ربع المضادات الحيوية التي يتم وصفها لا ضرورة لها

2 دقائق
قد لديك مثل هذه العبوات المليئة بالمضادات الحيوية في منزلك، والتي ربما لم تحتج إليها في المقام الأول.

من السهل التفكير في المضادات الحيوية على أنها هي الخطوة الأولى التقليدية في علاج أي مرض غامض شبيه بالزكام قد تعاني منه هذا الشتاء. ولكن منذ أدركنا بشكل كامل في السنوات الأخيرة مدى خطورة مقاومة المضادات الحيوية، يحاول قطاع الرعاية الصحية الابتعاد عن وصفها لكل من يزور عيادة الطبيب. إلا أن الأمر قد لا يكون على ما يرام.

تقدّر دراسة جديدة في المجلة الطبية البريطانية بأن ربع وصفات المضادات الحيوية في الولايات المتحدة لا ضرورة لها، وهذه النسبة متحفظة وربما تكون أكثر من ذلك.

لمعرفة ذلك، بحث الباحثون في بيانات التأمين الصحي لمعرفة أنواع الأمراض التي وُصفت من أجلها المضادات الحيوية للمرضى. فبعض الأمراض (مثل التهاب اللوزتين بالعقديات أو الالتهاب الرئوي الجرثومي أو خراجات الرئة) من المقرّر أنها تتطلب دائماً وصف المضادات الحيوية. ولكن هناك أمراض أخرى لا تحتاج دائماً إلى وصفها. فالتهابات الجيوب الأنفية وانتفاخات الرئة وإنتانات الجهاز التنفسي السفلي هي مجرد عدد قليل من الأمراض التي لا تتطلب المضادات الحيوية إلا في بعض الأحيان. وأخيراً، كانت هناك فئة من الأمراض التي لا ينبغي أن تترافق أبداً مع وصف المضادات الحيوية. وكانت إنتانات الجهاز التنفسي العلوي والربو والتهاب الأنف التحسسي (التهاب بطانة الأنف) كلها في هذه المجموعة الأخيرة. وأشاروا في الدراسة إلى أنهم ذهبوا إلى افتراض أن وصف المضادات الحيوية قد يكون ضرورياً وبالتالي فإن تقديراتهم متحفّظة.

ومن بين الـ 154545344 وصفة للمضادات الحيوية التي قاموا بدراستها، كان 23.2% من الأمراض في الفئة التي لا تحتاج إليها أبداً، مما يجعل الوصفات غير مناسبة بحدّ ذاتها. وتم اعتبار 35.5% من الوصفات على أنها قد تكون مناسبة، حيث كانت لأمراض قد تتطلب أخذ المضادات الحيوية. ولم يكن سوى 12.8% منها لأمراض تحتاج دائماً إلى وصفها. (قد يكون الأمر الأكثر إثارة للرعب هو أن 28.5٪ من الوصفات الطبية لم ترتبط بأي مرض حديث).

قد يكون العدد الفعلي من الوصفات غير الضرورية أعلى من ذلك بكثير. فعلى سبيل المثال، أشار الباحثون في الدراسة إلى أن 34٪ من هذه الوصفات كانت للذين يعانون من التهاب الجيوب الأنفية، والتي أظهرت الأبحاث السابقة بأنه يترافق مع نسبة عالية من وصفات المضادات الحيوية غير الضرورية.

أما السؤال عن السبب الذي يجعل الأطباء يفرطون في وصف المضادات الحيوية فهو -بطبيعة الحال- مسألة أكثر تعقيداً.

إذ وجدت دراسة أجريت في عام 2014 بأن ما يزيد قليلاً عن نصف الأطباء الذين شملهم الاستبيان شعروا بالضغط من مرضاهم لإعطائهم المضادات الحيوية. ووجدت دراسة أخرى أجريت في عام 2014 أن معدلات الوصفات الطبية تزداد خلال اليوم، مما يوحي بأن الإرهاق في اتخاذ القرار قد يساهم أيضاً في المشكلة. ووجد استبيان أجري عام 2003 بأنه المسألة قد تكون من باب الحذر. فكثيراً ما يصف الأطباء المضادات الحيوية لالتهابات الحلق السيئة جداً، مع أنهم يعلمون جيداً بأن سببها فيروسي في الغالب، ولا يمكن للمضادات الحيوية أن تقضي عليها، ولكنهم يقولون بأنهم يأملون تجنب المضاعفات التي قد تحدث في وقت لاحق.

ولكن لا يدرك الأطباء في بعض الأحيان بأنهم قد يكونون جزءاً من المشكلة. إذ وجدت دراسة أجريت في عام 2011 وقامت بإجراء استبيان مع الأطباء حول الأمر بأنه على الرغم من أن 94% من كبار الأطباء يقولون بأنه يتم الإفراط في استخدام المضادات الحيوية على المستوى الوطني و63% يقولون بأن أطباء آخرين يفرطون في وصفها، إلا أن 10% من الأطباء فقط يعتقدون بأنهم هم أنفسهم قد يفرطون في وصفها.

لا يعدّ أي مما سبق جواباً حاسماً لسبب وكيفية وصولنا إلى مثل هذه المشكلة الكبيرة للمضادات الحيوية، ولكن المؤلفين يشيرون إلى أنهم يأملون بأن تساعد المنهجية الجديدة التي توصلوا إليها الباحثين الآخرين على إيجاد طرق لحلها. ولن تزداد المسالة سوى إلحاحاً.

المحتوى محمي