العامة تعجّ بالفضلات البشرية؟

ومع ذلك، يعتقد يونغ أنه إذا لم يتوقف الناس عن ممارسة رياضة الغطس، فإن بحثه يقدم بعض الاقتراحات المفيدة التي تجعل هذه الرياضة أكثر أماناً. يقول يونغ: «إذا كنت مولعاً جداً بالغطس، فمن الجيد اتباع النصائح الواردة في البحث. على سبيل المثال، حاول ألا تغطس ورأسك في المقدمة».

لا تقوم مجموعة يونغ بهذا البحث لتحسين تحذيرات سلامة رياضة الغطس فقط. بل يحاولون أيضاً صنع مقذوف بمقدمة حادة مستوحى من منقار الطائر، يمكنه أن يخترق المياه العميقة بمسار منحنٍ بشكلٍ أفضل.

المحتوى محمي