أشارت دراسة نشرت في مارس 2017 في مجلة الطبيعة أن تلوث الهواء أدى إلى قتل 3.45 مليون إنسان في مختلف أنحاء العالم عام 2007. وهو رقم يعادل عدد سكان ولاية كونيكتيكت في الولايات المتحدة. وما يزيد الطين بلة، أن تلوث الهواء لا يعترف بالحدود.
وترتبط 22% من حالات الموت المبكر بالتلوث الذي تسببه منتجات تستهلك في أماكن أخرى. فعلى سبيل المثال، كانت نسبة كبيرة من الوفيات في الصين ناجمة عن تلوث الهواء الناجم عن إنتاج الدمى التي تم بيعها في الغرب لاحقاً.
يقول كيانغ تشانغ أحد المشاركين في الدراسة، والباحث في جامعة تسينغهوا في بكين: "يمكن أن ينتقل تلوث الهواء مسافات بعيدة ويسبب آثاراً صحية في مناطق تقع في اتجاه الريح. وقد كشفت دراستنا أن التجارة الدولية قد وسعت كثيراً من هذه الآثار بالفصل بين مناطق الإنتاج والاستهلاك". ووجودك خارج المناطق الأكثر تلوثاً لا يعفيك من تبعاته، لأن التلوث ينتقل. وقد وجدت الدراسة أن 12% من حالات الموت المبكر ناتجة عن التلوث القادم من مكان آخر من العالم. وبالمثل، فقد وجدت دراسة أخرى عام 2014 أن التلوث القادم من الصين يساهم في الضباب الدخاني في كاليفورنيا.
يقول دابو غوان الباحث في جامعة تسينغهوا وأحد المشاركين في الدراسة: "كانت الأبحاث السابقة تعتقد أن التلوث قضية محلية ولا تتطلب جهوداً عالمية. وبرأيي فإننا نعيش في عالم شديد التواصل، ولا أحد لديه وسيلة للخروج من هذا التأثير، لأننا إما منتجون أو مستهلكون، وأحياناً نكون كليهما معاً".
ويعود الضرر الذي يسببه التلوث إلى شيء يدعى PM2.5 والذي يرمز إلى الجسيمات المادية، وهو خليط معقد من القطرات السائلة وجزيئات صغيرة تنتج عن احتراق الغازولين في السيارات، أو عندما نستخدم الفحم في محطات الطاقة لإنتاج الكهرباء. ويشير الرقم 2.5 إلى حجم الجزيئات وهو 2.5 ميكرون (1/1000 من الملمتر).
والجسيمات المادية PM2.5 أصغر 40 مرة من أصغر حبة رمل على الشاطئ، وهي صغيرة بما يكفي لتتسلل داخل مجرى الهواء عندما نستنشقه، وتنسل في الرئتين، ثم تقوم بجولة داخل جهازنا القلبي الوعائي. وبالنتيجة، ستسبب مجموعة من المشاكل الصحية، بما فيها حالات الوفاة التي تتقصاها هذه الدراسة. وعلى الرغم من أن المحادثات الكثيرة حول خطة الطاقة النظيفة -التي ألغاها الرئيس الأمريكي ترامب في آذار 2017 بأمر تنفيذي- قد ركزت على انبعاثات غازات الدفيئة، فإن الخطة قد خفضت أيضاً التلوث بالجسيمات المادية PM2.5 لتنقذ بذلك حياة 3600 شخص بحلول عام 2030، وتخفض حالات ربو الأطفال بواقع 90 ألف حالة.
وتعمل الصين منذ عام 2013 على تصحيح خطئها، فقد قامت بخفض انبعاثات التلوث بمقدار 6 أو 7 في المائة، وذلك وفقاً لغوان. ولكن حتى مع انخفاض أحد أنواع الانبعاثات، فإن نوعاً آخر يزداد. فالهند تحرق الفحم أكثر من أي وقت مضى. وما لم نتوصل إلى توافق عالمي حول التلوث، فإننا سنكون في سباق نحو الهاوية.
يقول ستيفن ديفيس الباحث في جامعة كاليفورنيا إيرفين، وأحد المشاركين في الدراسة: "إذا كنت في مكان ما من آسيا، حيث تطورَ اقتصادك عن طريق إنتاج الكثير من البضائع لصالح الدول المتقدمة، وكنت تعتقد أن الآثار الصحية للتلوث هي آثار سلبية على مجتمعك، وهي بالطبع كذلك، فإن تصحيح هذا الخطأ ليس بالأمر اليسير. وذلك لأن هذه الدول المسببة للتلوث ستكون قلقة حول التأثيرات المحتملة على اقتصادها. وإذا قررت هذه الدول تنظيف اقتصادها، فإن بلداً آخر سوف يقف ليقول: لدينا الاستعداد لتعريض شعبنا للموت مقابل أن تستمر هذه الأعمال. وهذه هو السبب في كونها مسألة معقدة، حيث نحتاج إلى حكومة عالمية. هذه هو السبيل لحل مأساة الأرض المشاع".