سلالة جديدة أم طفرة: حقيقة التغيرات الطارئة على فيروس كورونا

3 دقائق
سلالات كورونا الجديدة
Shutterstock.com/peterschreiber.media

مع انتشار خبر ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا أكثر قابلية للانتقال بنسبة 70%، ظهرت مصطلحات متداولة عمياً إلا أن عموم الناس ربما لا يعرفونها، أو لا يفرقو بين تلك المصطلحات، مثل سلالة جديدة، ومتغير، وطفرة، لكن علماء الفيروسات يقولون أن لكل مصطلح معنى مختلف ولا تنطبق جميعها على تغيرات فيروس كورونا.

السلالة في علم الأحياء عامة وفي الفيروسات خاصة

السلالة هي متغير جيني في نوع ما من أنواع الكائنات الحية، يؤدي لنوع فرعي من الكائن الحي نفسه. يكثر ذكرها عند التعامل مع الأحياء الدقيقة، كالبكتيريا والفيروسات، ويكون القصد من تحديدها الهندسة الوراثية أو العزل الجيني لأغراض علمية. 

في بعض الحالات النادرة، يمكن لسلالة من نوع معين أن تتحول لنوع جديد. تزداد هذه الظاهرة عند الفيروسات، على سبيل المثال، الإنفلونزا هو من الفيروسات، تعرضت لعدة تبدلات «طفرات»، أدى أحدها لظهور إنفلونزا الطيور، وأدى آخر لإنفلونزا الخنازير، ليصبح كل من إنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير سلالتين جديدتين مختلفتين من فيروس الإنفلونزا. تتميز هذه السلالات عن بعضها باختلاف أشكال البروتينات السطحية، التي تؤدي بدورها إلى ظهور عوارض مرضية مختلفة. 

الطفرة ودورها في توليّد متغيرات جديدة

كورونا
shutterstock.com/PopTika

الطفرة بشكل عام، هي تغيير في تسلسل المادة الوراثية نتيجة خطأ أثناء نسخ الحمض النووي. تحدث إما بسبب خطأ في نسخ الحمض النووي أثناء انقسام الخلايا، أو التعرض للإشعاع أو لمواد كيميائية أو مواد مسرطنة، أو العدوى بالفيروسات. ويمكن تشبيه الطفرة في المادة الوراثية بحدوث الخطأ المطبعي بالكتابة، وكأنك كتبت حرف «ت» بدل «ث».

أما الطفرة عند الفيروسات، هي تغيير في تسلسل النيوكليوتيدات للحمض النووي الفيروسي، لا تسبب أي تغيير في الفيروس عادة، لكن أحياناً تؤدي إلى تغيير في بروتين الفيروس المشكل لغلافه الخارجي، وتُكسِب السلالة متغيرات جديدة، ونادراً ما تتحول لسلالة جديدة. إن حدوث الطفرات عند الفيروسات أمر طبيعي ومتوقع، وينتج عنه نظريا فيروس متحور واحد في عدة مئات إلى عدة آلاف من نسخ الجينوم، ويمكن فقط للطفرات التي لا تتداخل مع وظائف الفيروس الأساسية أن تستمر في مجتمع الفيروس.

فيروس كورونا: طفرة أم سلالة جديدة؟

الأجسام المضادة لكورونا
shutterstock.com/Numstocker

 

لا يختلف فيروس كورونا عن غيره من الفيروسات، فهو ببساطة عبارة عن غلاف بروتيني يحتوي الحمض الريبوزي RNA. يتم ترتيب اللبنات الأساسية للحمض الريبوزي؛ والتي تسمى النيوكليوتيدات، في ثلاثيات، تسمى الشيفرات الجينية، توفر هذه النوكليوتيدات الثلاثية ترميزاً لبناء الأحماض الأمينية، التي تشكل بروتينات الفيروس؛ الطفرة هي تغيير لأحد هذه النيوكليوتيدات، تحدث مرة واحدة من حوالي 30 ألف نيوكليوتيد.

طرأ على فيروس كورونا عدة طفرات عشوائية أدت إلى حدوث متغيرات، لكن البعض وصف هذه المتغيرات بأنها سلالات، لكن علماء الفيروسات يقولون أنه لا يمكن إطلاق مصطلحي السلالة أو المتغير عشوائياً. فيروس كورونا ما هو إلا سلالة من عائلة الفيروس التاجي الأوسع، التي تضم المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة «سارس» ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية «ميرس». إذاً لدينا سلالة واحدة فقط من فيروس كورونا والأنواع المختلفة من هذه السلالة هي متغيرات، وأن المتغير هو المصطلح الصحيح الذي يجب استخدامه عند تصنيف فيروس معروف طوّر مجموعة محددة من الطفرات أكسبته صفات جعلته يتصرف بطريقة مختلفة عن السلالة التي نشأ منها، والتي لها خصائص مميزة وتثير استجابة مناعية معينة. ثم سيكون هناك الكثير والكثير من المتغيرات التي ستكون، في كثير من الحالات، تراكمات طفيفة من الطفرات وأنواع مختلفة من الخطوط الجينية لتلك السلالة.

متغير كورونا في بريطانيا

سلالة معينة من الفيروس تعتبر متغيراً عندما يكون لديها طفرات كافية لتغيير جزء بسيط من شفرتها الجينية، وإن متغير فيروس كورونا الذي ظهر في بريطانيا يفي بهذا المعيار، لذلك يعتبر متغير وليس سلالة جديدة. أُطلق على هذا المتغير اسم «B.1.1.7»، وينتشر بسهولة أكبر بين الناس نتيجة لسلسلة من الطفرات التي تم تحديدها في الترميز الجيني. كما أنه أكثر قابلية للانتقال بنسبة تصل إلى 70% لأنه يحتوي على 22 تغييراً ترميزاً في جينوم الفيروس. وإن جميع المتغيرات المعروفة حاليًا لفيروس كورونا تنتمي إلى سلالة «سارس-كوف-2» ولم تتحور بدرجة كافية إما لتصنيفها على أنها سلالة خاصة بها، أو لتكون غير فعالة ضد لقاحات كورونا الحالية والمستقبلية. إحدى الطفرات الرئيسية التي شوهدت في المتغير هي تلك الخاصة ببروتين «سبايك»، الذي عزز كيفية غزو الخلايا البشرية، وهو البروتين المستهدف في اللقاحات والعلاجات القائمة على الأجسام المضادة.

بإختصار، لدينا فيروس من عائلة الفيروسات التاجية، تعرض لعدة طفرات، أدت إلى تشكيل سلالة جديدة ومختلفة سميت «سارس-كوف-2»، أو فيروس كورونا؛ وهي سلالة الفيروس التي تسبب مرض كوفيد-19، وتعرضت هذه السلالة لطفرات أدت إلى تشكيل متغيرات من فيروس كورونا، لكن لم تؤدي إلى تشكيل سلالة جديدة.

المحتوى محمي