أفاد تقرير نُشر الأسبوع الماضي في دورية نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن، بوفاة شاب هندي في الثامنة عشر من عمره، بسبب انتشار الكثير من يرقات الديدان الشريطية في أجزاء مختلفة من دماغه. كان الشاب قد حضر إلى قسم الطوارئ وهو في حالة صرع شامل، ونظراً لتقدم الحالة، لم ينجح الأطباء في علاجه وتوفي بعدها بأسبوعين. تسمى تلك اليرقات بالكيسات المذنّبة (حيث تشبه اليرقة كيساً أو حويصلة ذات ذنَب أو ذيل)، وتسمى هذه الحالة بداء الكيسات المذنّبة العصبي.
ربما تظن أن العالم قد تجاوز العدوى بالديدان الشريطية، لكنها لا تزال منتشرة في البلدان النامية. كما أفادت بعض التقارير بحدوث حالات إصابة بداء الكيسات المذنبة العصبي في شبه الجزيرة العربية. إليك كل ما تحتاج إلى معرفته عن عدوى الديدان الشريطية وداء الكيسات المذنّبة.
ما مدى انتشار عدوى الديدان الشريطية؟
في عام 2014، أصدرت منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة "FAO" قائمة بأكثر 10 طفيليات تنتشر عن طريق المواد الغذائية، وجاء على رأسها الدودة الشريطية الوحيدة (Taenia solium). وفي فبراير 2018، أصدرت منظمة الصحة العالمية صحيفة حقائق عن داء الكيسات المذنّبة، ذكرت أنه يحدث بالأساس في المجتمعات الزراعية الفقيرة في البلدان النامية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، "يعد داء الكيسات المذنبة العصبي أكثر الأسباب التي تؤدي إلى حدوث إصابات -يمكن الوقابة منها- بالصرع في العالم، حيث يسبب نحو 30% من جميع حالات الصرع في البلدان التي يتوطنها المرض وفقاً للتقديرات ... ويُقدر أن مجموع الأشخاص المصابين بداء الكيسات المذنبة العصبي - سواءً المصحوب بالأعراض أو عديم الأعراض- يتراوح بين 2.56 و8.30 مليون شخص على أساس مجموعة البيانات المتاحة بشأن معدل انتشار الصرع".
في دراسة منشورة في المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية (NCBI) عام 2013، تم تحليل سبع تقارير طبية أفادت حدوث 39 حالة إصابة بداء الكيسات المذنّبة العصبي في منطقة شبه الجزيرة العربية (في الكويت والسعودية وقطر) في الفترة ما بين 2003-2011. وأشار البحث إلى أن أغلب تلك الحالات كانت لسكان محليين، وأن أكثرها كانت بسبب انتقال العدوى من مساعدي المنازل في مناطق تنتشر بها تلك العدوى.
كيف تحدث عدوى الديدان الشريطية (داء الشريطيات)؟
تحدث عدوى الديدان الشريطية نتيجة لتناول اليرقات الموجودة على شكل كيسات في لحوم مصابة غير مطهية جيداً. حيث تتطور اليرقات إلى ديدان ناضجة داخل أمعاء الشخص المصاب وتسبب مرضاً يسمى داء الشريطيات. عادةً ما يكون هذا المرض بلا أعراض، لكن في الحالات الشديدة قد تظهر على المريض أعراض مثل فقدان الوزن والدوخة والصداع وآلام البطن والإسهال والغثيان والإمساك وعسر الهضم المزمن وفقدان الشهية. وعادةً لا يعرف المرضى بوجود الإصابة إلا عند خروج أجزاء من جسم الدودة الشريطية مع البراز.
يخرج مع براز الشخص المصاب أيضاً بيض الديدان الشريطية، الذي ينتقل إلى أمعاء العائل الحيواني الوسيط، ثم يخترقه ويهاجر عبر الأوعية الدموية إلى مختلف الأنسجة داخل جسم الحيوان، ومنها العضلات (أو اللحم)، حيث يتطور البيض في أنسجة الحيوان إلى يرقات على شكل كيسات، والتي تتسبب بعد ذلك في إصابة الإنسان بداء الشريطيات عند تناولها في لحوم مصابة غير مطهية جيداً.
كيف يحدث داء الكيسات المذنّبة؟
يحدث عن طريق تناول أطعمة أو مياه ملوثة ببيض الديدان الشريطية (الذي يخرج مع براز الشخص المصاب بداء الشريطيات كما أسلفنا). ويعد تناول الخضروات الملوثة غير المطهية المصدر الأساسي للعدوى. وبنفس الآلية التي تحدث في العائل الوسيط، يخترق البيض جدار الأمعاء ويتطور إلى يرقات تنتشر في صورة كيسات في بعض أنسجة الجسم، كالجلد والعضلات والعينين، وكذلك الجهاز العصبي المركزي ليسبب داء الكيسات المذنّبة العصبي، وهو أخطر أشكال الإصابة.
وفقًا لبيان منظمة الصحة العالمية، "يمكن أن تكون لهذه العدوى آثار مدمرة على صحة الإنسان. وقد تتطور اليرقات (الكيسات المذنبة) في العضل والجلد والعين والجهاز العصبي المركزي. وعندما تتطور الكيسات في الدماغ، يُطلق على هذا المرض اسم داء الكيسات المذنبة العصبي. وتشمل الأعراض الصداع الشديد والعمى والاختلاجات والنوبات الصرعية، ويمكن لهذه الأعراض أن تصبح مميتة".
أسباب العدوى وسبل الوقاية
تحدث العدوى بسبب سوء إجراءات الصرف الصحي، وقلة النظافة والعناية الشخصية، وإهمال علاج المرضى. فترك الحيوانات عرضة للبراز البشري يسبب داء الشريطيات. أما داء الكيسات المذنّبة فهو ينتقل عبر تناول أطعمة أو مياه ملوثة ببراز بشري لشخص مصاب بداء الشريطيات.
تتطلب الوقاية من داء الشريطيات كسر دورة حياة الدودة الشريطية بالكشف عن المرضى وعلاجهم والتوعية بضرورة طهو اللحوم جيداً، وكذلك بتحسين إجراءات الصرف الصحي وظروف تربية الحيوانات. أما الوقاية من داء الكيسات المذنبة فتتطلب أيضاً محاولة الكشف عن المرضى وعلاجهم والتوعية بضرورة مراعاة النظافة والعناية الشخصية.