تواجه الرعاية الصحية في الوقت الراهن العديد من التحديات والضغوط الكبيرة لخفض التكاليف المرتبطة بتقديم الخدمات الصحية، وتم طرح فكرة "اعتماد الرعاية الإلكترونية" كحل لهذه التحديات وكأسلوب أسرع في إيصال البيانات الطبية ومشاركتها بسرعة مع الآخرين ومع الأنظمة الصحية الأخرى وحفظها بشكل أكثر أماناً. وكان إنشاء "سحابة إلكترونية" الحل الأكثر مرونة والأكثر قابلية للتوسع للوصول الشامل إلى البيانات الطبية في أي مكان وفي أي وقت تبرز الحاجة للمعلومات فيه. وهذا ما أوضحته دراسة مشتركة، أجرتها جامعة العين الإماراتية وجامعة بيتسبرغ الأميركية.
في العادة، لا تحتفظ المؤسسات بخوادمها وأجهزتها المكتبية الخاصة لأكثر من 2 إلى 3 سنوات وهذا أمر يحتمل إعادة التفكير، إذ توجد مجموعة واسعة من الفوائد المترافقة مع الاحتفاظ بذواكر هذه الأجهزة، إلّا أنه لم يتم إدراك أهمية هذا الأمر إلّا بعد مواجهة مجموعة من المعوقات المرتبطة بمتطلبات القطاع الصحي الآخذ بالنمو مثل الميزانية الضخمة اللازمة لجمع وحفظ البيانات وغيرها، ولذلك تم تبني حلول إلكترونية مختلفة أكثر اقتصادية وعملية مثل السجلات الصحية الإلكترونية وتبادل المعلومات الصحية وأدوات التحليل.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يحقق نصراً جديداً في قطاع الرعاية الصحية
الصحة الإلكترونية
يدمج مصطلح "الصحة الإلكترونية" مجموعة من المفاهيم بما في ذلك العمليات الصحية والمعلومات والتكنولوجيا والتجارة، إذ تشير الصحة الإلكترونية إلى الرعاية الصحية كعملية وليست كنتيجة. عرّفت منظمة الصحة العالمية "الصحة الإلكترونية" على أنها الاستخدام الفعال والآمن للمعلومات والاتصالات لدعم كلاً من الصحة وجميع المجالات ذات الصلة بها بما في ذلك خدمات الرعاية الصحية والمراقبة الصحية والتثقيف الصحي.
كما حددت "المفوضية الأوروبية للصحة الإلكترونية" تعريفها على أنه استخدام تقنيات الاتصال الحديثة لتبادل المعلومات وتلبية احتياجات المرضى والمتخصصين في الرعاية الصحية ومقدمي الرعاية الصحية إضافةً إلى صانعي السياسات، وذلك من خلال القدرة على البحث والعثور على المعلومات الصحية وفهمها وتقييمها من المصادر الإلكترونية وتطبيق المعرفة المكتسبة لمعالجة المشاكل الصحية وحلها.
يتكون مصطلح الصحة الإلكترونية من أربع مجموعات، وذلك حسب تقرير فريق عمل الصحة الإلكترونية التابع للمفوضية الأوروبية، وهي:
- نظم المعلومات السريرية: وهي أدوات متخصصة تساعد أخصائي الرعاية الصحية داخل المؤسسات، كما تتضمن أدوات الرعاية الأولية لمؤسسات الرعاية الخارجية. إضافةً إلى أدوات نظم الأشعة والتصوير الطبي بمساعدة الحاسوب والتدريب على الجراحة.
- أنظمة التطبيب عن بعد والرعاية المنزلية: أي مراقبة حالة المريض عن بعد من المستشفى إلى المنزل وبالعكس.
- شبكة المعلومات الصحية الوطنية المتكاملة: وهي أنظمة السجلات الصحية الإلكترونية والوصفات الطبية الإلكترونية والإحالات الإلكترونية.
- الاستخدام الثانوي للأنظمة غير السريرية: والتي تتكون من أنظمة الصحة وأنظمة الباحثين التخصصية وبيانات الصحة العامة.
اقرأ أيضاً: مستقبل الصحة: 4 طرق سيُحدث بها الذكاء الاصطناعي ثورة في الرعاية الصحية
أهداف تطبيق السياسات الصحية الإلكترونية
تم تبني هذه السياسة نظراً للخصائص الإيجابية المتنوعة والتي ستساعد الأنظمة الصحية في تخطي عقبات نموها، ومن أبرز هذه الخصائص نذكر:
- الكفاءة: زيادة الكفاءة في وسائل الرعاية الصحية وتقليل التكاليف والجهود.
- تحسين جودة الرعاية: من خلال السماح بإجراء المقارنات بين مختلف مقدمي الخدمات وتوجيه المرضى إلى أفضل مزودي الخدمة.
- الفعالية في العمل.
- تمكين المستهلكين والمرضى من معرفة قواعد الطب الشخصي والإلكتروني وسهولة الوصول إلى سجلاتهم عبر الإنترنت.
- مشاركة بعض القرارات: الأمر الذي يعزز العلاقة بين المريض والطبيب ويُشعر المريض بأنه جزء من السياسة التشخيصية والعلاجية.
- توفير منصات للتعليم عبر الإنترنت.
- تمكين تبادل المعلومات والاتصالات بطريقة موحدة.
- توسيع فرصة الرعاية الصحية بما يتجاوز حدودها التقليدية.
- الإنصاف: أحد وعود الصحة الإلكترونية الأساسية هي جعل الرعاية الصحية أكثر إنصافاً.
"السحابات الإلكترونية" النهج الاقتصادي الجديد
أصبحت السحابات الإلكترونية نهجاً عالمياً، تقوم باستقبال المعلومات وحفظها ومن ثم إرسال الأوامر وتقديم الطلبات باستخدام شبكة الإنترنت. تتطلب وجود حواسيب مركزية وشخصية وأنظمة حوسبة خادمة للعميل والأنظمة المستندة إلى الويب.
تعتبر السحابة الإلكترونية نموذجاً يساعد في تحقيق الراحة عند الطلب وتسهيل الوصول إلى الشبكة، الأمر الذي يزيد من الموارد التي يمكن إصدارها ويزيد من سرعة الحصول على الرد عند تقديم الطلب، كما يقلل من جهد الإدارة إلى الحد الأدنى المطلوب موفراً بذلك الكثير من الجهد. للسحابة الإلكترونية خصائص وميزات عدة نذكر أهمها:
- الذاتية عند الطلب: يمكن للسحابة تخصيص وتحديد قدرات وموارد الحوسبة مثل وقت الخادم وعرض النطاق الترددي للشبكة وبشكل ذاتي.
- الوصول إلى شبكة واسعة من الموارد.
- تجميع الموارد: يقدم مقدمو الخدمات السحابية خدمات متعددة للمستهلكين من خلال تقسيم الموارد والتكاليف، الأمر الذي يزيد من القدرة ويحسن من كفاءة الاستخدام.
- المرونة: مرادف آخر لقابلية التوسع السريع، حيث يمكن للسحابة تلبية الاحتياجات المختلفة بسرعة.
- التمويل المدروس حسب الاستخدام.
اقرأ أيضاً: أفضل الطرق لإنشاء نسخة احتياطية من صورك على السحابة الإلكترونية
أنواع السحابات الإلكترونية
للسحابة الإلكترونية 4 نماذج تتيح توسيع أنماط الاستخدام والمشاركة، وهي:
- الاستخدام الفردي: إذ يتم تشغيل السحابة وإدارتها حصرياً بواسطة مستهلك واحد.
- الاستخدام الجماعي: والذي يتيح مشاركة سحابة المجتمع من قبل العديد من المؤسسات داخل مجتمع واحد مثل الصحة أو التعليم أو حتى المنظمات الحكومية.
- السحابة العامة: والتي تعود لمؤسسة واحدة وتكون خدمتها متاحة لعملاء هذه المؤسسة.
- السحابة الهجينة: عبارة عن مركب من اثنين أو أكثر من أنواع السحابات الأخرى.
اقرأ أيضاً: كيف يوفر الغذاء الصحي المليارات من تكاليف الرعاية الصحية؟
مشكلات تطبيق السحابات الإلكترونية في القطاع الصحي
كأي سياسة حديثة، توجد مجموعة من المشكلات التي أعاقت تطبيق هذه السياسات في البداية إلّا أنها تُعالج الآن، ومن أبرز المشكلات التي تواجهها:
- الأمان والخصوصية: الأمان في السحابة أمر غاية في الأهمية، ويحتاج إلى النظر بعناية أثناء تنفيذ سحابة الصحة الإلكترونية.
- الوصول وإدارة الهوية: يمكن للعديد من المستخدمين الوصول إلى السحابة من مواقع مختلفة، إلّا أنه يجب أن تتم إدارة هذا الوصول المتاح بحذر ودقة نظراً لحساسية البيانات المعنية والهوية. ويجب أن تكون الأذونات والقواعد المخصصة مطابقة للمستخدمين وذلك لضمان المصادقة وتصاريح الدخول.
- حماية أمن البيانات: من النقطة التي تكونت فيها البيانات إلى أنظمة التشغيل والبنى التحتية ذات الصلة.
- اختراق العلامة التجارية.
اقرأ أيضاً: كيف تبحث عن ملفاتك في وسائط التخزين السحابية على الإنترنت؟
الفوائد المُستقبلية لتطبيق الرعاية الصحية الإلكترونية
بدأت بعض الفوائد من تطبيق الرعاية الصحية الإلكترونية بأن تصبح ملموسة، فقد لوحظ وجود تحسن كبير في جودة الخدمات الطبية وكفاءة العمليات الأمر الذي سيسهل من مشاركة البيانات عبر مناطق جغرافية متعددة المواقع وبين عدة مستخدمين في نطاق واحد أو نطاقات منظومات الرعاية الصحية المتعددة.
كما يقدم تطبيق السحابة الإلكترونية إدارة أفضل للتكلفة ويقلل من الحاجة إلى الطاقم الفني والدعم التكنولوجي داخل منظومات الرعاية الصحية، كما أن الوصول إلى المعلومات أصبح أسهل للجميع في أي مكان وفي أي وقت ولأي فرد من أفراد المنظومة الصحية.
نُشر هذا المقال استناداً إلى بحثٍ مقدّم من مركز "أبحاث الشباب العربي"