عندما يتجادل عشاق القهوة حول طريقة التخمير المثلى لتحضير هذا المشروب، يتركز الجدل غالباً حول العلاقة بين طرق التحميص ومستويات الكافيين. لكن بعد سلسلة من الاختبارات الحديثة في المختبر، يعتقد الباحثون أنهم حددوا مزيجاً من العوامل التي تؤدي إلى تحضير الكوب المثالي الذي يجمع بين النكهة والقدرة على التنشيط، وقد تهمّ النتائج المتعصبين للقهوة المحضرة بالتحميص الداكن.
قال الأستاذ المساعد للفيزياء في كلية بيري في جورجيا، زاكري ليندسي، في بيان صحفي: "منذ أكثر من 20 عاماً، سمعت أحد محضّري القهوة يدّعي أن طريقة التحميص الداكن تُنتج حبوباً تحتوي على نسبة أكبر من الكافيين، ولكن بعد عقد من الزمن، سمعت فكرة مناقضة تنص على أن طريقة التحميص الخفيف هي الأفضل من حيث محتوى الكافيين. مع ذلك، لم أتمكن من العثور على أي بيانات مقنعة".
اقرأ أيضاً: كيف يزيل الخبراء الكافيين الضار من القهوة؟
العلاقة بين الخصائص الكيميائية والفيزيائية لحبوب البن بالنظر إلى طرق التحميص والتخمير المختلفة
حلل فريق ليندسي مؤخراً العلاقة بين الخصائص الكيميائية والفيزيائية لحبوب البن من خلال طرق التحميص والتخمير المختلفة. على الرغم من أن التجربة الجديدة ركّزت فقط على حبوب البن الإثيوبية الطبيعية والمغسولة والمعالجة، فقد فحص الباحثون 5 أنواع من الحبوب المحمصة المخمرة على مدى دقيقة واحدة ودقيقتين وعشر دقائق باستخدام آلة وبنسبة ماء إلى قهوة تبلغ 15 إلى 1.
قال ليندسي: "كان الهدف الرئيسي عند اختيار طريقة التخمير هو تطبيق عملية تنتج مشروبات مخمرة تتمتع بمجموعة واسعة من عائدات الاستخلاص على نحو متناسق من خلال تغيير وقت التخمير فقط".
تقدم النتائج التي نشرتها مجلة ساينتفيك ريبورتس (Scientific Reports) نظرة تفصيلية في 30 تركيبة فريدة من القهوة على المستويات المجهرية والكيميائية. استخدم ليندسي وزملاؤه تقنية الاستشراب السائل المرتفع الأداء (HPLC) لتقييم التركيب الجزيئي للمركبات القابلة للذوبان مثل الكافيين وأحماض الكلوروجينيك. يفصل الخبراء في هذه العملية مركبات المشروب المخمّر وفقاً لتفاعلاتها مع مادة قياسية بهدف قياس التركيز. صوّر الباحثون أيضاً الحبوب الكاملة والمطحونة بالمجهر الإلكتروني الماسح لإلقاء نظرة فاحصة على المسامية وحجم الحبوب، ما سلّط الضوء أكثر على كيفية التأثير المادي للتحميص في القهوة.
وأخيراً، استخدم الفريق قياس الانكسار (أي قياس انحناء الضوء) لتحديد إنتاجية استخلاص التخمير. وفقاً للدراسة، السمات مثل محتوى الكافيين ناتجة عن علاقات معقدة بين طريقة تحميص البن وقابلية المركبات العضوية فيه للذوبان في الماء.
قال ليندسي: "يزداد كل من حجم ومسامية بذور القهوة مع تقدم عملية التحميص، ما يجعل تحرك المركبات داخل النظام أو خارجه سهلاً".
كيف يؤثر التحميص والتخمير في جودة القهوة؟
على سبيل المثال، تزداد المسامية، وهي مقياس للفراغات في حبيبات القهوة، مع ازدياد مدة الطحن، ويعني ذلك أن نسبة أكبر من المساحة السطحية لكل حبيبة من حبيبات القهوة تكون معرضة للماء. لكن عندما يتعلق الأمر بالكافيين، أنتجت طريقتا التحميص الخفيف والمتوسط مستويات أعلى وسطياً مقارنة بالتحميص الداكن عبر عينات طيف التحميص. بيّن فريق ليندسي أن سبب ذلك هو كمية الكافيين المفقودة خلال العملية. مع ذلك، أنتجت عمليات التحميص الداكن مستويات أعلى من الكافيين مقارنة بعمليات التحميص الأخف عندما كانت المسامية وعوائد الاستخلاص ثابتة في الأصناف جميعها.
قال ليندسي: "على الرغم من أن الباحثين ناقشوا التفاعل بين درجة التحميص ومحتوى الكافيين أكثر من 20 مرة في الأدبيات العلمية، تنص الفرضية السائدة على أن الكافيين يظل مستقراً في أثناء عملية التحميص. مع ذلك، اكتشفنا في دراستنا علاقة واضحة بين درجة التحميص ومحتوى الكافيين وعائد الاستخلاص".
كما هي الحال في المسائل المتعلقة بالتفضيلات، يعتمد مشروب القهوة المخمر المثالي بالنسبة لك على ذوقك الشخصي في نهاية المطاف (أو إمكانية وصولك إلى أجهزة تحضير القهوة بالموجات فوق الصوتية)، ولكن إذا كان هدفك الرئيسي هو الحصول على الطاقة التي تحتاج إليها بشدة، يقترح ليندسي تحضير القهوة المتوسطة التحميص للحصول على أكبر قدر ممكن من الكافيين لكل كوب.