دراسة حديثة تحذّر من مواد كيميائية تخفّض خصوبة النساء بنسبة 40%

دراسة حديثة تحذّر من مواد كيميائية تخفّض خصوبة النساء بنسبة 40%
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Pao Laroid
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

للنساء اللواتي حاولن وما زلن يحاولن إنجاح حملهن، قد يكون سبب معاناتكن في الحمل هو التعرض لبعض المواد الكيميائية من مياه الشرب والعديد من المنتجات اليومية. هذا ما كشفت عنه دراسة جديدة قادها باحثون في مدرسة الطب في ماونت سيناي (Icahn School of Medicine at Mount Sinai) في الولايات المتحدة، ونُشرت في دورية ساينس أوف ذا توتال انفايرومنت (Science of The Total Environment). أشارت الدراسة إلى أن التعرض “للمواد الكيميائية الأبدية” قد يكون السبب في تراجع الخصوبة لدى النساء بنسبة تصل حتى 40%.

محاولات للإنجاب

أُجريت الدراسة على نحو 1032 امرأة من نساء سنغافورة ممن تتراوح أعمارهن ما بين 18-45 عاماً. كانت النسوة يحاولن الحمل في الفترة بين عامي 2015-2017، وشاركن في “دراسة سنغافورة السابقة للحمل لدراسة نتائج الأم والطفل طويلة المدى” (S-PRESTO).

خضعت كل من المشاركات لـ 3 جلسات مشورة ما قبل الحمل على مدى عدة أشهر، وفي العام التالي تلقين سلسلة من المكالمات لتتبع حالة الحمل. ثم أجرى الباحثون دراسة فرعية على 382 من المشاركات لتحديد مستويات مواد كيميائية تُعرف بالمواد الكيميائية الأبدية من نوع مواد السلفونات المشبعة بالفلور ألكيل (Per- and polyfluoroalkyl substances)، اختصاراً PFAS، في بلازما الدم، وقارنوا بين مستويات PFAS مع بيانات هؤلاء النسوة من حيث مقاييس:

  • الوقت اللازم حتى الحمل.
  • احتمال الحمل.  
  • احتمال ولادة حية.

استنتج الباحثون أن النساء اللواتي كانت لديهن نسب PFAS في الدم أقل من 25% انخفضت لديهن الخصوبة بنحو 5-10%. ومع ازدياد نسبة الـ PFAS في الدم كان الانخفاض في الخصوبة أكثر حتى وصل إلى نحو 30-40% في المتوسط.

اقرأ أيضاً: القرن المقبل يحمل انخفاضاً حاداً في الخصوبة وتقلص السكان عالمياً

ما هي المواد الكيميائية الأبدية PFAS؟

المواد الكيميائية الأبدية PFAS أو مواد السلفونات المشبعة بالفلور ألكيل، هي مجموعة لا يقل عددها عن 9000 مادة كيميائية من صنع الإنسان. وهي مواد معروفة بمقاومتها للحرارة والماء والزيت، لذا غالباً ما يتم استخدامها في الصناعة ومنتجات استهلاكية مختلفة منذ الأربعينيات، مثل:

  • أواني الطهي غير اللاصقة.
  • الأقمشة المقاومة للبقع.
  • رغوة مكافحة الحرائق.
  • تغليف المواد الغذائية.
  • منتجات العناية الشخصية.
  • الأجهزة الطبية والدهانات.

تمتاز هذه المواد بثباتها بسبب قوة الرابطة بين الفلوريد والكربون، بحيث تحتاج إلى آلاف السنوات لتتحلل، ما يسمح بازدياد تركيزها في البيئة باستمرار.

اقرأ أيضاً: هل تسبب العشبة الحلوة «ستيفيا» العقم؟ إليك أحدث الدراسات المتعلقة بها

مواد PFAS التي وجدت في دم المشاركات

من مواد PFAS التي عثر عليها الباحثون في بلازما الدم، ما يلي:

  • حمض البيرفلوروديكانويك (PFDA): ويعد أكثرها تأثيراً سلبياً على الخصوبة. يمكن أن يتعرض الإنسان بشكل عام لحمض PFDA في الطلاء وأنسجة السجاد والأرائك ومواد التغليف الغذائية.
  • حمض السلفونيك البيرفلوروكتاني (PFOS): يمكن إيجاده في رغاوي مكافحة الحرائق، وطلاء المفروشات والملابس المقاومة للبقع والماء، وزيوت التشحيم.
  • البيرفلوروكتانويك (PFOA): ويُستخدم في صناعة السيارات والإلكترونيات والأقمشة المقاومة للبقع.
  • حمض البيرفلوروهبتانويك (PFHpA): يُستخدم كخافض للتوتر السطحي في إنتاج البوليمرات الفلورية، مثل الطلاء ورغاوي مكافحة الحرائق والأقمشة المقاومة للماء والعزل الكهربائي وأشباه الموصلات.

كيف تؤثر PFAS على خصوبة النساء؟

على الرغم من أن الباحثين لم يحددوا طبيعة الارتباط ما بين مواد PFAS وانخفاض الخصوبة، فإنه وفقاً لقائد الدراسة الدكتورة داماسكيني فالفي (Damaskini Valvi)، وهي أستاذ مساعد في الطب البيئي والصحة العامة في مدرسة طب ماونت سيناي، يمكن لمواد PFAS أن تعطل الهرمونات التناسلية. علاوة على ذلك، ارتبط تأثير مواد PFAS بمخاطر تتجاوز التأثير على الخصوبة وبشكل خاص لدى النساء، مثل:

  • تأخر البلوغ.
  • زيادة خطر الإصابة بالانتباذ البطاني الرحمي.
  • متلازمة تكيس المبايض.
  • سرطان الثدي.
  • كما تم اكتشاف آثار لهذه المواد الكيميائية في الحبل السري والمشيمة وحليب الثدي، ما يدل على أنها تنتقل من الرحم إلى الجنين.

تدعم هذه النتائج الآثار الضارة لمواد PFAS على الجهاز التناسلي الأنثوي.

اقرأ أيضاً: دراسة: تعرّض الحامل للتعنيف المنزلي يؤدي لوضعها طفلاً ضعيفاً معرفياً

كيف يمكن تجنب مواد PFAS؟

تعد النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة، بمثابة تحذير لنساء العالم حول الآثار الضارة المحتملة لمواد PFAS عندما يخططن للحمل. نظراً لثبات هذه المواد قد يكون من الصعب التخلص منها، إلا أننا كمستهلكين، يمكننا أيضاً اتخاذ خطوات لتقليل تعرضنا لهذه المواد الكيميائية، مثل:

  • اختيار أدوات طهي من الفولاذ المقاوم للصدأ أو الحديد الزهر بدلاً من المقالي غير اللاصقة.
  • اختيار الألياف الطبيعية مثل القطن أو الصوف بدلاً من المواد الاصطناعية مثل البوليستر أو النايلون.
  • تجنب تناول الطعام في الخارج والوجبات السريعة لأنه يمكن أن تحتوي على مواد التعبئة على PFAS.

إذاً، تؤكد هذه الدراسة الجديدة الحاجة المُلحة لاتخاذ إجراءات بشأن التلوث بمواد PFAS وتأثيره على صحة الإنسان. تقول فالفي: “بمفردنا، لا يمكننا تجنب هذا التعرض تماماً. ما نحتاجه بالفعل حتى نكون قادرين على معالجة المشكلات الأكبر بشكل فعّال هو الحصول على لوائح أكثر صرامة تحظر وجود PFAS في المنتجات الاستهلاكية وتلك الموجودة في مياه الشرب في الولايات المتحدة وأيضاً على مستوى العالم”.