هناك خطوة صغيرة وبسيطة تستطيع القيام بها الآن، يمكنها أن تجعل تصفحك عبر الإنترنت أسرع وأكثر خصوصية. إنه قرار من النوع السريع الذي يمكنك اتخاذه دون أن يتطلب منك مهارات متقدمة، حيث يتعلق الأمر بجانب من الإنترنت يسمى نظام أسماء النطاقات (Domain Name System) أو ما يعرف اختصاراً بالاسم "دي إن إس DNS"، وبخدمة جديدة تسمى: "1.1.1.1". وفي الواقع يوجد الآن تطبيق للأجهزة المحمولة يمكنك تثبيته على جهازك -سواء كان يعمل بنظام آي أو إس أو أندرويد- لتجعل استخدام النظام على هاتفك أمراً في غاية السهولة.
وكثيراً ما تتم مقارنة نظام أسماء النطاقات بدليل الهاتف، فهو يترجم الكلمات المكوِّنة لاسم النطاق إلى عنوان إنترنت IP (آي بي) الذي يتألف من أرقام تمثل ذلك الاسم، وعلى سبيل المثال فإن العنوان 172.217.6.68 ينقلك إلى الموقع google.com. ونتيجة عدة أسبابٍ من بينها أنَّ تذكُّر الكلمات بالنسبة للناس أكثر سهولة من تذكر أرقام كهذه، فإن نظام دي إن إس هو المسؤول عن تحديد ما الذي ينبغي لهذه الأرقام أن تعنيه عندما تكتب أحد العناوين في متصفح الويب لديك.
ولكن بإمكانك أن تختار خدمة دي إن إس التي يستخدمها جهازك الحاسوبي، وإن لم تفعل ذلك فإن الشركة التي تزوِّدك بخدمة الإنترنت هي التي ستتولى الأمر، كما أن هناك شركات -مثل كومكاست مثلاً- تستخدم نظاماً داخلياً لمعالجة الأمر. ولكن بدلاً من الالتزام بالإعدادات الافتراضية، يمكنك التفكير في الانتقال إلى خدمة دي إن إس جديدة (خدمة 1.1.1.1 آنفة الذكر)، وهي التي تقدمها شركة تعمل في مجال الشبكات الحاسوبية تسمى "كلاود فلير".
وينطوي الانتقال إلى هذه الخدمة على اثنين من المنافع؛ أولاهما هو أنها أكثر سرعة، على الرغم من أن تحسن السرعة يُقدَّر بأجزاء من الألف من الثانية لكل عملية تحميل (وهو ما يستغرقه طلب العنوان للحصول على استجابة). وثانيهما هو أنها خدمة تركز على جانب الخصوصية، مع تعهدها بأن تمسح سجلات طلبات دي إن إس التي تصل إلى الشركة كل 24 ساعة، كما يقولون إنهم سيشاركون في إجراء سنوي لمراجعة الحسابات يقوم به طرف ثالث (جهة من خارج نطاق الشركة).
وإن فرانك وانج (وهو طالب دكتوراه في علوم الحاسوب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ويركز على أمن المعلومات، وقد تحول مؤخراً إلى استخدام 1.1.1.1) يقول إن الخدمة الجديدة "تقدم رسالة مفادها أنه لا يتوجب على الخصوصية أن تتسبب في إبطاء نقل البيانات"، ويضيف أنه بفضل السرعة والخصوصية "فإن هذه الشركة تمنحك سبباً مقنعاً جداً لاستخدام خدمتها".
وفيما يتعلق بالخصوصية، فإن شومان جوسماجومدر (رئيس قسم التكنولوجيا في شركة شيب سيكيوريتي) يشير إلى أن: "كلاود فلير قد نجحت في بناء سمعة جيدة".
وفي الواقع فإن هذا ليس العرض الأول من نوعه، فشركة جوجل تدير بدورها خدمة تسمى "جوجل بابليك دي إن إس"؛ وأحد عناوين آي بي المخصصة لهذه الخدمة هو 8.8.8.8، وهي خدمة مجانية كما هو حال 1.1.1.1.
وإن اختيار خدمة مثل 1.1.1.1 يعني أن من يتولى عمليات البحث الخاصة بنظام دي إن إس -عناوين مواقع الويب التي تزورها والتي يتعين على مخدم أسماء النطاقات أن يترجمها إلى أرقام- هو كلاود فلير (وليس مزود خدمة الإنترنت الخاص بك)، كما أن السجلات الناجمة عن هذه العملية سيتم حذف محتوياتها بشكل منتظم (والبيانات التي لا تبقى لفترة طويلة من الصعب قرصنتها أو الحصول عليها).
وعلى الرغم من أن مزود الإنترنت الخاص بك سيظل على علم بعناوين آي بي الخاصة بمواقع الويب التي تتصفحها، إلا أن التحول إلى 1.1.1.1 يمثل خطوة رمزية تضع جزءاً هاماً من عملية التصفح بين يدي شركة لن تحتفظ بمعلوماتك.
وإن مستخدمي الإنترنت الاعتياديين لديهم حافز للحفاظ على خصوصية التصفح الخاص بهم قدر الإمكان، حيث يقول ميتش ستولتز (وهو كبير محامي الموظفين في مؤسسة الجبهة الإلكترونية EFF): "إن ما نفعله على الإنترنت -في المعنى الواسع- يكشف عنا الكثير من الأشياء. وسواء كانت هذه الأشياء جيدة أو سيئة، وصحيحة أو خاطئة، فإنها أشياء لا نكشف عنها للعالم".
ويمكن لتصفحنا أن يكشف عن ميولنا الدينية والسياسية مثلاً، أو عن معلومات تتعلق بحالتنا الصحية. ويضيف ستولتز: "نحن لا نريد للجهات التي توظِّفنا أن تعرف كل موقع إنترنت نقوم بزيارته عندما نكون في المنزل". ويضيف أيضاً: "نحن بالتأكيد لا نريد للمعلنين أو شركات التأمين أو مكاتب الائتمان معرفة كل موقع إنترنت نقوم بزيارته".
وقد لا تقدم خدمة كلاود فلير الجديدة "حلاً كاملاً" لمشكلة الخصوصية، ولكنها "خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح" حسب تعبير ستولتز، وهو يضيف قائلاً: "إنها إشارة بالتأكيد إلى أنك تهتم بهذه الخصوصية، وأن السوق تستجيب أكثر فأكثر لهذه الإشارات".
إن كنت مهتماً بشدة باختيار خدمة دي إن إس، فتوجَّه إلى 1.1.1.1 أو إلى الخدمة التي تعرضها جوجل للتعرف على كيفية تغيير الإعدادات على جهازك الحاسوبي أو هاتفك الذكي. ولاستخدام الخدمة 1.1.1.1 على جهازك الحاسوبي، اتبع التعليمات المذكورة على موقع الإنترنت الخاص بها. ولاستخدامها على هاتفك الذكي، قم بتحميل إما التطبيق الخاص بنظام آي أو إس أو التطبيق الخاص بنظام أندرويد من الإنترنت.