يبلغ طول المستقيم عند الفيل 20 ضعفاً من طول المستقيم عند القط، ومع ذلك فإنهما يتبرزان خلال نفس المدة الزمنية. ربما لا يحيّرك هذا اللغز، ولكنه أثار اهتمام الباحثين في معهد جورجيا للتكنولوجيا. وقد تساءل الباحثون حرفياً: "كيف تتبرز الحيوانات خلال نفس المدة؟" وذلك في دراسة نشرت في مجلة Soft Matter. وللإجابة على هذا السؤال سنبدأ بقياس عينات البراز. لننطلق إذاً.
كما هو الحال في أي مسعى علمي حقيقي، بدأ الباحثون بتحديد المتغيرات. فالتبرّز يبدأ على سبيل المثال عند t=0، وشرحوا ذلك بالقول: "لحظة خروج طرف عينة البراز". وقام الباحثون بتجهيز أربعة مقاطع فيديو منفصلة، وذلك في حال لم يكونوا متأكدين تماماً متى بدأ التبرز؟ ولتجنب الخلط بين "الحالة المستمرة" للتبرز، والتي تشبه ما يقوم به الإنسان، وبين ما تقوم به حيوانات كالأرانب التي تتبرز على شكل كرات صغيرة، قاموا بحصر دراستهم على عينات البراز الإسطوانية. ولذلك لن نتعلم شيئاً عن عينات البراز الكروية للأرانب في هذه المقالة.
ولكن ما هو حجم عينات البراز؟ يساوي طول عينة البراز طول المستقيم نفسه. والأمر لا يتعلق فقط بطول عينة البراز عند الحيوان، ولكن يتعلق أيضاً بالمخاط. نعم بالمخاط. فالمخاط جزء مكمل في حركة الأمعاء. وله سماكة ولزوجة محددتان، وقد قام الباحثون بقياسهما ومقارنتهما بحجم الحيوان. فالفئران والفيلة على حد سواء لديها طبقة رقيقة من المخاط داخل مستقيمها. وهذه المادة اللزجة تساعد في حركة البراز على طول القناة الهضمية. ويتطلب هذا الأمر ضغطاً كبيراً من المستقيم. ويمكنك التأكد من ذلك بنفسك. ولكن قطر عينة البراز يساوي قطر المستقيم، ما يعني أن البراز لا يتم ضغطه كما يحصل مع معجون الأسنان عندما يخرج من أنبوبه، ولكنه ينزلق إلى الخارج بما يشبه انزلاق المزلجة على الشلال.
وقد أقر الباحثون أنه وفي حالة الإسهال، لا يحتاج الجهاز الهضمي عند الإنسان لتطبيق قوة ضغط، حيث تقوم الجاذبية بهذا الدور. وعندها ستخضع هذه المعادلة إلى تغير طفيف، حيث لا يتم الوصول إلى "الحالة المستمرة" للبراز لأنه يحدث بسرعة كبيرة. وقد قدّروا أن الإنسان الذي يبلغ وزنه 70 كغ سيقوم بالتبرز خلال 0.5 ثانية. أما في حالة الإمساك فإننا هنا نستبعد تأثير المخاط الذي تم امتصاصه خلال حركة الأمعاء. وعندما تكون كمية المخاط مساوية للصفر حيث يكون البراز قاسياً جداً، سيتحرك البراز لمدة 6 ساعات عند تطبيق قوة ضغط أعظمية على المستقيم. وبما أن جدران الأمعاء يمكن أن تتقلص لتساعد في التبرز، فقد لاحظ الباحثون أن هذا يمكن أن يقصّر زمن مرور البراز في المستقيم.
لماذا إذاً ندرس التفاصيل الدقيقة للتبرز عند الثدييات؟ هذا سؤال ممتاز. لقد فاز هذا الفريق بجائزة نوبل للحماقة العلمية عام 2015 عن بحثهم الذي أشار إلى أن الثدييات تتبول خلال 21 ثانية. (وهي جائزة تمنح كل عام للأبحاث العلمية عديمة المضمون والفارغة من أدنى فائدة). ولهذا يعتقد أن هذا الفريق يريد أن يكمل مجموعة الجوائز من نفس النوع. وعموماً، تعتبر صحة الجهاز الهضمي جزءاً لا يتجزأ من الصحة العامة، ومعرفة ما هو طبيعي مهم جداً لمعرفة ما هو غير طبيعي.
التبرز والتبول وإخراج الريح من البطن، كلها علامات مهمة على أداء وظيفة الجسم. واسأل أي شخص خضع لعملية استئصال الزائدة الدودية. فبعد الشفاء من هذه العملية، سوف تذهب لتأكل شيئاً ما، ثم سيكون عليك التأكد من أنك تستطيع التبرز أو إخراج الريح، ويستحسن أن تقوم بالأمرين معاً. وإذا أخرجت الريح بغياب أي طبيب أو ممرضة، فإنهم سيشكون في الأمر ويسألونك إن كان بإمكانك أن تخرج الريح الآن للتأكد من ذلك، لأن هذا يعطي دليلاً قوياً على أن جهازك الهضمي يعمل بشكل جيد.
كلنا نشعر بالانزعاج عندما نقوم بعملنا طوال اليوم في كرسي إلى جانب شخص ما، ولهذا تذكّر في المرة القادمة أن جسمك يعمل بشكل سليم. واطمئن، فالموضوع لن يستغرق أكثر من 12 ثانية.
تصحيح: نظراً لبعض الجداول المربكة في الدراسة، ورد في النسخة السابقة من هذا المقال أن الفيل يخرج 4 آلاف كغ من الفضلات في المرة الواحدة. وهذ أمر مخيف حقاً، ونحن سعداء أننا أخطأنا في الرقم.