حين تسمع مصطلح "السلوك الخامل"، يتبادر إلى ذهنك كرسي المكتب أو ساعات الجلوس الطويلة أمام الحاسوب. غير أن بحثاً فنلندياً جديداً كشف أن الاستلقاء فترات طويلة على الأريكة أو السرير أو أي وضعية مائلة قد يكون أشد ضرراً على قلبك وعمليات الأيض لديك من الجلوس ذاته، لا سيما حين يحل محل الوقت الذي يمكن أن تقضيه واقفاً أو متحركاً.
تأثير الاستلقاء مقارنة بأنماط السلوك الخامل في صحة القلب
حلل باحثون من معهد الطب بجامعة تامبيري ومعهد أبحاث تعزيز الصحة (UKK) في فنلندا كيفية قضاء الفنلنديين وقتهم اليومي في أوضاع مختلفة من السلوك الخامل، بما فيها الاستلقاء والاتكاء والجلوس والوقوف، وعلاقة هذه السلوكيات بالصحة.
شملت العينة 4298 مشاركاً تتراوح أعمارهم بين 20 و69 عاماً من سبع مناطق فنلندية، استخدموا أجهزة قياس دقيقة على مدار 24 ساعة، تثبت على الورك في أثناء الاستيقاظ وعلى المعصم في أثناء النوم لقياس وقت النوم والاستلقاء والاتكاء والجلوس والوقوف والنشاط البدني. وقيم الباحثون صحة المشاركين عبر فحوص شاملة تضمنت الدهون والكوليسترول ومحيط الخصر والضغط والتدخين والسكر، ثم استخدموا هذه البيانات لحساب خطر أمراض القلب وفق مؤشر فرامينغهام.
- ارتبط الاستلقاء والاتكاء خلال النهار بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب، وانخفاض الكوليسترول الجيد، وارتفاع الدهون الثلاثية، وزيادة محيط الخصر.
- ارتبط الجلوس القصير (أقل من 30 دقيقة) بخطر قلبي أقل، وكوليسترول أفضل، وقياس خصر أصغر.
- ارتبط الجلوس فترات طويلة بقياس خصر أكبر، بينما كان الوقوف مهما كانت مدته مرتبطاً بنتائج أفضل للقلب والكوليسترول والدهون.
اقرأ أيضاً: ما أسباب طنين الأذن عند النوم أو الاستلقاء؟
لماذا يعد الاستلقاء أكثر خطورة من الجلوس؟
على الرغم من أن الوضعيتين تشتركان في انخفاض الجهد البدني، فإن الاستلقاء يوقف معظم نشاط العضلات تماماً، خاصة العضلات الكبيرة مثل عضلات الساقين والظهر والبطن، فتكون في حالة سكون كامل تقريباً، وهو ما يؤدي إلى:
- انخفاض الطاقة إلى حدها الأدنى: عند الاستلقاء يقل الجهد الذي تبذله العضلات لدعم الجسم ضد الجاذبية، حيث تكون مجموعات العضلات الكبيرة، مثل عضلات الساقين والجذع والظهر، شبه خاملة، ما يؤدي إلى أقل استهلاك للطاقة مقارنة بوضعيات الاستيقاظ كلها. كما تصبح الإنزيمات المشاركة في عملية التمثيل الغذائي للدهون أقل نشاطاً، ما يؤدي إلى ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية وانخفاض الكوليسترول عالي الكثافة (الجيد).
- تباطؤ تدفق الدم: غياب الجاذبية الفاعلة وعدم انقباض العضلات يقللان ظاهرة "مضخة العضلات"، وهي ظاهرة تشير إلى زيادة تدفق الدم إلى العضلات التي تمرن، ما يؤدي إلى انتفاخها وزيادة حجمها بشكل مؤقت، ما يسهم عادة في إعادة الدم إلى القلب، ويضعف بطانة الأوعية بمرور الوقت.
- ارتفاع سريع في مقاومة الإنسولين: تؤكد نماذج «الرقود السريري» أن الاستلقاء فترات طويلة قد يسبب تغيرات أيضية تشبه ما يحدث في أثناء التقدم السريع في العمر، مثل الفقدان المبكر للكتلة العضلية، وتراكم الدهون في منطقة البطن، ومقاومة الإنسولين، وانخفاض كفاءة الأوعية الدموية.
اقرأ أيضاً: الجلوس الطويل في العمل يزيد خطر الإصابة بأعراض الأرق بنسبة 37%
كيف تحسن صحتك وتتخلص من آثار الاستلقاء في الصحة؟
لا داعي للقلق بشأن وضعية النوم ليلاً، فالنوم حالة فيزيولوجية ضرورية للجسم، لكن من المفيد أن تدقق في مقدار الوقت الذي تقضيه مستلقياً خلال ساعات اليقظة، بما في ذلك مشاهدة التلفاز في السرير، وتصفح الهاتف على الأريكة فترات طويلة، والاستلقاء للاستراحة بعد الوجبات أو العمل.
عموماً، إليك خطوات بسيطة وفعالة لتقليل خطر الاستلقاء والخمول:
- اجعل الاستلقاء محصوراً بالنوم والمرض والقيلولة القصيرة الهادفة.
- بدل بعض أوقات مشاهدة التلفاز أو استخدام الهاتف في السرير بالجلوس المستقيم على كرسي ثابت.
- حول جزءاً من وقت الترفيه إلى نشاطات بسيطة في أثناء الوقوف مثل مكالمات هاتفية أو حركات تمدد خفيفة، أو ترتيب المنزل، أو ممارسة هوايات تتطلب الوقوف.
- إن كنت ممن يعمل على حاسوبه وقتاً طويلاً وهو مستلقٍ، حاول مقاطعة جلوسك أو الاستلقاء كل 20–30 دقيقة، لممارسة دقيقة من التمارين الرياضية الخفيفة أو المتوسطة الشدة، مثل المشي أو الهرولة في المكان.
- اعتمد جلوساً متحركاً؛ أي يسمح بتغيير وضعية الجلوس كل فترة أو الوقوف في أثناء المكالمات.