ظلّ الأطباء لعقود يستخدمون الأداة التقليدية لإيقاف الجروح النازفة، وذلك عن طريق لفّ قطعة من القماش حول المنطقة، والتي من شأنها أن توقف تدفق الدم من وإلى الجرح. ولا تزال هذه الطريقة تستخدم بشكل أساسي في الوقت الحالي، وتنجح في إيقاف معظم حالات النزيف في المناطق السطحية من الجسم. ولكن إيقاف النزيف الداخلي أصعب من ذلك بكثير، ويمكن أن يكون مهدّداً للحياة.
وقد حاول مجموعة من الباحثين إجراء طريقة جديدة، وذلك بتمرير تيار كهربائي من خلال العصب لتحفيز نظام تخثر الدم في الجسم على العمل. ويبدو ذلك وكأنه من الخيال العلمي، ولكن الآلية المسؤولة عنه تستند إلى مجال بحثي جديد وواعد يسمى الطب الكهربيولوجي، والذي تكمن فكرته في أن الشبكة الكهربائية الموجودة في الجسم تساعد في السيطرة على كافة الوظائف الجسدية تقريباً، ويمكن الاستفادة من ذلك.
وسيتم وضع الجهاز المحمول في مكان ما على الجسم، وسوف يتم تمرير تيار كهربائي بالغ الدقة من خلاله. ومن شأن هذا التيار أن يحفّز العصب المبهم، وهو أحد الأعصاب الرئيسية في الجسم والذي يربط الدماغ بالأعضاء الحيوية مثل القلب والرئتين، والكثير غيرها. بعد ذلك يقوم العصب المبهم بتحريض الطحال على إفراز الصفائح الدموية المخثّرة للدم وإرسالها إلى المناطق المحتاجة.
ويُذكر بأن إحدى الدراسات التي أجريت في عام 2010 قامت باختبار الجهاز عند الحيوانات، ووجدت بأنه يقلل الفقدان الإجمالي من الدم بنسبة 50 في المئة. ووفقاً لمجلة IEEE Spectrum، فإن هذه التكنولوجيا يتم تطويرها من قبل شركة تدعى Sanguistat، والتي تنبثق عن معهد فاينستين للأبحاث الطبية. والخطوة التالية هي إجراء تجربة سريرية كبيرة يتم فيها استخدام الجهاز خصيصاً لعلاج النزيف التالي للولادة (وهو السبب الرئيسي لوفيات الأمهات حول العالم). ولكن يمكن للجهاز أن يُستخدم نظرياً في عدد من الحالات المختلفة ومنها على سبيل المثال: الوقاية من فقدان الدم أثناء العمليات الجراحية، أو كموقف للنزيف عالي التقنية في حالات الطوارئ.
ولا تتم دراسة الطب الكهربيولوجي من أجل حالات النزيف فقط. إذ بدأ الأطباء والباحثون باستكشاف استخدامه في العديد من الحالات الأخرى مثل متلازمة فرط نشاط المثانة، واضطرابات الجهاز الهضمي، بل وحتى فشل القلب. ولكن الأبحاث لا تزال جديدة نسبياً، ولا يزال هناك الكثير من الأمور التي نجهلها حول العصب المبهم (أو حول المستوى الدقيق من التيار الكهربائي اللازم لنجاح ذلك). ويجب على الأبحاث الأخرى أن تحدّد وبدقة الخلايا العصبية المتصّلة بالعصب المبهم والوظائف التي تؤديها في باقي أنحاء الجسم. وبينما تظهر العديد من الدراسات بعض الوعود، إلا أن البعض الآخر - مثل تلك التي تحاول علاج فشل القلب - لم تظهر أي تحسن على الإطلاق، وفقاً لمجلة STAT.
وبقدر ما تبدو هذه الطريقة واعدة، إلا أنه لا يتوقع أن تساهم في إنقاذ الحياة في الوقت القريب.