كيف تستخدم الحيتان المسنّنة أصواتها للصيد؟

كيف تستخدم الحيتان المسنّنة أصواتها الدافئة كقوة عظمى للصيد؟
حوت أوركا بالغ يرفع رأسه من الماء لإلقاء نظرة على السطح ديبوزيت فوتوز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يمكنك التعرف على طبقة الصوت التي تسمى بالصرير بمجرد سماعها، فهي تشبه طريقة أداء المغنية بريتني سبيرز (Britney Spears) في أغنية بيبي، ون مور تايم (Baby, One More Time)، التي تتصدر قائمة أغاني التسعينيات كما تظهر في صوت كيم كارداشيان (Kim Kardashian)، حيث تنتشر هذه الطريقة في التحدث أو الغناء (وهي خروج الصوت المنخفض من الأنف) إلى حد كبير في الثقافة الشعبية.

حتى إنه تم سماع هذا الصوت في أعماق المحيط. حيث كشفت دراسة نشرت في 2 مارس/ آذار في مجلة ساينس (Science) أن الحيتان المسنّنة قد طوّرت نظاماً صوتياً من خلال دفع الهواء في الأنف، ويعمل في سجلات صوتية مختلفة.

الحيتان المسننة

تحتوي الحيتان المسنّنة (مثل حيتان العنبر وحيتان الأوركا أو الحوت القاتل وحيتان البيلوغاس أو ما يُعرف بالحوت الأبيض وغيرها) على 3 سجلات صوتية على الأقل، على غرار تلك الموجودة لدى البشر. وهي سجل الصرير (أو التلفظ النبضي) الذي يصدر نبرات صوتية منخفضة، وسجل الصدر (أو السجل النموذجي) الذي يصدر أصواتاً طبيعية للتحدث، وسجل الطبقة العالية أو ما يعرف بالفالسيتو (falsetto) الذي يصدر أعلى الترددات الصوتية.

يقول عالم الصوت في جامعة جنوب الدنمارك، كوين إليمانز (Coen Elemans)، المؤلف المشارك في الدراسة، في بيان صحفي: “في أثناء إطلاق صوت الصرير، تكون الحبال الصوتية مفتوحة لفترة قصيرة جداً، وبالتالي لا يتطلب الأمر سوى تنفس القليل جداً من الهواء لاستخدام هذا السجل”.

الأصوات التي يصدرها الحوت القاتل أو ما يعرف بالأورسينوس أوركا (Orcinus orca) تتفق مع هذه السجلات الصوتية الثلاثة. بضع نقرات لتحديد الموقع بالصدى، متبوعة بنداء وصافرة. حقوق الصورة: أولغا فيلاتوفا، جامعة جنوب الدنمارك.

نقرات تحديد الموقع بالصدى

يمكن لبعض الحيتان المسنّنة الغوص على عمق يزيد على 800 متر لصيد الأسماك. حيث تستخدم هذه الحيتان في أثناء الصيد في المياه العميقة والمظلمة نقرات تحديد الموقع بالصدى، وتكون هذه النقرات قصيرة ومدوية وفوق صوتية، وذلك للعثور على فرائسها ومطاردتها والإمساك بها. كما يمكن أن تصدر هذه الحيتان ما يصل إلى 700 نقرة في الثانية وتعمل مثل أجهزة الكشف عن الموجات الصوتية أو السونار لاستخدام الصوت لتحديد موقع الأشياء.

عندما تغوص الحيتان إلى أعماق تزيد على 400 متر، تنكمش الرئتان لتجنب انخفاض الضغط. ويتم الاحتفاظ بالهواء المتبقي في الممرات الأنفية داخل الجمجمة، ما يوفّر مساحة صغيرة ولكنها كافية للحيتان لإصدار صوت لتحديد الموقع بالصدى.

وفي أثناء تلك العملية، تضغط الحيتان على الهواء في أنوفها وتسمح له بالمرور عبر هياكل تسمى الشفاه الصوتية. حيث تهتز هذه الشفاه بالطريقة نفسها التي تهتز بها الحبال الصوتية البشرية ويؤدي تسارع اهتزازها إلى إنشاء موجات صوتية تنتقل عبر الجمجمة إلى مقدمة الرأس. تصدر الحيتان المسنّنة مجموعة متنوعة من الأصوات للتواصل الاجتماعي المعقد بالإضافة إلى تحديد الموقع بالصدى.

اقرأ أيضاً: خلافاً للاعتقاد الشائع: الثعابين قادرة على سماع أصوات البشر

الحيتان تستخدم أنوفها لإخراج الصوت لا حناجرها

يقول المؤلف المشارك، بيتر مادسن (Peter Madsen)، عالم أحياء الحيتان في جامعة آرهوس في الدنمارك، في بيان صحفي: “إن استخدام الهواء المتاح بهذه الطريقة يجعل هذا الصوت مثالياً لتحديد الموقع بالصدى، وفي أثناء الغوص العميق، يتم ضغط كل الهواء إلى جزء صغير جداً في مقدمة الرأس، وهكذا يسمح صرير الحيتان بالوصول إلى أغنى منافذ الطعام على وجه الأرض؛ في أعماق المحيط”.

رسم بياني يشرح طريقة إصدار الحيتان المسنّنة أصواتها. حقوق الصورة: ميكيل لاريس، جامعة جنوب الدنمارك.
رسم بياني يشرح طريقة إصدار الحيتان المسنّنة أصواتها. حقوق الصورة: ميكيل لاريس، جامعة جنوب الدنمارك.

اتضح في أواخر الثمانينات أن الحيتان المسنّنة تستخدم أنوفها لإصدار الأصوات، على عكس الثدييات الأخرى، التي تستخدم حنجرتها لتلك الغاية. وقد استخدم فريق البحث في هذه الدراسة المناظير الداخلية لمعرفة ما يجري داخل أنوف الحيتان، ووجدوا أن هذه الحيتان المسنّنة قد طوّرت نظاماً لإصدار الأصوات من خلال دفع الهواء عبر الأنف. استغرق تطوير التقنيات المستخدمة في هذه الدراسة نحو عقد من الزمن، ويشمل ذلك تصوير طريقة اهتزاز الشفاه الصوتية.

يقول إليمانز:”على الرغم من أن إصدار صوت الصرير قد يكون مزعجاً ومثيراً للجدل بين البشر، لكنه بلا شك ساعد على تطور الحيتان المسنّنة بشكل ناجح”.