تعرضت بعض فصائل الحيوانات خلال الخمسمئة عام الماضية لانقراض حوالي 1000 فصيلة، بدءاً من حيوان «بيسون» الغابات في فرجينيا الغربية في الولايات المتحدة، إلى الآيل ميريام، وجراد جبال روكي، فأين ذهبت هذه الحيوانات؟ وماذا فعلنا بها؟
ماذا فعل الإنسان ببقية المخلوقات؟
عدد الحيوانات المُنقرِض سنوياً غير معلوم على وجه الدقة، لكن يُقدّر بنحو 100 ألف سنوياً، أو نوع كل 5 دقائق تقريباً. وعلى الرغم من أن الانقراض بالأساس ظاهرة طبيعية، تحدث دون تدخل من الإنسان، إلا أن الإنسان هو المسؤول عن تسارع معدل انقراض الحيوانات أكثر من المعدل التاريخي للانقراض. يرجع ذلك لأسباب مباشرة أولها حدوث تغيرات في التربة، بسبب تجريف الغابات، والاستخدام السيء للبحار، وتدمير الشعاب المرجانية، وصيد الأسماك الجائر، والزيادة السكانية، والتلوث، وأدى الإفراط في تجريد المياه الجوفية إلى انخفاض الحياة البرية على ضفاف الأنهار من المكسيك إلى اليابان.
خطر الانقراض
يهدد الإنسان وجود ملايين الفصائل الأخرى، وبالتبعية يهدد التنوع البيئي، والحيوي. ولتصور المشكلة يكفي أن نعلم أن الكتلة الحيوية للحيونات البرّية قد انخفضت بمقدار 82% وفقاً لتقرير الجارديان، وفقد النظام البيئي الطبيعي نصف مساحته، والآن تنتظر ملايين الفصائل مصيرها في الانقراض.
ومن المتوقع أن نصف فصائل الحيوانات الموجودة حالياً سوف تنقرض في خلال مائة عام. ويتوقع أيضاً أنه في خلال ال 15-40 عام المقبل سينقرض الدب القطبي، والشمبانزي، والفيل، ونمر الثلوج، والببر، والغوريلا الجبلية.
لم تكن 2019 رحيمة بالحيوانات
اتخذ اليوم العالمي للتنوع البيئي هذا العام شعار «تنوعنا البيئي، غذائنا، صحتنا» من أجل التأكيد على أن الغذاء والصحة ترتكز على التنوع البيئي، وعلى المنظومة البيئية.
لكن كانت 2019 سنة سيئة على بعض الحيوانات مثل حيوان الرنة؛ فقد وُجد 200 حيوان منهم نفقوا في جزيرة سفالبارد في النرويج، لأن التغيرات المناخية أعاقت وصولهم للنباتات التي يتغذون عليها.
وفي 2019 وضع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة أو الـ «IUCV» قائمة حمراء تفيد بأن ثلث فصائل الحيوانات مُعرضة لخطر الانقراض، وقدر العدد الكلي بــ 105732 نوع. وقد أصدرت الأمم المتحدة تقريراً هذا العام يحذر من نسبة تسارع انقراض الحيوانات بشكلٍ غير مسبوق. ترى الأمم المتحدة أن الاستجابة العالمية الحالية غير متكافئة مع هذا الخطر.
كما ذكر التقرير أنه منذ عام 1980 تضاعف انبعاث غازات الدفيئة، والتي تسببت بدورها في ارتفاع درجات الحرارة العالمية 7 درجات مئوية. وهذا التغير المناخي له تأثير على كل شيء من التوازن البيئي حتى الجينات الوراثية، ويتوقع أن يزداد هذا التأثير في العقود المقبلة.
لكن التقرير يفيد أيضاً بأن الوقت للحفاظ على التنوع البيئي لم يتأخر تماماً، ويمكن البدء لإحداث تغيير على مستوي محلي وعالمي. يمكن ذلك عن طريق إحداث تغيير جوهري يمكن به الحفاظ على الطبيعة. هذا التغيير الجوهري لابد أن يتم عن طريق خلق إعادة تنظيم عالمي، باستخدام وسائل تكنولوجية، واجتماعية وسياسية أيضاً.
لكن 2019 لم تكن سيئة تماماً على الحيوانات؛ فهناك قصص ناجحة للحفاظ على بعض الطيور والحيوانات؛ مثل المرجان، وطائر الكوندور ووحيد القرن الأبيض الشمالي؛ بفضل العلماء ومنظمات الحفاظ على البيئة، وجيش من المتطوعين.
ماذا سنفعل؟
يوصي تقرير الأمم المتحدة بتحركات سياسية، ومبادرات اجتماعية لرفع الوعي عن خطر استهلاكنا للطبيعة، وحمايتنا للبيئة حتى على المستوى المحلي، ودعم اقتصاديات التنمية المستدامة، وحماية المجمعات المائية، وفرض عقوبات دولية على مسببات التلوث.
ويوضّح التقرير عدة خطوات ممكن عملها لدعم الاستدامة؛ أولها في مجال الزراعة واتباع النظم البيئية في الزراعة، وفي المجال البحري دعا التقرير الصيادين، وأصحاب الشبكات التي تُنصب في البحار بالتخطيط المكاني للصيد، وحماية أماكن التنوع السمكي، وتقليل التلوث الناتج عن تصريف المياه في المحيطات.
وختاماً، فإن أول خطوة لحل هذه المشكلة المتجذرة هو زيادة الوعي المجتمعي بالتأثير الفردي لكل شخص على البيئة، لأن الأمر مثل «مناعة عامة»؛ لابد أن يتلقى أكبر قدر من البشر التطعيم كي يتم تحجيم الفيروس. وبالمثل كل فعل تدميري يمارسه الشخص على الطبيعة، ينعكس على كل المخلوقات الأخرى.