هل يمكن أن تحل هذه الروبوتات المبتَكرة مشكلة الحمولة المحدودة إلى الفضاء؟

3 دقائق
ابتكار روبوتات تستطيع تغيير شكلها بحيث يمكن أن تُستخدم كأثاث في الفضاء
يمكن إعادة تشكيل هذه الروبوتات الصغيرة إلى أشكال مختلفة، وقد تساعد في يوم من الأيام رواد الفضاء على البناء في الفضاء. حقوق الصورة: جيمي داي/إم آي تي ميديا لاب.

ما الذي يمكن أن يحدث إذا تمكّنت الروبوتات من أن تتحول إلى طاولة في لحظة ما، ثم إلى أريكة؟ لعقود من الزمان، كان علماء الروبوتات يطاردون فكرة الأجهزة القابلة لإعادة التشكيل، لكن الآن، اكتشف أحد المشروعات أن مثل هذه الآلات متعددة الوظائف يمكن أن تكون مفيدة جداً أيضاً في البناء في الفضاء، حيث يمتلك رواد الفضاء أدوات ومساحة محدودة على متن المركبات الفضائية. 

باستخدام الكهرومغناطيسية، ابتكر العلماء في مختبر علوم الحاسوب والمختبر الاصطناعي التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا روبوتات على شكل مكعبات يمكن تجميعها في أشكال معقدة. تم وصف مكعّبات الفضاء الروبوتية في ورقة بحثية سيتم تقديمها في المؤتمر الدولي لعام 2022 حول الروبوتات والأتمتة.  

ما هو الإلكترو فوكسل؟

على الرغم من صغر حجمها، إلا أن هذه النماذج الأولية اللاسلكية متغيرة الشكل، والتي تسمى «إلكترو فوكسلز» («فوكسل» هو مصطلح مشتق من كلمتي «volumetric»، أي «حجمي»، و«pixel» أي «بكسل» أو «عُنصورة»، ويعني العنصر الحجمي، وبالتالي تصبح «إلكترو فوكسل» تعني العنصر الحجمي الإلكتروني) لها بعض التطبيقات الهامة جداً في استكشاف الفضاء، وذلك وفقاً لفريق البحث. كما يقول «مارتن نيسر»، طالب في مرحلة الدكتوراه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والمؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة، استلهم هذا الاختراع جزئياً من الروبوتات في فيلم «البطل الكبير 6» (Big Hero 6). بدلاً من روبوت واحد يُستخدم مرة واحدة، يمكن للوحدات الصغيرة أن تتجمع معاً لبناء أنواع متعددة من الهياكل ذات الوظائف المختلفة.  

ابتكار روبوتات تستطيع تغيير شكلها بحيث يمكن أن تُستخدم كأثاث في الفضاء
مكعبات إلكترو فوكسل تُختبر في ظروف في الجاذبية الصغرى أثناء رحلة طيران. حقوق الصورة: ستيف بوكسال/ زيرو جي.

نظراً لأن الروبوتات صغيرة جداً، فإن المشروع يمتلك عدداً أكبر من التطبيقات واسعة النطاق في الفضاء مقارنة بالأرض. 

اقرأ أيضاً: هل تعتقد أن البشر اجتماعيون لدرجة مصادقة الروبوتات؟

كيف يمكن أن تشق هذه الروبوتات طريقها نحو الفضاء؟

يقول نيسر: «قد يجادل الكثيرون بأن بناء أشياء في الفضاء أكثر صعوبة مما هو عليه على الأرض، بسبب وجود كل هذه القيود على الأشياء التي يمكنها إطلاقها للفضاء»، ويضيف: «كل شيء نريد إطلاقه إلى الفضاء يجب أن يكون له متّسع في الصواريخ، لذلك فنحن محدودين من ناحية الكتل والأحجام التي يمكننا إرسالها». 

على سبيل المثال، الأمكنة ضيقة للغاية في محطة الفضاء الدولية لدرجة أنه حتى أثاث رواد الفضاء يجب أن يكون مضغوطاً وموجهاً بشكل مثالي، تقريباً مثل لعبة «تتريس». 

على الرغم من أن بناء الأجسام في الفضاء يمكن أن يكون أكثر صعوبة (وتكلفة) مما يستحق، إلا أنه كان هناك دافع كبير لتقليص حجم الأجهزة التكنولوجية لتسهيل استكشاف الفضاء. لكن بتحفيز جزئي بظهور الأقمار الصناعية المكعبة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، يمكن أن يساعد الميل الحالي لتصغير مختلف الأجهزة في توفير مساحة أكبر للمناورة لرواد الفضاء، ولكنه قد يقلل أيضاً من تكاليف حمولات الصواريخ.  

يقول «زاكري مانشستر»، الأستاذ المساعد في معهد الروبوتات في جامعة كارنيغي ميلون، والذي لم يشارك في الدراسة الجديدة: «إن وضع شيء ما في الفضاء على صاروخ هو أمر مكلف للغاية». (وفقاً لوكالة ناسا، فإن تكلفة نقل نحو نصف كيلوغرام واحد من الحمولة إلى المدار تبلغ 10000 دولاراً تقريباً). يضيف مانشستر: «إذا كان بإمكانك تقليص الأشياء وزيادة عددها في صاروخ، فإن ذلك يجعل إرسال كل شيء أرخص». 

تقدم الروبوتات الجديدة حلاً قليل التكلفة وسهل البناء، إذ تتيح البطانة الكهرومغناطيسية للإطارات المصنوعة بالطابعات ثلاثية الأبعاد للمكعبات أن تجذب وتنفر أو حتى توقف تشغيل نفسها بنفسها بسلاسة. يستغرق صنع مكعب واحد أكثر من ساعة بقليل، ويكلف 60 سنتاً فقط.    

ابتكار روبوتات تستطيع تغيير شكلها بحيث يمكن أن تُستخدم كأثاث في الفضاء
تتحكم الأجهزة الإلكترونية ولوحات الدارات المصنوعة بالطابعات ثلاثية الأبعاد في اتجاه تيار المغناطيس الكهربائي.حقوق الصورة: جيمي داي/إم آي تي ميديا لاب.

داخل كل مكعّب، تعمل الأجهزة الإلكترونية ولوحات الدارات المصنوعة بالطابعات ثلاثية الأبعاد معاً لإرسال التيارات التي توجه تحركاتها، تماماً مثل الطريقة التي تحرّك فيها كائنات «الأوتوبوتس» في فيلم «المتحولون» الأجزاء الصغيرة لتشكيل أشكال جديدة أكبر. لكن لجعل هذه المكعبات تعمل، كان على نيسر وفريقه تصميم برنامج يسمح للمستخدمين بالتلاعب بشكل هذه الروبوتات بالطريقة التي تناسبهم. تسمح المحاكاة للمستخدمين بالتحكم في ما يصل إلى ألف روبوت في وقت واحد، أو الاختيار من بين سلسلة من الحركات المحددة مسبقاً لإنشاء تشكيلات جديدة.    

اقرأ أيضاً: هذه الروبوتات العنكبونية قد تزحف داخل جسمك يوماً ما

روبوتات يمتلك المشغلون إمكانية أكبر للتحكم فيها

يقول مانشستر إن نهج المشروع يختلف عن العديد من الأفكار المماثلة التي اعتمدت على الشبكات ذاتية التشغيل، أو أنظمة الروبوتات متعددة الوكلاء، حيث يكون كل روبوت داخل الشبكة الأكبر ذكياً بشكل فردي. لكن نظراً لأن الروبوتات الجديدة لا يتم تشغيلها بواسطة الذكاء الاصطناعي، فإن المستخدمين يتمتعون بمزيد من الحرية في إنشاء أشكال تتجاوز ما يمكن أن يحققه الحاسوب.  

 يوضح مانشستر: «أداء الروبوتات معاً أفضل مما كنا نتوقع، ويمكنك القيام بأشياء رائعة باستخدام عدد كبير من المركبات الفضائية الصغيرة أو الأنظمة الروبوتية الصغيرة».

يشير مانشستر إلى أن هناك جانباً سلبياً. خارج بيئة انعدام الوزن، لا تعمل المكعبات. على الرغم من أن الروبوتات الجديدة قد اختبرت في رحلة طيران مكافئ، والتي يمكن أن تحاكي الجاذبية الصغرى، إلا أنه، وفقاً لمانشستر، سيكون من الصعب عليها جمع ما يكفي من القوة للمناورة على الأرض.   

يريد نيسر والفريق في النهاية جعل المكعبات قوية بما يكفي لتتحرك عكس جاذبية الأرض. وهذا من شأنه أن يسمح لهذه الروبوتات بالتخفيف من الظروف المعيشية الضيقة في الفضاء الخارجي، والسماح للبشر ببناء عمليات واسعة النطاق وقابلة لإعادة التشكيل على الأرض. 

يقول نيسر: «أنا متحمس حقاً بشأن هذا النوع من الإمكانيات بعيدة المدى لمحاولة استخدام هذه التكنولوجيا هنا على الأرض».

المحتوى محمي