يمكن أن تتسبب الموسيقى في حفل موسيقي صاخب والضوضاء الناجمة عن الأدوات في مواقع البناء وأصوات الأسلحة النارية بفقدان السمع الناجم عن الضوضاء. يمكن أن تتطور الإصابات الرضية الحادة في الأذن الناجمة عن الأصوات العالية إلى بعض الحالات الأخطر مثل طنين الأذن واحتداد السمع. يسمع المصابون بطنين الأذن رنيناً أو طنيناً غير موجود، في حين يشعر المصابون باحتداد السمع عموماً بأن مستويات الصوت الطبيعية تتسبب بالألم.
يقول طبيب الأنف والأذن والحنجرة في جامعة بيتسبرغ، ثانوس تزونوبولوس، لبوبساي: "فقدان السمع الناجم عن الضوضاء شائع للغاية وموهن. تعد الضوضاء من الأسباب الرئيسية لفقدان السمع، ويعاني شخص من أصل كل 5 أشخاص على مستوى العالم من هذه الحالة. فقدان السمع، وخصوصاً فقدان السمع الناجم عن الضوضاء، حالة رائجة للغاية، لكن آلياته البيولوجية ليست مفهومة تماماً".
شارك تزونوبولوس في تأليف دراسة جديدة ركّز فيها على هذا النوع من فقدان السمع، واكتشف في البحث الآليات الجزيئية الكامنة وراء فقدان السمع الناجم عن الضوضاء لدى الفئران، وأثبت أنه يمكن استخدام الأدوية لتخفيف شدة أعراضه. فُصّلت النتائج الجديدة في دراسة نشرت بتاريخ 12 فبراير/شباط 2024 في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (Proceedings of the National Academy of Sciences).
اقرأ أيضاً: خلافاً للتوقعات: فقدان السمع أكثر شيوعاً في المناطق الريفية وفقاً لبحث جديد
ما علاقة الزنك بفقدان السمع؟
الزنك هو من المواد الغذائية الأساسية للكائنات الحية؛ إذ إنه يؤدي أدواراً في الجهاز المناعي ووظيفة الاستقلاب وحاستي التذوق والشم، كما أنه يسهم في التئام الجروح.
يرتبط نحو 90% من الزنك في جسم الإنسان بالبروتينات ويساعدها على الحفاظ على بنيتها ووظيفتها، في حين تحمل نسبة الـ 10% المتبقية اسم الزنك الحر. لا يرتبط هذا الزنك الحر بالبروتينات، وهو يُخزَّن في حويصلات صغيرة داخل الخلايا، كما يمكن أن يتسبب الخلل في تنظيم نسبه بمشكلات على المستوى الخلوي.
يقول تزونوبولوس: "بيّنت الدراسات السابقة أن الخلل في تنظيم إشارات الزنك يمكن أن يتسبب بانحلال الخلايا والموت ويسهم في حالات مثل نقص التروية وتنكس العصب البصري".
فخٌ زنكي
استخدم الفريق في الدراسة الجديدة الفئران لتحديد إن كان الخلل في تنظيم الزنك يؤدي دوراً في الضرر الذي يمكن أن تتسبب به الضوضاء العالية للأذن الداخلية. لاحظ الباحثون أن خلايا الفئران تفرز كمية كبيرة من الزنك في الفراغات بينها بعد بضع ساعات فقط من تعريض الفئران للأصوات العالية. تسببت كمية الزنك الإضافية هذه بالضرر للخلايا في النهاية، وأدت إلى اضطراب التواصل الطبيعي بينها.
اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: ألعاب الفيديو تؤدي إلى فقدان السمع وطنين الأذن المزمن
بعد ذلك، منح الباحثون الفئران مركباً بطيء الإدخال (أي يُدخل إلى الجسم ببطء خلال فترات طويلة) يحصر الزنك الحر بطريقتين، عبر الأذن الداخلية للفئران أو عبر بطونها. كانت الفئران التي تلقّت هذا المركب أقل عرضة لفقدان السمع، وتمتّعت بوقاية من الضرر الناجم عن الضوضاء.
يقول تزونوبولوس: "تشير فعالية الخيارين في حماية الفئران من فقدان السمع إلى أنه بالإمكان في المستقبل تطوير دواء يستطيع أي أحد تناوله قبل التعرض للأصوات العالية بهدف الحماية من فقدان السمع. يمكننا تخفيف شدة أعراض فقدان السمع بعد التعرض للضوضاء وحتى الوقاية من فقدان السمع من خلال تناول هذا الدواء قبل التعرض لها".
كيفية الوقاية من فقدان السمع
يطوّر الفريق حالياً علاج مخصصاً لدراسات السلامة قبل السريرية، ويهدف في النهاية إلى طرحه ضمن الأدوية المتاحة دون الحاجة إلى وصفة طبية للوقاية من فقدان السمع. وفقاً لأبحاث تزونوبولوس، يؤدي التعرض للصوت الذي تبلغ شدّته 100 ديسيبل فقط، مثل ذلك الصادر عن مباراة كرة قدم أو جزازات العشب، إلى تحفيز الإفراز السريع للزنك الذي يتسبب بالضرر للأذن الداخلية والمشكلات في السمع.
يقول تزونوبولوس: "الوقاية هي أفضل طريقة للحماية من فقدان السمع. يجب دائماً ارتداء سدادات الأذن في الحفلات الموسيقية أو الأماكن المتوقع أن تسودها الضوضاء". وتشمل الإجراءات الأخرى خفض مستوى الموسيقى المشغّلة في سماعات الرأس والحد من التعرض المفرط للضوضاء وتجنّبها كلما أمكن.