يُقدّر تقرير عالمي لمرض ألزهايمر منشور عام 2015، أنه من المتوقع إصابة 74.7 مليون شخص حول العالم بمرض ألزهايمر بحلول عام 2030، و131.5 مليون بحلول عام 2050، ويُعدُّ مرض ألزهايمر أحد أشكال الخرف الأكثر انتشاراً؛ حيث يشكّل 60-70% من حالات الخرف، ويُصنَّف الخرف سابع الأسباب الرئيسة للوفيات حول العالم وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، ويكلّف القطاعات الصحية العالمية مليارات الدولارات سنوياً.
لذا من المهم الوقاية منه ومحاولة التصدي له بالوسائل الممكنة كافة. وبهذا الصدد، ذكرت عدة أبحاث حديثة مؤخراً أن التطعيم ضد الإنفلونزا وغيرها من الأمراض قد يشكّل عاملاً وقائياً فعّالاً ضد الإصابة بمرض ألزهايمر، إليك تفاصيل هذه الأبحاث في هذا المقال.
اقرأ أيضاً: ما العلاقة بين إهمال تنظيف الأسنان والإصابة بألزهايمر؟ دراسة حديثة تُجيب
لقاح الإنفلونزا وغيره من اللقاحات تقي من الإصابة بمرض ألزهايمر
نشر باحثون من مركز العلوم الصحية بجامعة تكساس دراسة تكميلية في سبتمبر/أيلول 2023، عن دراسة سابقة راجعوا فيها سجلات التطعيم لأكثر من 1.6 مليون مريض يبلغون من العمر 65 عاماً فما فوق، ووجدوا أن الأشخاص الذين تلقّوا لقاح الكزاز والخناق والسعال الديكي، ولقاح القوباء المنطقية و/أو لقاح المكورات الرئوية انخفض خطر إصابتهم بمرض ألزهايمر بشكلٍ كبير لبعد 8 سنوات لاحقة لتطعيمهم مقارنة بالأشخاص الذين لم يتلقّوا تلك اللقاحات وهذه المدة التي غطتها الدراسة.
كما وجدوا تراجعاً بخطر الإصابة بالخرف لدى أولئك الذين تلقّوا لقاح الكزاز والخناق والسعال الديكي بنسبة 30%، بينما خفّض لقاح القوباء المنطقية الخطر بنسبة 25% ولقاح المكورات الرئوية بنسبة 27%، وهذا التأثير الوقائي يستند إلى تحليل موجود ضمن الدراسة نفسها لمقالات بحثية سابقة، وجدوا من خلالها ارتباط مجموعة متنوعة من الأمراض المعدية الناشئة عن الإصابة بالبكتيريا والفيروسات مع زيادة خطر تطور الخرف عند كبار السن، وتشمل هذه الأمراض ما يلي:
- الالتهاب الرئوي.
- التهابات الهربس.
- التهاب اللثة المزمن.
- التهابات المسالك البولية.
- التهابات الجهاز الهضمي.
- الإنتان.
- كوفيد-19.
فمن خلال الوقاية من الإصابة بهذه الأمراض، سيقل خطر الإصابة بالخرف وبشكلٍ خاص مرض ألزهايمر.
اقرأ أيضاً: التعرض للضوضاء المرورية يرتبط بارتفاع مخاطر الإصابة بالخرف
ما البحث الأساسي الذي استندت إليه هذه الدراسة التكميلية؟
أظهرت الدراسة الأساسية التي أجراها المركز البحثي نفسه، وشارك بها الدكتور عمر حسن، منسق الأبحاث في قسم طب الأعصاب وطالب في مركز إم دي أندرسون للسرطان بجامعة تكساس في أغسطس/آب 2022، أن الأشخاص الذين تلقّوا لقاحاً واحداً على الأقل ضد الإنفلونزا كانوا أقل عرضة بنسبة 40% للإصابة بمرض ألزهايمر على مدار 4 سنوات مقارنة بالأشخاص الذين لم يحصلوا على التطعيم.
وتبين أن قوة هذا التأثير الوقائي تزداد مع عدد السنوات التي يتلقّى فيها الشخص لقاح الإنفلونزا السنوي، وكان مرض ألزهايمر في أدنى مستوياته بين الأشخاص الذين تلقوا لقاح الإنفلونزا بشكلٍ مستمر كل عام.
استمرت الدراسة مدة 4 سنوات وفق مدة الدراسة، وشارك فيها نحو 1.8 مليون شخص، تبين فيها أن 5.1% فقط من المرضى الذين طُعِم ضد الإنفلونزا قد أصيبوا بمرض ألزهايمر، بينما أصيب 8.5% من المرضى غير المطعمين بمرض ألزهايمر في أثناء فترة الدراسة، وتؤكد نتائج هذه الدراسة التأثير الوقائي للقاح الإنفلونزا ضد مرض ألزهايمر.
لكن الآليات الأساسية لهذا الارتباط الوقائي لا تزال بحاجة إلى الدراسة، فهناك عدة لقاحات قد تحمي من مرض ألزهايمر، لذا قد لا يكون التأثير محدداً للقاح الإنفلونزا، ومن الممكن أن تغيرات جهاز المناعة التي تنشأ عند الإصابة ببعض الحالات المرضية مثل الالتهاب الرئوي المرتبط بالإنفلونزا، قد تجعل حالة مرض ألزهايمر أسوأ.
اقرأ أيضاً: هل يزداد احتمال إصابة النساء بداء ألزهايمر بعد سن اليأس؟
كيف يمكن للقاح الإنفلونزا أن يسهم في الوقاية من الإصابة بالخرف؟
وجدت دراسة أجريت في سبتمبر/أيلول عام 2021 من كلية الطب بجامعة سانت لويس، ارتباطاً مشابهاً بين لقاحات الإنفلونزا وانخفاض خطر الإصابة بالخرف، وهذا يتوافق مع الفرضيات التي تنصُّ بأن التطعيمات قد تقلل من خطر الإصابة بالخرف عن طريق تدريب الجهاز المناعي وتعزيزه بشكلٍ عام، وليس عن طريق الوقاية من أمراض معدية معينة كالإنفلونزا، وفي حال اعتُمِدت لقاحات وقائية للإصابة بالخرف، فذلك سيجعلها من الطرق الأكثر فاعلية في الوقاية منه بالإضافة إلى أنها غير مكلفة وآمنة صحياً.
اقرأ أيضاً: هل هناك علاقة بين ارتفاع معدل سكر الدم والكوليسترول والإصابة بداء ألزهايمر؟
تقدّم هذه الدراسة اقتراحاً لآلية وقاية لقاحات الإنفلونزا من الإصابة بالخرف، لكنها بحاجة إلى المزيد من البحث والتأكيد لإيجاد الطرق الجزيئية التي تُحدث بها اللقاحات تأثيرها الوقائي الذي تقوم به، ومن الممكن بعد فهم التفاصيل الدقيقة لهذا الارتباط الوقائي أن تتمكن الجهات البحثية الطبية من تطوير علاجات أكثر كفاءة ونوعية لمرض ألزهايمر، أو ستصُمِّم لقاحات نوعية للوقاية من الإصابة به.