بطريقة ما، تمكنت حبوب الإفطار من أخذ حيزها الخاص على موائد الإماراتيين، بوصفها وجبة سهلة وسريعة التحضير، وصحية، أو هذا ما قد تعتقده!
أجريت دراسة بالتعاون بين جامعة أبوظبي والجامعة الأميركية اللبنانية حول محتوى رقائق الذرة، التي يجري تسويقها في الإمارات باعتبارها حبوباً للإفطار، من السموم الفطرية، أظهرت نتيجتها أن هذه الحبوب يمكن أن تؤثر سلباً في صحة الإماراتيين. قبل أن تصاب بالذعر وترمي مخزونك منها بالكامل، لنوضح أهم ما ورد في البحث.
ماذا اكتشف الباحثون؟ التفاصيل الدقيقة للسموم الفطرية
السموم الفطرية هي مواد كيميائية سامة تنتجها أنواع معينة من العفن (الفطريات) بصورة طبيعية، ويمكن أن تلوث الحبوب والبقوليات في أثناء النمو أو الحصاد أو التخزين أو المعالجة. وهي غير مرئية، ولا طعم لها، ومقاومة لمعظم طرق معالجة الأغذية؛ لذا ارتبطت بمجموعة من المشكلات الصحية، بدءاً من التسمم الحاد وصولاً إلى الآثار طويلة المدى مثل تثبيط المناعة وضعف النمو وحتى السرطان.
يعد الأطفال أكثر عرضة للإصابة بها؛ نظراً لارتفاع كمية الطعام التي يتناولونها مقارنة بوزن الجسم.
لذلك، عمل كل من نسرين علون وحسين حسن وكارين زغيب وكريستيل اسكندر وعلي شلق ومحمد أبيض، الباحثون في الدراسة الحديثة، على تحديد مستويات السموم الفطرية المختلفة في مجموعة من عينات رقائق الذرة التي جمعت من سوق الإمارات العربية المتحدة، باعتبارها الوجبة الأساسية للأطفال والإماراتيين عموماً على الإفطار.
فحص الباحثون 76 منتجاً مختلفاً من رقائق الذرة المتوفرة في متاجر الإمارات العربية المتحدة، وفحصوا وجود 5 سموم فطرية رئيسية باستخدام "تقنية مقايسة الممتز المناعي المرتبط بالإنزيم"ن وهي:
- الأفلانوكسين ب1: شديد السمية تنتجه أنواع معينة من فطريات الرشاشية أو أسبرجيلاس، وهو مادة مسرطنة قوية للكبد وملوث شائع للعديد من المحاصيل الغذائية، بما في ذلك الفول السوداني والذرة والمكسرات.
- أوكراتوكسين أ: ميكوتوكسين، وهو فطر سام تنتجه أنواع معينة من فطريات أسبرجيلاس والبنسليوم. يوجد في الحبوب والقهوة والفواكه المجففة، ويعرف بتأثيراته السامة للكلى والمثبطة للمناعة.
- زيارالينون: هوميكوتوكسين تنتجه بعض فطريات الفيوزاريوم، التي توجد عادة في حبوب مثل الذرة والقمح والشعير. يحاكي هذا السم تأثير هرمون الإستروجين في الجسم، ويمكن أن يعطل الجهاز التناسلي.
- الفومونيسينات: هو سم تنتجه بعض فطريات الفيوزاريوم، ويوجد في الذرة والحبوب الأخرى، وهي تشكل مصدر قلق كبير على صحة الحيوان والإنسان بسبب سميتها، حيث تصنف بعض الفومونيسينات على أنها مواد مسرطنة محتملة للإنسان.
- ديوكسينيفالينول: تسبب المستويات العالية منه الغثيان والقيء ومشكلات الجهاز الهضمي، ويوجد بكثرة في القمح والشعير والشوفان.
كما قيم الباحثون تأثير متغيرات مستقلة مختلفة، مثل بلد المنشأ، وظروف الإنتاج (درجة الحرارة يوم الإنتاج) ومدة التخزين والمكونات (وجود الشوكولاتة أو النخالة أو المكسرات). وكانت النتائج كالتالي:
- كانت معظم مستويات السموم الفطرية أقل من حدود السلامة في الاتحاد الأوروبي ومنظمة الغذاء والدواء الأميركية، باستثناء بعض المنتجات.
- تجاوز منتج واحد فقط الحد الدولي لهيئة الدستور الغذائي للفومونيسينات.
- المنتجات التي مصدر حبوبها الدول النامية، كانت أكثر عرضة للاحتواء على مستويات أعلى من الأفلانوكسين ب1.
- ازدادت مستويات السموم الفطرية مع ارتفاع درجات الحرارة وقت الإنتاج ووجود الشوكولاتة في المكونات.
اقرأ أيضاً: افطر كالملوك: تخطي الإفطار يرفع خطر إصابتك بالنوبات القلبية وإليك الحل
هل يجب عليك التخلي عن حبوب الإفطار؟
لم تقتصر الدراسة على الكشف عن مستويات السموم الفطرية فحسب، بل قيمت أيضاً الاستهلاك اليومي لهذه السموم الفطرية لسكان الإمارات العربية المتحدة بناء على أنماط الاستهلاك، بالإضافة إلى مخاطر الإصابة بسرطان الكبد المرتبط باستهلاك الأفلانوكسين ب 1، وأمراض الكلى المرتبطة بتناول أوكراتوكسين أ.
يساعد تحديد مستويات الاستهلاك على تقدير التعرض التراكمي لهذه السموم، والذي غالباً ما يكون أكثر إثارة للقلق من التعرض لجرعات عالية من جرعة واحدة.
كان متوسط الاستهلاك اليومي لرقائق الذرة في دولة الإمارات العربية المتحدة للبالغين بمتوسط وزن جسم 77 كيلوغراماً:
- 70 غراماً/يوم للمستهلكين اليوميين.
- 1.5 غرام/يوم للمستهلكين المنتظمين (عدة مرات في الأسبوع، ولكن ليس كل يوم).
- 0.25 غرام/يوم لعامة السكان (نادراً ما يستهلكون).
تشير هذه النتائج عموماً إلى أن مستويات التعرض لرقائق الذرة منخفضة نسبياً مقارنة بجرعاتها المرجعية، ما يشير إلى انخفاض المخاطر الصحية المباشرة.
أما بالنسبة للمخاطر الصحية، فكان المستهلكون اليوميون أكثر عرضة للإصابة بسرطان الكبد بسبب الأفلاتوكسين ب1، بينما انخفض خطر الإصابة بأمراض الكلى من المواد الكيميائية العضوية.
إذاً، إن استهلاك رقائق الذرة في دولة الإمارات العربية المتحدة ينتج عنه مخاطر صحية منخفضة فيما يتعلق بمعظم السموم الفطرية، باستثناء احتمال ارتفاع خطر الإصابة بسرطان الكبد الناتج عن الأفلاتوكسين ب1 لدى المستهلكين اليوميين.
اقرأ أيضاً: ما هي حبوب الإفطار؟ وكيف يمكن استهلاكها بأمان؟
ما الذي ينبغي للمستهلك فعله؟
على الرغم من المعايير الصارمة لسلامة الغذاء وفقاً للسلطات التنظيمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن مناخها الحار والرطب نسبياً نحو 8 أشهر سنوياً يعزز التلوث الميكروبي، بما فيه السموم الفطرية، لذا فإن اليقظة هي الأساس. إليك كيفية حماية نفسك وعائلتك:
- احرص على تنويع خيارات الإفطار: لا تعتمد فقط على الحبوب، بل جرب تناول أصناف جديدة، مثل الفواكه ومنتجات الألبان والحبوب الكاملة.
- تحقق من المنشأ: اختر العلامات التجارية ذات سجلات السلامة القوية، والمعروفة المصدر.
- التخزين السليم: احفظ الحبوب في مكان بارد وجاف، واستهلكها قبل تاريخ انتهاء الصلاحية.