قدمت الصين مؤخراً أوضح لمحة حتى الآن عن أحد أضخم الصواريخ الفضائية في العالم، وهو صاروخ لونج مارش 9 (إل إم 9) الذي يزن 4,000 طن.
من المقرر أن يبدأ هذا الصاروخ بالتحليق في 2030، ويصل قطره إلى 10 أمتار، وارتفاعه إلى 100 متر، مع قوة دفع من محركات المرحلة الأولى الأربعة بمقدار 6000 طن. وبهذا الحجم وقوة الرفع، أعلن المصمم الرئيسي في الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا المركبات الفضائية "كالت"، لونج ليهاو، أن لونج مارش 9 سيكون قادراً على رفع 140 طن إلى المدار الأرضي الأدنى، و50 طن إلى مدار النقل من الأرض إلى القمر، و44 طن إلى مدار النقل من الأرض إلى المريخ. تقع حمولة 140 طن بين الحمولة المتوقعة لنظام الإقلاع الفضائي لناسا (130 طن) والحمولة المتوقعة لصاروخ بي إف آر من سبيس إكس (150 طن).
تهدف كالت إلى جعل جميع مركباتها الفضائية قابلة للاستخدام المتكرر بحلول العام 2035، ومن المرجح وجود نسخة قابلة للاستخدام المتكرر من إل إم 9 قيد التطوير حالياً.
يقول لونج أن الإدارة الوطنية الفضائية الصينية وضعت خططاً كبيرة لصاروخ إل إم 9. إضافة إلى نقل رواد الفضاء الصينيين إلى القمر وتأسيس قاعدة قمرية، ستكون الرحلة الأولى في 2030 لهذا الصاروخ عبارة عن بعثة لجلب عينة من تربة المريخ، بعد بعثة لعربة جوالة مريخية في 2020. من المثير للاهتمام أن لونج قال أن حمولة إل إم 9 الكبيرة يمكن أن تدعم محطة مدارية صينية لتوليد الطاقة الشمسية، مؤلفة من مجموعة من الألواح الشمسية في المدار، والتي تبث الطاقة إلى محولات على الأرض. وفي حين أن إل إم 9 قادر على إطلاق حمولات عسكرية، مثل الأقمار الاصطناعية التجسسية، فإن لونج مارش 5 القادر على رفع 25 طن إلى المدار الأرضي الأدنى، وكوايزو 31 الذي يعمل بالوقود الصلب والقادر على رفع 70 طن إلى المدار الأرضي الأدنى، هما المرشحان المفضلان للبعثات السرية.
وفي أخبار أخرى تتعلق بإل إم 9، يتطلع فريق التعاون الفضائي الصيني الروسي إلى المزيد من القوة في العقود المقبلة، حيث وقعت الإدارة الوطنية الفضائية الصينية ووكالة الفضاء الروسية اتفاقية واسعة النطاق للتعاون في مجال الاستكشاف الفضائي، بحيث تغطي العديد من النواحي، بدءاً من الاستكشاف القمري وصولاً إلى مراقبة النفايات الفضائية المدارية. ووفقاً للإعلام الروسي، تتطلع الصين وروسيا إلى التعاون حول صاروخ فضائي ثقيل، ومن المرجح أن يكون إل إم 9. ومن الترتيبات الممكنة إطلاق حمولات روسية إلى خارج الكوكب على متن الصواريخ الثقيلة الصينية، حيث ان صاروخ كي بي كي-سي تي كي –الذي يتم العمل عليه حالياً- قادر على حمل 90 طن فقط إلى المدار الأرضي الأدنى. أوردت وكالة سبوتنيك للأنباء عن احتمال البدء بالعمل على محطة فضائية مشتركة صينية روسية لإطلاقها في العشرينيات، وهو ما قد يحدث بالتزامن مع إطلاق بوابة المنصة المدارية القمرية، وهي محطة فضائية روسية أميركية. وبالطبع، ما زالت الطبيعة والجدول الزمني لكلا المشروعين رهناً للتوقعات.
غير أن هذه الأخبار تحمل بعض الارتباطات السابقة، خارج النطاق الواسع للتعاون الروسي الصيني في مجالات تتراوح بين الطائرات النفاثة وأمن المعلومات. قال حاكم هاينان شين شياومينج في بدايات يوليو 2018 أن مقاطعته تخطط لبناء مركز فضائي صيني روسي لاستضافة العمل المشترك بين الوكالات الحكومية، والشركات، والعلماء. تحتضن هاينان مركز وينشانج للإطلاق الفضائي، والذي يعتبر أكبر وأحدث مركز فضائي في الصين. ويمكن الحصول على نتائج جيدة بالجمع بين الخبرة الروسية في البعثات المأهولة طويلة الأمد ومسابر الفضاء العميق، والصواريخ الضخمة والتكنولوجيا الإلكترونية الصينية.
عند إطلاق لونج مارش 9، سيكون الخطوة الأولى في ترسيخ الصين كقوة فضائية لها اعتبارها. وكما يظهر في توسع التعاون الفضائي مع روسيا، إضافة إلى إعلان الصين عن توفير مساحة على المحطة الفضائية تيانجونج 3 لأي دولة راغبة بذلك، فإن الصين تخطط بوضوح لتحويل الفضاء إلى ركن أساسي من قوتها الناعمة في القرن الواحد والعشرين، هنا على الأرض، وفي الفضاء.