يمتلك البشر جميعاً نقطة عمياء في عيونهم، نقطة لا ترى. النقطة العمياء في العين هي نقطة داخل شبكية العين، ولا تحتوي على مُستقبلات ضوئية، وعليه فلا توجد إشارات واصلة للمخ. فهل هي حالة مَرضية أم طبيعية؟ وما هو رد فعل المخ تجاه هذه النقطة؟ ولماذا لا نلاحظها أبداً؟
كيف نرى؟
يعمل الجزء الملون في العين أو القزحية على منع الضوء من دخول العين من اتجاهات شتى في مرة واحدة، وذلك عن طريق السيطرة على حجم بؤبؤ العين (البقعة السوداء وسط العين التي يدخل الضوء من خلالها)، ثم يعبر الضوء من خلال العدسة التي تساعد على تركيزه إلى الشبكية خلف العين. تحتوي الشبكية على خلايا تسمى «مستقبلات الضوء»، وهناك صبغات خاصة تحتوي هذه الخلايا التي تمتص طاقة الضوء وتحولها إلى إشارات تُرسل للمخ عبر الأعصاب، ثم يضع المخ الإشارات المختلفة من مستقبلات الضوء المختلفة مكونًا الصورة. وفي العصب البصري؛ هناك أكثر من 130 مليون خلية مستقبلة ترتكز على نحو مليون ليفة من الألياف التي تُكون العصب البصري. والعصب البصري هو مُوصّل يحمل الألياف العصبية من العين إلى المخ.
اقرأ أيضاً: العين أيضاً تصاب بالجلطة: تعرف إلى أسبابها
وظيفة النقطة العمياء في العين
النقطة العمياء هي نقطة خروج العصب البصري من العين، إلى الدماغ لنقل الصور ومعالجتها. في هذه النقطة الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها رأس الدبوس، ينعدم وجود المستقبلات الضوئية (الخلايا البصرية وهي العصي والمخاريط).
لماذا لا نلاحظ النقطة العمياء؟
لا نلاحظ النقطة العمياء في عيوننا حتى ولو أغلقنا إحدى عيوننا، لأن الارتعاشات الصغيرة في عضلات العين تسبب تحرك النقطة العمياء، ولأن النقطة العمياء تقع في أماكن مختلفة من محيط الرؤية في كل عين، ولأن الأمر ببساطة أن المخ يتخيل هذه النقطة المفقودة ويعوضها بما يراه هو لكن لا يعوضها من بنات أفكاره بالكامل، ويستخدم المعلومات المتاحة الواصلة من العين الأخرى ليكمل الصورة، فتمتلك كل عين مجالاً للرؤية يتداخل مع العين الأخرى ليعوّض هذه نقطة الرؤية المفقودة. وتسمى هذه العملية بــ (الإكمال).
اقرأ أيضاً: هل النظر إلى الكسوف يؤذي العينين؟
كيف تحدد النقطة العمياء؟
بالرغم من امتلاكنا جميعاً للنقطة العمياء، إلا أننا لا نلاحظها أبداً. يمكننا تحديدها ببساطة في دقائق معدودة عن طريق جلب ورقة بيضاء، ورسم علامة «X» في الناحية اليسار، وعلامة «O» على اليمين، يبعدان عن بعضهما بمسافة 14 سنتيمتر. قم بتغطية عينيك اليمين، ثم انظر إلى علامة «O» بعينيك اليسرى، ثم قم بإبعاد الورقة وتقريبها، وعند نقطة معينة سوف تختفي النقطة «X».
علاج البقع العمياء في العين
وجود النقطة العمياء في عيوننا أمر طبيعي تماماً، لكن يبدأ القلق عندما نلاحظ وجود النقطة العمياء في عيوننا، فالطبيعي هو ألا نلاحظها، عندها يجب التوجه للطبيب واستشارته.
بالإضافة إلى ذلك، قد تلاحظ اتساعاً في النقطة العمياء، أو وجود أكثر من نقطة عمياء في العين، أو نقاط عمياء عائمة، وهذا كله نتيجة لنقص المستقبلات الضوئية، ويتوجب زيارة الطبيب.
اقرأ أيضاً: قطرة عينية لمعالجة العمى عند الرضع
أسباب تطورية وراء النقطة العمياء
سنعرف لماذا نمتلك نقطة عمياء إذا عرفنا لماذا لا يمتلكها الأخطبوط. فالأخطبوط عكس الإنسان في الرؤية تماماً. يمتلك طبقة واحدة من المُستقبلات، وتُعرض الصور للمخ من خلال العصب البصري، ولا تمر الأعصاب البصرية من خلال المستقبلات بل من خلفها.
أما امتلاك الإنسان للنقطة العمياء يرجع سببه لملايين السنوات من التطور حدث خلالها تكيف لعيون الفقاريات بشكلٍ معقد، ويُسأل عن هذا الأسلاف شبيهة الأسماك التي امتلكت مستقبلات ضوئية تتجه بعيداً عن الضوء. بالتالي كانت تقع الصبغات التي تمتص الضوء خلف الخلايا بعيداً عن الضوء. وقد ورثنا مستقبلات الضوء الخلفية من الأسلاف، وسبّب ذلك ضرورة مرور الأعصاب التي تحمل الإشارات الضوئية للمخ أمام الشبكية، وهذه الأعصاب الشفافة التي لا تتداخل مع الرؤية تتجمع في نقطة خلف العين وهي القرص البصري، وهي نقطة مكتظة بالأعصاب لا يوجد بها موضع قدم لمستقبلات الضوء، وعليه تتكون النقطة العمياء.
اقرأ أيضاً: 6 أمراض تصيب العين مع التقدم في العمر
ختاماً، تُرى هل تخدعنا عقولنا؟
يقول الكاتب «محمد المخزنجي»: «في عيوننا بقعة عمياء لا يتصور الناس عماها، لأنها عند مدخل العصب البصري إلى قاع العين، ففي هذه البقعة وسط الشبكية لا توجد خلايا تستقبل الضوء، وحتى نكمل صور ما نراه تقوم أمخاخنا بملء الفجوة بما تتوقعه من اكتمال. ثم إننا نعمي واقعياً مع كل طرفة عين، بمعدل يتراوح بين 12 - 14 مرة في الدقيقة، وهو المعدل ذاته الذي تتردد فيه أنفاسنا. فكم من تفاصيل واقعية يمكن أن تتغير في الصورة ونحن نرمش، بينما يعوضها الحدس الذي لا دليل على واقعيته. فكان أن نشرت دورية «نيو ساينتست» ذلك اللغز تحت عنوان مخيف هو: «الوهم الكبير» وهم أن ترى عيوننا ما تعمى هي عنه».