يُعتبر سرطان القولون السبب الرئيسي الثاني لوفيات السرطان في الولايات المتحدة، وقد اعتبر تنظير القولون، وهو إجراء لفحص القولون بالكامل باستخدام أنبوب مثبت في نهايته كاميرا، منذ زمن طويل أفضل طريقة للكشف عن المرض، ويُوصى بإجرائه لجميع المرضى فوق سن 45 عاماً في الولايات المتحدة كل 10 سنوات تقريباً. ومع ذلك، تلقي دراسةٌ جديدة نُشرت نتائجها في مجلة نيو إنغلاند الطبية الضوء بظلال من الشك حول فائدة هذا الفحص.
أجرت الدراسة مبادرة الدول الاسكندنافية الأوروبية لسرطان القولون (NordICC)، وتُعتبر أول تجربة مُعشّاة لمقارنة المرضى الذين خضعوا لتنظير القولون بشكل مباشر مع المرضى الذين لم يخضعوا لهذا الفحص. شملت الدراسة أكثر من 84 ألف رجل وامرأة تتراوح أعمارهم بين 55 و64 عاماً من بولندا والنرويج والسويد ممن لم يسبق لهم إجراء تنظير القولون. دُعي بعض المشاركين بشكل عشوائي لإجراء تنظير القولون بين يونيو/ حزيران عام 2009 ويونيو/ حزيران عام 2014، بينما تمت متابعة البعض الآخر في الدراسة دون خضوعهم للتنظير. في النهاية، لم يحتج نحو 42% من المدعوين لإجراء تنظير القولون للخضوع له مرة ثانية.
اقرأ أيضاً: دراسة: الملونات الصناعية قد تسبب سرطان القولون والمستقيم
هل بالغ الأطباء في الترويج لفوائد تنظير القولون؟
وجد الباحثون أن الخضوع لتنظير القولون مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة 18% فقط، بينما لم يقلل بشكل كبير من خطر الوفاة بسبب السرطان.
يقول الباحث المشارك في الدراسة واختصاصي أمراض الجهاز الهضمي، مايكل بريتاور، والذي قاد مجموعة الفعالية السريرية في جامعة أوسلو في النرويج، لشبكة سي إن إن إنه وجد النتائج مخيبة للآمال، ولكن يجب على الأطباء الالتزام بالعلم. وأضاف: «لذلك أعتقد أننا يجب أن نتبناه. ربما بالغنا في الترويج لفوائد تنظير القولون خلال السنوات العشر الماضية، ولكن علينا أن نكون واقعيين بهذا الشأن. أعتقد أن هناك فائدة من تنظير القولون بشكلٍ عام، وأفترض أنه يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة تتراوح بين 18 و31% وخطر الوفاة منه بين 0 إلى 50%».
يرى بعض الخبراء بأن هناك قيوداً مهمة على الدراسة على الرغم من جودة منهجيتها وكبر حجم العينة التي درستها.
يقول كبير الموظفين العلميين في جمعية السرطان الأميركية الذي لم يشارك في الدراسة، ويليام داهوت، في بيانٍ صحفي في هذا الصدد: «من الصعب معرفة الفائدة الحقيقية من تنظير القولون إذا لم يخضع له غالبية المرضى. مع ذلك، أظهرت الدراسة أن تنظير القولون قلل من خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة 31% بين المرضى الذين خضعوا له في الدراسة مقارنة بأولئك الذين لم يخضعوا له. وتشير هذه النتيجة إلى أهمية الفحص المنتظم».
ويشدد أطباء آخرون على أهمية التحقق من قيود هذه الدراسة قبل وضع مبادئ توجيهية جديدة. يقول المدير الوطني لأمراض الجهاز الهضمي في الإدارة الصحية للمحاربين القدامى، جيسون دومينيتز، والذي شارك في مقال افتتاحي نُشر جنباً إلى جنب مع الدراسة، لشبكة سي إن إن: «لا أعتقد أنه يجب على أي شخص تجاوز تنظير القولون، لأننا نعلم أن هذا الفحص مفيد جداً».
اقرأ أيضاً: لماذا لا يستخدم معظم الأطباء كلمة «شفاء» عند التعامل مع مرضى السرطان؟
لقد أظهرت الأبحاث السابقة في الولايات المتحدة أن تنظير القولون هو أفضل طريقة للكشف عن سرطان القولون. تابعت إحدى الدراسات هناك نحو 90 ألف متخصص في الرعاية الصحية لمدة 22 عاماً، قرر بعضهم إجراء تنظير القولون وبعضهم الآخر قرر عدم الخضوع له. وقدرت نتائج هذه الدراسة أن فحص تنظير القولون مرتبط بانخفاض خطورة الإصابة بسرطان القولون بنسبة 40%، وتقليل خطر الوفاة منه بنسبة 68%.
لا تزال مراكز السيطرة على الأمراض ومنع انتشارها توصي بإجراء تنظير القولون بشكلٍ منتظم بدءاً من عمر 45 عاماً.