ماذا يحدث عندما تصاب الخلايا بفيروسين تنفسيين في الوقت نفسه؟

3 دقائق
دراسة جديدة: يمكن لفيروسين تنفسيين الاندماج لتشكيل فيروس هجين مقاوم لجهاز المناعة
المراحل المبكرة من الإصابة بالإنفلونزا. مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

مع انتشار ثلاث جائحات مرضية في فصلي الخريف والشتاء، الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي (RSV) وفيروس كورونا، في الولايات المتحدة، يتعلم العلماء المزيد عن الفيروسات الهجينة والعدوى المرافقة التي تحدث عندما يصيب فيروسان الخلايا في نفس الوقت.

فيروس هجين يفلت من جهاز المناعة ويصيب خلايا الرئة

وفقاً لدراسة نُشرت في وقت سابق من الشهر الماضي في مجلة "نيتشر مايكروبيولوجي"، يمكن أن يشكل الفيروس المخلوي التنفسي وفيروس الإنفلونزا فيروساً هجيناً يمكنه الإفلات من أقوى دفاعات جهاز المناعة وإصابة خلايا الرئة. وهذه هي الدراسة الأولى التي تلاحظ إمكانية حصول هذا الاندماج بين الفيروسات. يعتقد الباحثون أن احتمال تشكل هجين فيروسي يمكن أن يفسّر تسبب العدوى المشتركة في مرض أسوأ عند بعض المرضى، مثل الالتهاب الرئوي الفيروسي الذي يصعب علاجه. نظراً لأن الالتهاب الرئوي الفيروسي ناجم عن فيروس وليس بكتيريا مثل الالتهاب الرئوي الجرثومي، فإنه لا يستجيب للعلاج بالمضادات الحيوية.

اقرأ أيضاً: مع توقّف ارتداء الكمامات: بعض الأمراض الفيروسية قد تعاود الانتشار

وفقاً للدراسة، تمثل الإصابات المشتركة بأكثر من فيروس واحد بين 10 و30% من جميع حالات العدوى الفيروسية التنفسية. تشيع هذه الأنواع من العدوى بين الأطفال بشكل خاص، ولا يزال تأثيرها السريري غير واضح. وفي هذا الصدد، تظهر بعض الدراسات السابقة أن العدوى المشتركة لا تغيّر من نتيجة المرض، بينما وجدت دراسات أخرى أنها تتسبب في زيادة حالات الالتهاب الرئوي الفيروسي.

تقول مؤلفة الدراسة الرئيسية من مركز إم آر سي لأبحاث الفيروسات بجامعة جلاسكو، جوان هاني، في بيان: «تعد فيروسات الجهاز التنفسي جزءاً من مجتمع يضم العديد من الفيروسات التي تستهدف جميعها نفس المنطقة من الجسم كبيئة مثالية لازدهارها. يجب علينا فهم كيفية حدوث هذه العدوى ضمن سياق بعضها البعض كي نحصل على صورة أشمل لبيولوجيا كل فيروس على حدة. وفي هذا الصدد، يمكن أن تساعدنا دراسات العدوى المشتركة في الاستعداد للجوائح المستقبلية من خلال فهم كيف يمكن لإدخال أحد الفيروسات أن يؤثر على الفيروسات المنتشرة الأخرى ويتفاعل معها».

استخدم الفريق خلايا رئة بشرية في المختبر لدراسة تفاعل فيروسات الإنفلونزا أ والفيروس المخلوي التنفسي مع بعضهما عندما يصيبان الخلايا في نفس الوقت. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تُعد فئة الإنفلونزا أ الفئة الوحيدة من فيروسات الإنفلونزا التي تسبب الجوائح.

اقرأ أيضاً: أكثر من مرض تنفسي: ما يحدثه كورونا في الجسم وخارج الرئة

كيف يتخفى الفيروس الهجين عن الدفاعات المناعية؟

اكتشف الفريق أن العدوى المشتركة بالإنفلونزا أ والفيروس المخلوي التنفسي في عينات خلايا الرئة المختبرية يمكن أن تنتج جسيمين فيروسيين هجينين جديدين يمكنهما الإفلات من المناعة. استخدم الفريق تقنيات التصوير المجهري فائق الدقة وتصوير الخلايا الحية والتصوير بالتجميد الإلكتروني (Cryo-ET) لمشاهدة جزيئات الفيروس الهجين. يحتوي الفيروس الهجين على عناصر أساسية من كلا الفيروسين، بما في ذلك معلوماتهما الوراثية. يمكن أن يصيب أحد جزيئات الفيروس الهجين خلايا جديدة مصابة بفيروس الإنفلونزا أ مستخدماً آلية الدخول التي يستخدمها الفيروس المخلوي التنفسي، والتي تتيح للفيروس التخفي عن الاستجابات المناعية الطبيعية للجسم.

تثبت النتائج أن جزيئات الفيروسات الهجينة يمكن أن تتشكل خلال الإصابة المشتركة للإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، ولكن لا يزال من غير المعروف ما إذا كان هذا الأمر يحدث أثناء العدوى البشرية الطبيعية بعيداً عن البيئة المخبرية.

اقرأ أيضاً: تعرف إلى داء الفيالقة الذي يصيب الجهاز التنفسي

يقول بابلو مورسيا من مركز إم آر سي لأبحاث الفيروسات بجامعة جلاسكو في بيان: «كان ذلك اكتشافاً غير متوقع ولكنه مثير للغاية ويتحدى معرفتنا بكيفية تشكل الجزيئات الفيروسية داخل الخلية. الخطوة التالية بالنسبة لنا هي معرفة ما إذا كانت الجسيمات الفيروسية الهجينة قد تشكلت في المرضى المصابين بعدوى مشتركة، وتحديد أي من مجموعات الفيروسات يمكن أن تنتج جزيئات فيروسية هجينة، لكن عملنا يقوم على افتراض أن عدداً قليلاً جداً من الفيروسات التنفسية يمكن أن يشكل فيروسات هجينة».

تشيع الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي أكثر خلال أشهر الشتاء. وتقدر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أن ما بين 8 إلى 13 مليون شخص سيصابون بالإنفلونزا هذا الموسم. من جانبها، تقدر المعاهد الوطنية للحساسية والأمراض المعدية (NAID) أن الفيروس المخلوي التنفسي يصيب 64 مليون شخص كل عام، حيث يمكن لبعضها أن يؤدي إلى حالات خطيرة وإجهاد مستشفيات الأطفال في العديد من الولايات.

المحتوى محمي