خلافاً للتوقعات: فقدان السمع أكثر شيوعاً في المناطق الريفية وفقاً لبحث جديد

3 دقيقة
خلافاً للتوقعات: فقدان السمع أكثر شيوعاً في المناطق الريفية وفقاً لبحث جديد
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Eric Nicholas

في المدن، يشكّل صوت أبواق السيارات وعويل صفارات الإنذار وضجيج آلات الحفر ومترو الأنفاق، خلفية ثابتة للحياة الحضرية. وفي خضم هذا الضجيج المتواصل، تفترض بطبيعة الحال، أن حاسة السمع لدى سكان المدن سوف تتراجع تدريجياً، لكنك قد تكون مخطئاً. فعلى خلاف التوقعات، أشارت دراسة جديدة نُشرت في مجلة لانسيت للصحة الإقليمية (The Lancet Regional Health)، إلى أن فقدان السمع أكثر شيوعاً في المناطق الريفية.

مسار الدراسة: العوامل الديموغرافية المؤثرة في فقدان السمع الثنائي

حلل باحثون من منظمة البحوث الاجتماعية NORC في جامعة شيكاغو، بيانات أكثر من 20 مصدراً على مستوى الولايات المتحدة، بما في ذلك المسوحات الصحية الفيدرالية، وحددوا عدد المصابين بتراجع السمع الخفيف أو المتوسط ​​أو أي مستوى من فقدان السمع الثنائي (في كلتا الأذنين)، ووجدوا أن نحو 38 مليون أميركي يعانون فقدان السمع الثنائي، حيث تزداد نسبة الإصابة وفقاً لعدة عوامل:

  • المنطقة الجغرافية: بالنسبة للمنطقة الجغرافية، كان معدل الانتشار في المقاطعات الريفية مثل ويست فرجينيا وأركنساس، أكثر منه في المقاطعات المحيطة بمدن مثل واشنطن ولوس أنجلوس وشيكاغو.
  • التقدم في السن: بيّنت الدراسة أن فقدان السمع يبدأ من سن 35 عاماً، بمعدل 1 من كل 7 أميركيين، ويزداد حتى يصبح 1 من كل 1.4 فرد بعمر 75 عاماً فما فوق، في الفئات جميعها.
  • الجنس: أظهر الرجال الذين تزيد أعمارهم على 35 عاماً ضعفاً في السمع أكثر بكثير من النساء، وهو ما قد يكون وفقاً للباحثين بسبب مخاطر الضوضاء المهنية.
  • العِرق: كانت أعلى معدلات فقدان السمع التي وجدها العلماء بين العِرق الأبيض غير اللاتيني.

اقرأ أيضاً: دراسة: علامات تقدم السن تظهر على أدمغة المراهقين بسبب الجائحة

لماذا يعتبر أبناء المناطق الريفية أكثر عرضة لخطر فقدان السمع؟

يُعدُّ التعرض للضوضاء الصاخبة السبب الأكثر شيوعاً لفقدان السمع، حيث يرتبط مقدار الإصابة بـ 3 عوامل أساسية:

  • مدى ارتفاع الصوت.
  • قرب الصوت.
  • عدد مرات سماع الصوت.

إليك مثالاً: لكي تفقد السمع بتأثير ضجيج مترو الأنفاق لا بُدَّ أن تركبه مدة 6 ساعات على الأقل، وهو ما قد يكون أمراً نادر الحدوث. في المقابل، يمكن لبضع طلقات نارية من بندقية الصيد أن تلحق الضرر بسمع الصيادين.

يوضّح عالم السمع نيكولاس ريد (Nicholas Reed): "تتضمن المهن في المناطق الريفية أعمالاً صاخبة مثل قطع الأشجار والنجارة، وصناعة التعدين والزراعة، التي غالباً ما تفتقر إلى تدابير متسقة لحماية السمع، على عكس المدن التي تفرض طبيعة المهن فيها على أصحاب الأعمال اتخاذ تدابير للحفاظ على سمع الموظفين".

ويضيف: "حتى الأنشطة الترفيهية مثل التزلج على الجليد وركوب الدراجات الترابية واستخدام الأسلحة النارية جميعها تمتلك عوامل الصخب الثلاثة من حيث شدة الصوت ومدته وقربه، أضف إلى ذلك قلة إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية السمعية المنتظمة، وتأخر الوقاية والعلاج المبكر في هذه المجتمعات،

وتمثّل هذه العوامل جميعها أسباباً أساسية للإصابة بفقدان السمع بدرجاته كافة.

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: ألعاب الفيديو تؤدي إلى فقدان السمع وطنين الأذن المزمن

الآثار الصحية لفقدان السمع في الريف

فقد اعتُبِر دائماً فقدان السمع أحد جوانب التقدم بالسن والشيخوخة، ولكن نظراً لتصنيف الدراسة الجديد للفئات الأكثر إصابة بفقدان السمع، قد يشكّل أو يشير إلى مشكلة صحية أكثر تعقيداً، إذ يرتبط فقدان السمع عادةً بمضاعفات أخرى، مثل:

  • زيادة العزلة الاجتماعية
  • زيادة خطر التعرّض للسقوط.
  • الإصابة بالخرف والاكتئاب.
  • إعاقة تطور الكلام واللغة لدى الأطفال.
  • التوتر الأسري.

يمكن تقليل الآثار الصحية السلبية المرتبطة بفقدان السمع من خلال استخدام معينات السمع، مثل أجهزة السمع وزراعة القوقعة الصناعية

الخبر السار، أنه ثمة طرق لمنع فقدان السمع الناجم عن التعرض للضوضاء أو تقليل فرص الإصابة به، باستخدام وسائل حماية السمع، حيث إن الاستخدام المستمر لها يمكن أن يقلل من خطر فقدان السمع. لذا تساعد تقديرات الدراسة على استهداف استراتيجيات الوقاية من فقدان السمع والتشخيص والعلاج.

اقرأ أيضاً: باحثون يكشفون السبب الحقيقي لطنين الأذن ويحددون الخطوة الأولى لعلاجه

يقول مؤلف الدراسة الرئيسي ديفيد رين (David Rein): "مع استمرار تقدم السكان في السن، أتوقع أن يعاني عددٌ أكبر من الأشخاص فقدانَ السمع، لكني آمل أن يسهم هذا البحث في المباحثات حول كيفية مساعدة الأشخاص على حماية أنفسهم من فقدان السمع وكيفية تطبيع فحص وعلاج فقدان السمع عبر الفئات العمرية المختلفة". بعبارة أخرى، يؤكد رين أهمية الاعتراف بفقدان السمع باعتباره مشكلة صحية عامة مهمة، لا سيّما مع تقدم السكان في العمر، مع زيادة الوعي بالفوارق الديموغرافية التي تؤثّر في الصحة السمعية لملايين الأشخاص حول العالم.

المحتوى محمي