يماثل اكتشاف نفرتيتي: الحوت المصري الذي فضل اليابسة وأخوه الذي أحب البحر

3 دقائق
اكتشاف حوت برمائي في مصر
الصورة: وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المصرية

أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المصرية عن تمكن فريق بحثي مصري من جامعة المنصورة بإشراف رئيس الجامعة، ومشاركة دكتور هشام سلام أستاذ الحفريات بجامعة المنصورة، ومؤسس مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية، والباحث عبدالله جوهر طالب الدراسات العليا بجامعة المنصورة، وبإشراف دكتورة ياسمين فؤاد؛ وزيرة البيئة، والدكتور محمد سامح؛ مدير عام محميات المنطقة المركزية بجهاز شئون البيئة، من تسجيل اكتشاف جديد لنوع من الحيتان البرمائية بالمياه المصرية يرجع لما قبل 43 مليون عام.

ذو فكٍ قوي: حوت اليابسة المصري

جاء في تقرير وزارة التعليم العالي المصرية أن هذا الاكتشاف يمثل طفرةً لعلماء الحفريات العرب؛ حيث أنه يُعد المرة الأولى في التاريخ التي يقود فيها فريق عربي مصري توثيق جنس ونوع جديدين من الحيتان، فقد قاد الدراسة عبدالله جوهر؛ طالب ماجستير في كلية العلوم بجامعة المنصورة، ونشر تفاصيل هذا الاكتشاف في دورية الجمعية الملكية العلمية المتخصصة في الحياة البرية.

أوضح التقرير أنه تم استخراج حفريات الحوت عام 2008 بواسطة فريق بحثي من خبراء وزارة البيئة برئاسة محمد سامح، وتم دراسة وتوثيق الحوت الجديد تحت إشراف ومتابعة ياسمين فؤاد، وهشام سلام، ولفت التقرير إلى أن الحوت البرمائي المكتشف يبلغ طوله 3 أمتار، ويزن نحو 600 كغ، وأُطلق على الحوت «فيومسيتس أنوبس»، وتم استخراجه من الفيوم، وأنه يمتلك العديد من الخصائص التشريحية التى مكّنته من التعايش في ذلك الوقت.

على مدار حوالي 10 ملايين سنة؛ تحول أسلاف الحيتان من ثدييات برية آكلة للأعشاب وشبيهة بالغزلان إلى حيتان آكلة اللحوم، وحوتيات مائية بالكامل، وفي هذا التطور الدرامي كان هناك البروتوسيتيدات؛ وهي حيتان الإيوسين التي تمثل مرحلةً شبه مائيةٍ فريدةً؛ والتي ينتمي إليها حوت «فيومسيتس أنوبس».

الحوت المصري يُعد بروتوسيتيد متوسط ​​الحجم، جديداً ومختلفاً، وتشير الميزات الفريدة للجمجمة والفك السفلي إلى القدرة على الافتراس بشكل أكثر كفاءةً من حالة البروتوسيتيد النموذجية؛ مما يعني أن الحوت كان لديه نمط غذائي قوي مثل الجوارح.

الحوت المصري في 2019: أحب البحر أكثر

وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المصرية

في عام 2019 تمكن فريق بحثي من وزارة البيئة المصرية وجامعة ميشيغان الأميركية، من اكتشاف حفرية لحوت مُبكر لم يكن معروفاً من قبل، عاش قبل 35 مليون عام، وعُثر عليها في منطقة وادي الحيتان في مصر، ونُشِرَت النتائج في دورية بلوس وان العلمية.

مثَّلت حفرية حوت 2019 حلقة وصل بين الحيتان البرمائية وأقرانها التي غادرت اليابسة بشكل دائم لتستقر في المحيطات، وأُطلِق على الحوت المكتشف «إجيكتوس جهينى»، ويبلغ طوله 4 أمتار تقريباً، ويزن 890 كغ تقريباً، وعاش في نهاية عصر الإيوسين، وبات عضواً جديداً في مجموعة الحيتان البرمائية ذات الأطراف الأربعة المعروفة البروتوسيتيدات؛ والتي عاشت من 49 مليون سنة مضت تقريباً.

استخرجت العينات الأولى من الحوت عام 2008، وتشير العينة إلى نتيجة تطوُّر الحيتان من خلال الانتقاء الطبيعي، ويعتقد الباحثون أن هذا الحوت سبح بجسده كلياً في الماء لفترات أطول من أسلافه، واستخدم عضلاته الجسدية بوصفها آلية دفع، ليتمكن من السباحة والغوص داخل الماء؛ لكن استخدام الذيل في السباحة لم يكن بالقوة نفسها حينها.

حيتان الفيوم البدائية: التشابه والاختلاف

من اليمين: هشام سلام وعبدالله جوهر ومحمد سامح. االصورة: وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المصرية

عثر على حفريات الحوتين في محافظة الفيوم في عام 2008، وينتمي كل منهما إلى البروتوسيتيدات؛ والتي عاشت في عصر الأيوسين، حوت إجيكتوس جهينى؛ والذي سمي بهذا الاسم نسبةً إلى مكان العثور عليه «جارة جهنم»؛ وهي منطقة في وادي الحيتان في الفيوم، استخدم أطرافه في السباحة أكثر من اليابسة؛ أي أنه فضّل الحياة المائية على الحياة البرية.

حوت فيومسيتس أنوبس؛ والذي اكتُشف في جنوب وادي الحيتان، وسُمي بهذا الاسم نسبةً إلى الإله أنوبيس إله الموت في الحضارة المصرية القديمة، عاش على اليابسة أكثر من الماء، ورغم كونه سباحاً ماهراً؛ إلا أنه امتلك أطرافاً قوية ساعدته على الحياة على اليابسة بشكل أكبر من الماء.

قال الدكتور هشام سلام؛ أستاذ الحفريات بجامعة المنصورة، والشريك في اكتشاف فيومسيتس أنوبس في تصريحات خاصة لبوبيولار ساينس - العلوم للعموم، إن كلا الحوتين من نفس الفصيلة؛ لكن الاجيكتوس أحدث عمراً، ويضيف سلام قائلاً: «كلاهما حيتان بدائية برمائية؛ لكن الاختلاف في أشياء كثيرة، في الجمجمة، والفقرات الصدرية والفقرات العنقية والفك السفلي».

أكد سلام أن حوت فيومسيتس جنس ونوع جديد من الحفريات، ووصف هذا الاكتشاف بأنه يماثل اكتشاف مومياء نفرتيتي، قال: « هذا الاكتشاف يُعد من التراث الطبيعي المصري وقبل ظهور الإنسان بملايين السنين، ونقدم الحفرية للناس العامة في صورة اكتشاف؛ لكن الحفرية توثق في العلم جنس ونوع جديد من الكائنات اللي عاشت قبل ظهور الإنسان».

يختتم سلام حديثه معنا بأن الاكتشاف يمثل طفرةً علميةً كبيرةً جداً في دراسة الحفريات الفقارية المصرية، ويقول: «هذا أول اكتشاف لفريق بحثي مصري يوثق فيه نوع جديد من أسلاف الحيتان، ومثل هذه الاكتشافا كان يقدمها العلماء الأجانب فقط؛ لكن الآن دخلنا في كباحثيين مصريين مائدة العلم، أو بالأحرى كبار في مائدة العلم».

المحتوى محمي