توصل علماء الأعصاب في جامعة سيدني الأسترالية إلى الطرق التي تعالج بها أدمغتنا تمييز وتحليل الوجوه البشرية الحقيقية؛ من خلال نفس العمليات الإدراكية التي تميز الوجوه الوهمية التي نراها في كل شي، ونُشرت الدراسة في دورية «بروسيدينجز أوف ذا رويال سوسايتي بي».
من منظورٍ تطوريّ؛ يبدو أن فائدة عدم فقدان أية وجهٍ مطلقاً تفوق بكثير الأخطاء التي تظهر فيها الأشياء الجامدة كوجوه؛ إذ أن هناك فائدةً كبيرةً في الكشف عن الوجوه بسرعة؛ ولكن نظام الإدراك يعمل بشكلٍ سريع وفضفاض؛ من خلال تطبيق نموذج بدائي لعينين تحتمها الأنف والفم، ويمكن أن ترضي الكثير من الأشياء هذا النموذج؛ وبالتالي تؤدي إلى استجابة تمييز الوجه.
تحدث استجابة تمييز الوجه هذه بسرعة البرق في الدماغ؛ في غضون بضع مئات من الألف من الثانية، وبالرغم من أننا نعلم أن هذه الأشياء ليست وجوهاً حقاً، فإن إدراك الوجه وتمييزه باقٍ.
يُعرف هذا الخطأ باسم «باريدوليا الوجه»؛ إنه حدثٌ شائعٌ لدرجة أننا نقبل فكرة اكتشاف الوجوه في الأشياء على أنها طبيعية؛ لكن البشر لا يختبرون هذه العملية المعرفية بنفس القوة بالنسبة للظواهر الأخرى.
طوّر الدماغ آلياتٍ عصبيةً متخصصةً لاكتشاف الوجوه بسرعة، ويستغل بنية الوجه الشائعة كطريقٍ مختصر للاكتشاف السريع، ولا يتم تجاهل الوجوه الزائفة على أنها اكتشافات كاذبة؛ بل تخضع لتحليل تعبيرات الوجه بنفس الطريقة التي تخضع بها الوجوه الحقيقية، فنحن لا نتخيل الوجوه فحسب؛ بل نحللها ونعطيها سمات عاطفية.
يقول الباحثون إن تحليل مشاعر هذه الأشياء الجامدة يرجع إلى كوننا كائنات اجتماعيةً بشدة، وعليه، فإن مجرد اكتشاف الوجه لا يكفي؛ نحن بحاجةٍ لقراءة هوية الوجه وتمييز تعابيره. هل هو صديق أم عدو؟ هل هو سعيد أم حزين؟ غاضب أم متألم؟
لقد توصل الباحثون إلى ذلك من خلال تقديم تسلسل للوجوه، وجعل المشاركين يقيمون تعبيرات كل وجه على مقياسٍ يتراوح من الغضب إلى السعادة. الأمر المثير للاهتمام هو أن التحيز المعروف في الحكم على الوجوه البشرية استمر حتى مع تحليل الوجوه الزائفة الجامدة.