«إسأل جوجل»؛ ربما تكون هذه الإجابة النموذجية لأي سؤال يوجه إلينا ولا نعرف إجابته، وبدوره يجيب محرك بحث جوجل على ما نريد؛ سواء أخبرناه أم أقترح علينا، حتى الصور، ورسائلنا الصوتية يجيد التعامل معها، ولم يصل جوجل إلى هذه القدرة الفائقة و5.4 مليار عملية بحث يومياً؛ إلا بالتطوير المستمر لآليات البحث وتسهيل وصول المستخدمين إلى النتائج المرجوّة، ولم يكتف جوجل بهذا بل أحدث نقلة نوعية أخرى؛ حين صار بإمكاننا البحث بالهمهمة.
من أين أتي جوجل؟
القصة بدأت حين طور طالبي الدكتوراه في جامعة ستانفورد الأميركية «لاري بيج» و «سيرجي برين» خوارزمية بحث عُرفت في البداية باسم «باك رَب» بمساعدة المبرمجين «سكوت حسن» و «آلان ستيرمبرج». وسرعان ما أثبت محرك البحث نجاحه، ما أدى إلى تأسيس شركة جوجل عام 1996، وجاء اسم «جوجول» نسبة إلى العدد الذي يتألف من 1 متبوعة بمئة صفر، وهي كناية عن عدد النتائج الكبير التي يستطيع المحرك توفيرها.
محرك بحث جوجل لم يكن بهذه الكفاءة منذ البداية، خاض العديد من المحاولات في سبيل مكافحة إساءة استخدام محرك البحث، وتوفير تحديث ديناميكي للنتائج، وجعل نظام الفهرسة سريعاً ومرناً. وفي عام 2005، بدأت نتائج البحث في التخصيص حسب تاريخ بحث المستخدم ولغته وموقعه، وبعدها في نفس العام تم تقديم ميزة «اقتراح جوجل» للإكمال التلقائي.
جوجل يعرف طريق القمة
في يونيو/حزيران عام 2011، أطلق محرك البحث خدمة جديدة، وهي البحث مباشرة عن الصور نفسها بدلاً من البحث عن عناوينها؛ بمعنى أنه لم يعد ينبغي البحث عن أسماء الصور، بل فقط يُكتفى برابط الصورة من الإنترنت أو القيام برفع صورة من الجهاز إلى محرك البحث بإحدى طريقتين: إما السحب وإما الضغط على أيقونة الكاميرا الموجودة في شريط البحث.
وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول عام 2012، أصدرت شركة جوجل تطبيق بحث جوجل جديد لنظام «iOS»، تميّز بوظيفة بحث جوجل الصوتي المحسّنة، والتي كانت تهدف إلى التنافس مع المساعد الصوتي «سيري» الخاص بشركة «آبل».
أثبتت الميزة نجاحها، وفي إحصائية صدرت نتائجها في يونيو/أيار عام 2016، تبيّن أن 20% من عمليات البحث عبر محرك جوجل تمت بواسطة الصوت.
جوجل يضرب من جديد بالهمهمة
في سبيل التطوير المستمر لطرائق البحث، أعلن «كريشنا كومار»، مدير المنتجات في جوجل، 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري؛ مدونة جوجل عن ميزة بحث صوتي جديدة تساعد المستخدمين في إيجاد الأغاني العالقة في رؤوسهم بهمهمة نغماتها لمدة 10-15 ثانية فقط دون الحاجة لكتابة أياً من كلماتها. وتتوفر الميزة باللغة الإنكليزية فقط لمستخدمي الأجهزة التي تعمل بنظام «iOS»، وبأكثر من 20 لغة لمستخدمي الأجهزة التي تعمل بنظام «آندرويد». مع وجود خططٍ لزيادتها في المستقبل.
لتجربة الميزة، اضغط على رمز الميكروفون الموجود في حقل بحث جوجل، قل: "?What's this song"، ومن ثم ابدأ بهمهمة النغمات، أو اضغط على زر "البحث عن أغنية" مع الأخذ بعين الاعتبار توافر النسخة الأخيرة من تطبيق جوجل، أما إذا كنت تستخدم أداة مُساعد جوجل، فاكتفِ بقول "Hey Google! What's this song" ومن ثم همهم النغمات.
بعد الانتهاء من الهمهمة، تساعد خوارزمية التعلم الآلي لدى محرك البحث جوجل في تحديد الأغاني المطابقة المحتملة. ولا تقلق، لست بحاجة إلى طبقة صوتية مثالية لاستخدام هذه الميزة. ستُعرض لك الخيارات الأكثر احتمالاً بناءً على اللحن. وبعد ذلك، يمكنك تحديد أفضل تطابق واستكشاف معلومات حول الأغنية والفنان، وعرض أي مقاطع فيديو موسيقية مصاحبة أو الاستماع إلى الأغنية على تطبيق الموسيقى المفضل لديك، والعثور على كلمات الأغاني، وقراءة التحليل وحتى الاطلاع على التسجيلات الأخرى للأغنية عند توفرها.
الطريق إلى الهمهمة يبدأ بالتعلم الآلي
لتوضيح ذلك بطريقة سهلة؛ يمكننا القول أن لحن الأغنية يشبه بصمة الإصبع، فلكل منهما هويته الفريدة. وقد تم تصميم نماذج للتعلم الآلي يمكنها مطابقة طنينك أو صفيرك أو غنائك على «بصمة الإصبع» الصحيحة الخاصة بالأغنية.
لذا، عندما تهمهم لحنًا في البحث، فإن نماذج التعلم الآلي لدى محرك البحث جوجل تحول الصوت إلى تسلسل قائم على الأرقام يمثل لحن الأغنية. ومن ثم تُقارن هذه التسلسلات بآلاف الأغاني من جميع أنحاء العالم ويتم تحديد التطابقات المحتملة في الوقت ذاته.
إلى أين سيذهب جوجل في المرة المقبلة؟
يذكر أن هذه ميزة البحث الصوتي عن الأغاني تواجدت بشكل بدائي منذ أكثر من عقد كإحدى الخاصيات في تطبيق SoundHound الموسيقي عام 2009. لكنها احتاجت لغناء كلمات الأغنية ولم تكن دقيقة النتائج، وبالنسبة لجوجل، فقد بدأ الأمر عند الإعلان عن خاصية «Now Playing» على أجهزة «بيكسل2» الذكية المقدمة من جوجل عام 2017. وذلك باستخدام شبكات عصبية عميقة تتمكن من جلب ميزة التعرف على الموسيقى منخفضة الطاقة إلى الأجهزة المحمولة.
وفي عام 2018، أُدخلت التقنية ذاتها إلى ميزة «البحث الصوتي» في تطبيق جوجل. وتم توسيع نطاق الوصول إلى كتالوج يضم ملايين الأغاني، أما هذه التجربة الجديدة فهي قفزة إلى الأمام، لأنه أصبح بإمكان الآلة الآن التعرف على الأغاني بدون كلمات الأغاني أو الأغنية الأصلية، فكل ما تحتاجه هو همهمة.
لا يمكننا تحديد بالضبط ما الذي يمكن أن يستحدثه جوجل عبر خوارزميات الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، يمكن أن نبحث فقط بطرف العين وربما بإشارة من اليد، وربما ما هو أبعد من ذلك، لكن علي أي حال سنحاول في الوقت أن نستمتع بميزات البحث المختلفة من أخرى وحتى إشعاراً أخر.