هل تحب المشروبات الغازية؟ إذا لا بد من أنك تميل في معظم الأوقات إلى المشروبات الغازية الدايت، مقنعاً نفسك بأنك بذلك تختار الخيار الصحي، لأنها خالية من السكر والسعرات الحرارية. ففي النهاية، صفر سعرات حرارية يعني صفر ضرر، أليس كذلك؟ إليك الحقيقة.
تشير الأبحاث إلى أن شرب علبة واحدة فقط من مشروب الصودا الدايت يومياً قد يؤدي إلى مخاطر صحية، تكون في بعض الحالات أكثر خطورة من نظيرتها المليئة بالسكر، فكيف ذلك؟
زيادة خطر الإصابة بأمراض الكبد
في دراسة جديدة، عرضت نتائجها في المؤتمر الطبي لأسبوع أمراض الجهاز الهضمي في الاتحاد الأوروبي لعام 2025، شملت أكثر من 100 ألف مشارك من سكان المملكة المتحدة، لم يكن لديهم أي علامات على أمراض الكبد عند بداية البحث، تابع الباحثون المشاركين مدة متوسطة بلغت 10.3 سنوات، سجلوا فيها تفاصيل نظامهم الغذائي وكمية استهلاكهم من المشروبات المحلاة بالسكر مثل المشروبات الغازية العادية، والمشروبات منخفضة أو عديمة السكر مثل المشروبات الغازية الدايت. كما استخدموا تقنيات تصوير متقدمة لقياس كمية الدهون في أكباد بعض المشاركين لتأكيد النتائج بالأدلة البيولوجية المباشرة. وتوصلوا في نهاية البحث إلى:
- الأشخاص الذين يشربون أكثر من علبة واحدة يومياً (نحو 250 غراماً) من المشروبات الغازية، يصبح لديهم خطر أعلى للإصابة بمرض الكبد الدهني غير الكحولي بنسبة 60%، مقارنة بزيادة قدرها 50% للكمية نفسها من المشروبات الغازية العادية.
- تناول المشروبات الدايت كان مرتبطاً أيضاً بارتفاع خطر الوفاة بسبب أمراض الكبد، وهو ارتباط لم يظهر بالقوة نفسها مع المشروبات السكرية.
اقرأ أيضاً: ما الفرق بين النوبات القلبية والسكتات الدماغية؟ وما هي الإسعافات الضرورية؟
إيهام الدماغ بعدم وجود سعرات حرارية
يكمن الفرق الرئيسي بين المشروبات الغازية العادية والدايت في نوع المحلي المستخدم. فالصودا العادية تحتوي على شراب الذرة عالي الفركتوز أو السكر، بمعدل 10-11 ملعقة صغيرة لكل عبوة (355 ميليلتراً). في المقابل، تعتمد المشروبات الغازية الدايت على المحليات الصناعية مثل الأسبارتام والسكرالوز والسكرين وأسيسلفام البوتاسيوم.
لكن نظراً إلى أن دماغ الإنسان مصمم للتعرف إلى الطعام ومعالجته، فإنه يستجيب للمحليات الصناعية تماماً كما يستجيب للسكر الطبيعي. حيث تستشعر براعم التذوق الحلاوة، فترسل إشارة إلى الدماغ بأن السكر في طريقه. يستعد الدماغ من خلال تحفيز الجسم على إفراز هرمون الإنسولين (المنظم لمستويات السكر في الدم)، حتى لو لم يصل أي سكر فعلي.
يؤدي هذا "الإنذار الكاذب" المتكرر إلى عواقب خطيرة، بما فيها اختلال توازن إشارات الجوع والشبع لديك. إذ قد تحفز الحلاوة الشديدة للمشروبات الغازية الدايت الرغبة في تناول المزيد من الأطعمة الحلوة عالية السعرات الحرارية، ما قد يؤدي إلى زيادة الوزن وتراكم دهون البطن، على الرغم من أنك عملياً لا تستهلك أي سعرات حرارية من المشروب نفسه.
زيادة خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي ومرض السكري
قد تسبب المحليات الصناعية الموجودة في المشروبات الغازية الدايت خللاً في ميكروبيوم الأمعاء، بطريقة تعزز عدم تحمل الغلوكوز، أي يصبح الجسم أقل كفاءة في التعامل مع السكر، حتى لو لم يستهلكه مباشرة. على المدى الطويل، قد يؤدي استهلاك المشروبات الغازية الدايت إلى الالتهابات ومشكلات أيضية أخرى، بما يشبه تأثير الدومينو، حيث تتأثر قدرة الجسم على استخلاص العناصر الغذائية، والحفاظ على جهاز مناعة قوي، ويزداد خطر الإصابة بالسمنة ومتلازمة التمثيل الغذائي؛ وهي مجموعة من الأعراض تشمل ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة السكر في الدم، وزيادة دهون البطن، وارتفاع الكوليسترول غير الطبيعي، وداء السكري من النوع الثاني.
التأثير في المزاج والوظائف الإدراكية
يمكن للمحليات الصناعية في المشروبات الغازية الدايت أن تؤثر في الدماغ. على وجه التحديد، يتحلل الأسبارتام إلى فينيل ألانين وحمض الأسبارتيك والميثانول، وجميعها مواد يمكن أن تؤثر في عمل النواقل العصبية في الدماغ.
على الرغم من أن الكميات الصغيرة تعتبر آمنة لمعظم الناس، إلا أن ثمة جدلاً علمياً حول تأثيرها على المدى الطويل، خاصة لدى الأشخاص الحساسين أو المصابين بأمراض وراثية، إذ أبلغ بعض الأفراد عن معاناتهم من الصداع، والصداع النصفي، وحتى اضطرابات المزاج بعد تناول الأسبارتام.
اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تربط التعرض للضوء الليلي بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب
الارتباط بمشكلات القلب والأوعية الدموية
ربطت الدراسة المنشورة في مجلة الجمعية الطبية الأميركية بين الاستهلاك اليومي لعبوتين أو أكثر من المشروبات الغازية الدايت وزيادة مخاطر عدم انتظام ضربات القلب مثل الرجفان الأذيني، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها من مشكلات القلب والأوعية الدموية، كما وجدوا أنها تزيد خطر الوفاة بنسبة 26%، في حين أن المشروبات المحلاة بالسكر تزيد خطر الوفاة بنسبة 8%. يعود هذا التأثير إلى المحليات الصناعية في هذه المشروبات، والتي قد تسهم في الالتهاب المزمن والإجهاد التأكسدي، وهما عاملان أساسيان للعديد من أمراض القلب.