كيف يمكن استخدام الليزرات الصغيرة والسريعة لكشف أسرار عملية التركيب الضوئي؟

كيف يمكن استخدام الليزرات الصغيرة والسريعة لكشف أسرار عملية التركيب الضوئي؟
حقوق الصورة: أنسبلاش.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إنتاج الطاقة المتجددة سهل بالنسبة إلى النباتات؛ إذ تحوّل هذه الكائنات الخضراء اللون الماء وضوء الشمس وغاز ثنائي أوكسيد الكربون إلى وقود. وتحدث هذه العملية التي تحمل اسم “التركيب الضوئي” داخل بُنىً جزيئية صغيرة للغاية لدرجة أنها غير مرئية بالعين المجردة.

ولكن على الرغم من أن التركيب الضوئي سهل بالنسبة للنباتات، فإن فهم ما يحدث ضمنه بدقة صعب بدرجة مفاجئة بالنسبة إلى البشر. يعلم العلماء أن عملية التركيب الضوئي تتطلب وجود الإلكترونات ونقل الشحنة الكهربائية وحدوث بعض الظواهر الفيزيائية على المستوى الذريّ؛ لكن التفصيلات المتعلقة بما يحدث ضمنها وترتيب خطواتها غامضة قليلاً. حاول العلماء تفسير الطريقة التي يتّبعها النبات لتوليد الطاقة باستخدام مختلَف الأدوات من الرنين المغناطيسي النووي إلى الحواسيب الكمومية.

الليزر لتصوير خلايا النباتات الحية

وقال الزميل الباحث في مختبر كافندش في جامعة كامبريدج والمؤلف المشارك للدراسة الجديدة، تومي بيكي (Tomi Baikie)، لموقع إرثر (Earther) إن الدراسة التي شارك في تأليفها تعتمد على نهج يقوم على إطلاق نبضات من ضوء الليزر على خلايا النباتات الحية لتصويرها. استطاع بيكي وزملاؤه رصد ما يُدعى بمراكز التفاعل في الخلايا النباتية باستخدام هذه التكنولوجيا (مراكز تفاعل التركيب الضوئي هي مجموعة البروتينات والأصباغ والمركبات الأخرى الكثيرة التي تُجري تفاعلات تحويل الطاقة الأولية ضمن عملية التركيب الضوئي). نُشرت نتائج الدراسة الجديدة في مجلة نيتشر (Nature) بتاريخ 22 مارس/ آذار 2023.

رسم متحرك لعملية التركيب الضوئي. مايري إيرز (Mairi Eyres).

وفقاً لبيان صحفي أصدرته جامعة كامبريدج؛ تمكّن الباحثون باستخدام التقنية الجديدة من مراقبة سلوك الإلكترونات في عملية التركيب الضوئي بدقة، ورصد “تدفق الطاقة في الخلايا الحية التي تُجري هذه العملية على مقياس الفمتوثانية” (الفمتوثانية هي جزء من ألف تريليون جزء من الثانية).

اقرأ أيضاً: كيف يساعد التطفل بعض الأنواع على الانتشار؟

التركيب الضوئي: عملية ما تزال مجهولة التفاصيل

مكّنت القدرة على مراقبة الإلكترونات بهذه الدقة العلماء من رصد المواقع التي تنفلت فيها الإلكترونات من المركب البروتيني (أو المعقّد البروتيني؛ وهو مجموعة تتألف سلسلتين أو أكثر من متعددات الببتيدات المرتبطة) واكتشاف كيفية تحرّك الشحنات عبر سلسلة التفاعلات الكيميائية. قالت منسقة الدراسة الجديدة، جيني تشانغ (Jenny Zhang) في البيان الصحفي السابق الذكر: “تَبيّن أن المعلومات التي نعرفها عن التركيب الضوئي أقل مما كنا نعتقد؛ كما أن مسار انتقال الإلكترونات الذي اكتشفناه في الدراسة الجديدة مفاجئ للغاية”.

مجالات واعدة لتعديل عملية التركيب الضوئي وإنتاج وقود صديق للبيئة

كتب الباحثون في الدراسة أن كشف التعقيدات الدقيقة لهذه العملية الطبيعية: “يفتح مجالات جديدة لتعديل عملية التركيب الضوئي الحيوية، ويخلق رابطاً بين التركيب الضوئي الحيوي والتركيب الضوئي الاصطناعي”. يعني ذلك أن الباحثين قد يتمكنون في المستقبل من استخدام المعلومات التي توصلوا إليها في الدراسة الجديدة لإعادة تصميم النباتات بطريقة تزيد من قدرتها على تحمل الشمس، أو التوصل إلى طرائقَ جديدة لتصنيع الوقود الضوئي الأقل تلويثاً للبيئة الذي يمكن أن يستخدمه البشر.

اقرأ أيضاً: دراسة تبشر بآفاق واعدة لاستخدام زيت الطحالب بدلاً من زيت النخيل

وعلى الرغم من أن إمكانيات الاستفادة من عملية التركيب الضوئي تخمينية أكثر مما هي عملية، يشعر مؤلفو الدراسة الجديدة بالحماس حيال إمكانات تقنية التحليل الطيفي الفائق السرعة لأنها توفر “معلومات كثيرة” عن “التفاعلات في الأنظمة الحية”. أبلغ موقع بوبيولار ساينس من قبل عن أن: “استخدام النبضات الفائقة القِصر في التحليل الطيفي يتيح للعلماء رصد الجزيئات والذرات بدقة، ودراسة العمليات التي تستغرق فترات زمنية بالغة القصر بعمق”.