استمتع جيل الألفية بالعديد من الأجهزة التقنية التي كان عددها محدوداً بعض الشيء، فلم تكن الخيارات التي نراها اليوم متوفرة بهذا الكم الهائل من الأجهزة والرقميات. لذا كان الاستمتاع بكل جهاز على حدا يطول لسنوات معدودات، وعند تبادل أطراف الحديث، نتذكر الأجهزة الرقمية واحداً تلو الآخر بكل تفاصيله ومراحله، وهذا ما نفتقده في هذا التسارع التقني الحادث اليوم.
انتقينا بعضاً من الأجهزة والتقنيات التي كانت متواجدة في بداية الثمانينيات، وعاصرها جيل الألفية منذ بدايتها، وحتى جاءت بدائلها. إليك 6 من التقنيات التي نشعر بالحنين إليها جميعاً.
-
مشغلات «ووكمان» الصوتية
في نهاية سبعينيات القرن الماضي، أعلنت شركة سوني عن جهازٍ جديدٍ لعشاق عالم سماع الموسيقى، مشغّل موسيقى محمول باللون الفضي والأزرق مع أزرار برّاقة وحقيبة جلدية وسماعات، أطلقت عليه اسم «ووكمان»، ليكون اسماً ثابتاً في جميع البلدان. وعلى الرغم من تنبؤ الشركة ببيع 5000 وحدة فقط خلال الشهر الأول، استطاعت الشركة بيع 50 ألف وحدة في أوّل شهرين.
لم تكن سوني نظرياً أول شركة تُطلق مشغّل صوتيات محمول، فقد أنتجت شركة «ريجنسي» جهازاً في أوائل عام 1954، لكنه لم يتميز بالخصوصية، وإمكانية حمله إلى أي مكان؛ لهذا كان جهاز الووكمان مثالياً للمستهلكين.
ازدادت شعبية ووكمان ما بين عامي 1987 و1997 وذلك بعدما أنتجته شركات أخرى مثل توشيبا وباناسونيك وأيوا، واستطاعت سوني أن تمتلك نسبة كبيرة في الأسواق بعد طرحها لأشكالٍ مختلفة منه بما في ذلك جهاز مقاوم للماء، وآخر يعمل بالطاقة الشمسية.
-
أقراص الليزر
قبل ظهور أقراص ـ«DVD» وـ«Blu-ray»، ناضلت أقراص الليزر في حقبة الثمانينيات والتسعينيات أمام شرائط الفيديو مع انتشار أجهزة الكمبيوتر المنزلية، وانتشرت انتشاراً واسعاً حينئذ. لكن في أوائل عام 2009، توفت اسطوانات الليزر رسمياً، بعد اكتسابها سمعة طيبة لتوفير الجودة والصوت والتصفح المتميز مقارنة بشرائط الفيديو في هذا الوقت.
أصبح القرص البصري اللامع الذي يبلغ حجمه 12 بوصة، والذي تنافس مع شرائط الفيديو وشرائط الكاسيت المرئية «بيتا ماكس» في سوق الفيديو المنزلي طي النسيان، فقد أعلنت شركة «بيونير» عن آخر إنتاجاتها لهذه الأقراص ليصل المجموع الكلي لأقل من 17 مليون وحدة، ليبدأ عصر الدي في دي والبلو راي.
-
نظامي «أتاري ونينتندو» للترفيه
سعت شركة أتاري إلى إعادة ابتكار سوق الألعاب المنزلية عام 1977، وكانت تهدف إلى وجود مكتبة متنامية باستمرار من الألعاب القابلة للتبديل، وطورت جهاز أتاري 2600 الذي حطّم أرقاماً قياسية لمدة 13 عاماً، حتى وصل إلى أواخر عصره في أوائل التسعينيات، وظهرت العديد من أنظمة الترفيه منها نظام نينتندو للترفيه.
بعد نجاح ساحق لجهاز فاميكون في اليابان الذي أُطلق عام 1983، بدأت شركة نيتيندو، التي تشكّلت قبل 100 عام تقريباً، في تصنيع بطاقات الألعاب، وبدأت اختبار أسواق أخرى للألعاب خارج اليابان، وأطلقت في النهاية نظام نينتيندو للترفيه عام 1986 القابل للتبديل بين الألعاب.
استطاعت لعبة «سوبر ماريو» أن تخطف أنظار الجميع، وأن تجعلهم مدمنين لهذه الأنظمة الترفيهية بمستوياتها المختلفة، وبينما هي كذلك، امتلأ السوق الأميركي بألعابٍ ذات جودة رديئة أدت إلى كساد هذه الصناعة بالكامل مؤثرة بالتبعية على نظامي أتاري ونينتندو في هذه الفترة.
-
إنترنت الهاتف الأرضي
بداية من أواخر الثمانينيات وحتى أوائل الألفية، كانت هناك فئة كبيرة تتصل بالإنترنت من خلال خط هاتفي قياسي، ذلك من خلال توصيل خط الهاتف الأرضي بمودم الحاسوب الخاص بهم، وإدخال الطرف الآخر في مقبس الهاتف، ويكون الاتصال بالإنترنت عن طريق الاتصال برقم معين لمزود الخدمة، وبهذا يتصل حاسوبك بالإنترنت.
عانى المستخدمون في هذه الأيام أشد العناء، فرغم تكلفة الاتصال الزهيدة، إلا أنها كانت أبطأ عمليات الاتصال بالإنترنت، وعند الاتصال بالإنترنت يُمنع استخدام هاتفك الأرضي للاتصال. لكن اليوم أصبحت شبكات الإنترنت اللاسلكية تملأ شوارعنا بلا مانع، وتزايدت السرعات إلى سرعات صاروخية.
-
شاشات أشعة الكاثود
على الرغم من اكتشاف أشعة الكاثود CRT لأول مرة عام 1869 من قبل «يوهان هيتورف»، لم يكن لها وجوداً حتى عام 1897، حينما اختُرع أول CRT من قبل «فرديناند براون». كان «أنبوب براون» أول استخدام للصمام ثنائي الكاثود، مع وجود شاشة مغلقة بالفوسفور.
قام «جون جونسون» و«هاري وينر وينهارت» بإنشاء أول أنبوب لأشعة الكاثود الساخن، وتحويلها إلى منتج تجاري في عام 1922. وفي عام 1943، تم توفير أول شاشات تلفاز CRT تجارياً في ألمانيا، وحُسّنت التقنية أكثر من مرة واستُخدمت كشاشات للحواسب والتلفاز واستُخدمت على نطاق واسع حتى بداية الألفية، وحينها ظهرت شاشات الكريستال السائل، وخطفت الأضواء منها.
-
الكاميرات الفلمية
كانت شركة كوداك من أولى الشركات التي قدمت الكاميرات الفلمية التي تتيح إمكانية تحميل الفيلم تلقائياً، ولعلك تتذكر الشريط الأسود الطويل الذي كان يُلف حول اسطوانة بسيطة من البلاستيك داخل الكاميرات القديمة، فهذا ما كان يُسجل عليه الصور المُلتقطة.
استطاعت أفلام الكاميرات المعروفة بالرمز 126 الانتشار بشكل كبير، وبيع منها أكثر من 50 مليون فيلماً ما بين عامي 1963 و1970 وتبعتها سلسلة أخرى حملت الرمز 110، وحققت مبيعات بنحو 25 مليون دولار خلال 3 سنوات فقط. حلّ بعد ذلك الهجوم الرقمي وتراجعت مبيعات الكاميرات الفلمية والأفلام، وأوقفت كوداك إنتاجها السينمائي في منتصف التسعينيات، وكانت آخر منتجاتها في 2009.
كانت هذه المنتجات الثورية في عصرها نواة للتقنيات والأجهزة الموجودة حالياً في عالمنا الرقمي، فأتاري تحوّلت إلى إكس بوكس وبلاي ستيشن، والكاميرا الفلمية إلى رقمية والووكمان إلى هواتف ذكية وأجهزة لوحية، وغيرها من التقنيات التي تدفن ويحل محلّها من يستطيع المنافسة والحصول على رضا المستخدم.