حتى الحيوانات الأليفة يمكنها التبرع بالدم

3 دقائق

يبدي كثير من الناس استعداده الدائم لعملية التبرع بالدم، حتى أولئك الممنوعون من ذلك لأسبابٍ مختلفة منها أسباب صحية، لكن القليل يدرك أن الحيوانات الأليفة يمكنها التبرع بالدم أيضاً.

في الحقيقة، قد تحتاج الحيوانات المريضة أو المصابة نقل الدم إليها أحياناً كالبشر تماماً، ويُلاحظ أن الحاجة إلى ذلك آخذة في الازدياد، لكن وعي الناس بأن الحيوانات الأليفة يمكنها التبرع بدمه ما يزال محدود. صدرت دراسةٌ حديثة نُشرت في أسبوعية «فِت ريكورد»، والتي تُعنى بصحة الحيوانات الأليفة، تتحقق من مدى وعي مالكي الحيوانات الأليفة بقضية التبرع بالدم لدى حيواناتهم، وما إذا كانوا مستعدين للسماح لحيواناتهم الأليفة بالتبرع بالدم. تشير نتائج الدراسة -على الرغم من أن حجم العينة المدروسة صغير- إلى أن معظم الناس في الولايات المتحدة وبريطانيا لا يعلمون شيئاً عن ذلك الأمر.

فقد قام باحثان من مستشفى الحيوانات الصغيرة التابع للكلية البيطرية الملكية في المملكة المتحدة، والذي يملك بنكاً لدم الحيوانات الأليفة؛ بإجراء مسح لعينة شملت 158 من مالكي الحيوانات الأليفة الذين يترددون على العيادة البيطرية بانتظام للتحقق من مدى وعيهم بهذا الأمر. تم سؤالهم من خلال ملئ استبيانٍ عما إذا كانوا يوافقون على أن تتبرع حيواناتهم الأليفة بالدم أم لا. وعلى الرغم من إقرار الباحثين بأن العينة ليست شاملة ولا تعبر عن الجمهور الكلي، إلا أنّ نتائجها -وكما تشير القائمة على الدراسة «كارين هام»، تقدم لمحةً أولية ونقطة إنطلاقٍ مهمة لفهم ردّ فعل الناس على سؤالٍ يتم طرحه لأول مرة فيما يتعلق بالتبرع بدم الحيوانات الأليفة .

تقول كارين هام: «لم يكن هناك سوى القليل من الدراسات حول السبب الذي يشجع الناس أو يمنعهم من إحضار حيواناتهم الأليفة للتبرع بالدم». تشير نتائج الدراسة أن الأمر يعود برمته إلى وعي الناس وإدراكهم للأمر، على الأقل في المجموعة المدروسة، وكما تقول الدراسة، فإن 70% من مالكي الحيوانات الأليفة لم يكونوا على علمٍ بأنّ قطة أو كلباً يمكنه التبرع بالدم. ومع ذلك، فقد قال 89% ممن شملهم المسح أنه لا مانع لديهم بأن تتبرع حيواناتهم الأليفة بالدم طالما أمكنهم ذلك.

وتضيف كارين: «كان مالكو القطط أكثر قلقاً وريبةً بشأن جلب قططهم للتبرع بالدم من مالكي الكلاب، وهذا أمر منطقي عموماً لأن كلاً من الكلاب والقطط تستجيب بشكلٍ مختلف للمعاملة التي تتلقاها تحضيراً للتبرع بالدم. فمالك الكلب يتصور أن كلبه سيكون راضياً بالمعاملة والمكافئة التي سيحصل عليها بعد تبرعه بالدم، بعكس مالك القط تقريباً، والذي ربما يخشى من شعور قطه بالقلق والخوف ما سيدفعه إلى المواء التحذيري وخدش مالكه أو من حوله. لكن الحاجة للتبرع بدم القطط وتوفر فصائل مختلفه منه في حالة الطوارئ مهمٌ جداً. فكما لدى البشر، لدم الكلاب والقطط فصائل دموية مختلفة أيضاً، إلا أن القطط مثل البشر من ناحية استجابة الجسم المميتة عند تلقيه فصيلة دم خاطئة، بعكس الكلاب التي لديها القابلية لتلقي أنواع من الفصائل الدموية تختلف عن فصيلة دمها الأساسية، دون أن تبدي أجسامها أي رد فعلٍ مميت.

ولكن الأمر يتعلق أيضاً بطبيعة الحيوان الأليف، فهناك بعض الكلاب تبدي قبولاً للتبرع بالدم، وتحب المعاملة التي تتلقاها من عطف وحنية ولا تبدو خائفةً أو منزعجةً أثناء تبرعها بالدم، لكن هناك كلاب أخرى تشعر بالخوف، فيتم استبعادها من التبرع بالدم. تقول كارين هام: «طبعاً لا يمكن للكلاب أو القطط القول: لا أريد المجيء والتبرع بالدم، لذلك ينبغي على الطبيب البيطري تقييم حالة الحيوان ومدى ارتياحه وقبوله للأمر، وإذا لم يكن كذلك، نقوم باستبعادهم، لأن إجبارهم على التبرع ليس منصفاً».

ويتّبع الأمر نفسه في بنك دم الحيوانات في جامعة كاليفورنيا في ديفيس، حيث يقول «شون أوينز»، مدير الشؤون الصحية: «إذا بدت الحيوانات خائفةً أو مترددةً أثناء الاختبارات الأولية قبل التبرع بالدم، فسيتم استبعادها. نحن ننظر إلى قيام الحيوانات الأليفة بالتبرع بالدم كنظرتنا إلى مدى تقبل كلاب الحراسة أو الإنقاذ القيام بمهماتها الموكلة إليها، فإن أبدت تكاسلاً وفتوراً في ذلك، يتم استبعادها من الخدمة أيضاً».

بالعودة إلى الدراسة، فقد تبين أن هناك دوافع مختلفة لدى المالكين الذين أبدوا استعدادهم للسماح لحيواناتهم الأليفة بالتبرع بالدم. كانت الرغبة في مساعدة الآخرين وإنقاذ الحيوانات الأليفة الأكثر ملاحظةً، بينما قال بعض مالكي الحيوانات الأليفة أنهم يتفهمون «ضرورة تلك الخدمة»، بينما قال البعض الآخر أنهم يأملون بذلك أن يتبرع حيوان ما لحيوانه الأليف يوماً ما إذا دعت الحاجة لذلك.

يقول «أوينز» أن الدراسة التي أُجريت في المملكة المتحدة تتفق مع معلوماته، ومعرفته بالقدر القليل جداً الذي يدركه أغلب الناس في الولايات المتحدة عن أهمية التبرع بدم حيواناتهم الأليفة، وبنوك دم الحيوانات. حيث يتم تقديم الدم للبعض في الولايات المتحدة عبر «مراكز مغلقة» تُربى الحيوانات الأليفة في بنك الدم بهدف الحصول على دمها بانتظام فقط. وهو ليس وحده من يصف ذلك الأسلوب بتربية الحيوانات لهذا الغرض باللا إنساني والوحشي، في حين أنها تقدم الدم للحيوانات الأليفة الأخرى.

ويضيف أوينز: «لا ندفع لمالك الكلب مقابل تبرع كلبه بالدم»، ويضيف: «معظم البنوك تقدم مقابل ذلك أسعاراً مخفضة على العلاج أو أدوية البراغيث، حيث أن معظم مالكي الكلاب المُتبرعة بالدم هم إما متقاعدون أو من ذوي الدخل المحدود، ما يتيح لكلابهم الحصول على رعايةٍ طبية أفضل».

ما تزال قضية تبرع الحيوانات الأليفة بالدم أمراً مقلقاً ومحفوفاً بالمخاطر، الأمر الذي دفع بعض المدافيعن عن حقوق الحيوان للقول أن كلمة «متبرع» لا تعبّر بدقة عن موافقة ضمنية للحيوان الأليف نفسه بالتبرع بالدم، لكن الطلب على دم الحيوانات ما يزال مرتفعاً -كما هو الحال مع دم الإنسان-، وغالباً يحصل عجز في تأمينه. قد يكون السعي للحصول على موافةٍ ضمنية من الحيوان (مدى رضاه وتقبله للتبرع بالدم) هو أفضل ما يمكن أن يفعله الأطباء البيطريون.

المحتوى محمي