مع تراجع أعداد الإصابات بكورونا: هل حان وقت رجوع الأطفال للمدارس؟

4 دقائق

نحن 3 متخصصين في الأمراض المعدية للأطفال نعيش ونعمل في ولاية فرجينيا الغربية. وفقاً للإحصائيات، يقدم النظام الصحي في جامعة غرب فيرجينيا خدماتٍ صحية لنحو 400 ألف طفل. حتّى الآن، اُختبر 2520 طفلاً تختلف أعمارهم حتى سن 17 عاماً للتأكد من إصابتهم بفيروس كورونا. كانت نتيجة 67 طفلاً منهم إيجابية، بينما اضطر طفلٌ واحدٌ للدخول إلى المستشفى لعلاج أعراض المرض.

كثيراً ما يسألنا الأهالي عن العلاقة بين الأطفال ومرض كوفيد-19؛ هل يُصابون به؟ هل ينبغي علينا إرسالهم إلى الحضانة أو المدرسة وممارسة الرياضة، وهل نسمح لهم برؤية الأصدقاء والانضمام إلى الرحلات الصيفية؟ ما هي المخاطر المحتملة التي يمكن أن يتعرضوا لها، وهل يمكن أن ينقلوا الفيروس للآخرين؟

بناءً على الأبحاث الحالية وتجاربنا الخاصة، يبدو أن الأطفال حتى عمر 17 عاماً يواجهون مخاطر قليلة من فيروس كورونا. يعاني جميع الأطفال تقريباً من مرض غير مترافقٍ بأعراض أو تكون خفيفةً جداً أو خفيفة عموماً، ولكن نسبة صغيرة من الأطفال يمكن أن يتطور المرض لديهم، وتظهر لديهم أعراض شديدة. بالإضافة إلى ذلك، هناك أدلة على أن الأطفال يمكنهم نقل الفيروس للآخرين، ومع الانتشار الواسع النطاق للوباء في جميع أنحاء الولايات المتحدة، تثير هذه الحقائق مخاوف جدية بشأن إعادة فتح المدارس، وكيف ينبغي للأطفال أن يحموا أنفسهم في ظل الجائحة الحالية؟

الأطفال معرضون للخطر

عند التفكير في دور الأطفال في هذه الجائحة، فإن السؤال الأول الذي يجب طرحه هو ما إذا كان يمكن أن يصابوا، وإذا كان الأمر كذلك، فكم مرة.

بلغت نسبة الإصابات بين الأطفال المبلغ عنها حتى أواخر شهر أبريل/ نيسان في الولايات المتحدة 1.7% فقط من بين الإصابات الكلية، أي 2572 حالة فقط، وذلك رغم أن الأطفال يشكلون 22% من سكّان الولايات المتحدة.

لكن الأبحاث الحالية تظهر أن الأطفال، من الناحية الفسيولوجية، معرضون للإصابة بفيروس كورونا مثل البالغين. قد يرجع هذا التناقض بين تعداد الحالات والحساسية البيولوجية؛ إلى حقيقة أن الأطفال عموماً لا تظهر لديهم سوى أعراض بسيطة إلى خفيفة عند الإصابة بفيروس كورونا. بالتالي هم أقل عرضة للاختبار، وقد يعود السبب أيضاً في أن الأطفال بشكلٍ عام يتعرضون بشكلٍ أقل للفيروس مقارنة بالبالغين. حيث لا يذهب الأطفال إلى العمل، وربما يذهبون إلى المتاجر بتواتر أقل من البالغين، كما أنهم لا يذهبون إلى الحانات وصالات الألعاب الرياضية كما البالغين.

بالرغم من أن الأطفال أقل عرضة للإصابة بفيروس كورونا، إلا أنهم بالتأكيد ليسوا محصنين ضده. تُظهر البيانات أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامٍ واحد والذين يعانون من مشاكل صحية هم الأكثر عرضة للدخول إلى المستشفى. حيث يعاني هؤلاء الأطفال عادة من ضيق التنفس الشائع المصاحب لمرض كوفيد-19، وغالباً ما يحتاجون إلى الأكسجين، ودعم العناية المركزة. حتى 11 يوليو/ تموز، توفي 36 طفلاً في سن 14 عاماً أو أقل بسبب فيروس كورونا.

وبالإضافة إلى ظهور بعض حالات المرض النموذجية لدى الأطفال، كانت هناك مؤخراً بعض التقارير المخيفة عن أن أجهزة المناعة لدى الأطفال تًصاب بالضرر بعد إصابة الأطفال بفيروس كورونا.

لوحظ أخيراً وجود ارتباطٍ ما بين مرض «كاواساكي» والتعرض لفيروس كورونا. يصيب هذا المرض الأطفال الصغار والأطفال في سن ما قبل المدرسة في العادة، وتتجلى أعراضه في ارتفاع درجة الحرارة لفترة طويلة، والطفح الجلدي واحمرار العين، وتورم الفم وتضخم شرايين القلب. وفي الواقع، تنجو الغالبية العظمى من الأطفال المصابين بمرض كاواساكي بعد حصولهم على أدوية تخفف التورم، لكن للأسف، توفي عددٌ قليل من الأطفال بعد أن تعرضوا إلى فيروس كورونا الذي أدى لإصابتهم بمرض كاواساكي. لا يعرف الأطباء حتى الآن الأسباب الكامنة وراء مرض كاواساكي، أو السبب في أن عدوى فيروس كورونا تتسبب في حدوثه لدى الأطفال.

كما وردت تقارير أيضاً في الأشهر القليلة الماضية عن إصابة بعض الأطفال بحمى وطفح جلدي؛ إلى جانب انخفاض ضغط الدم الذي يهدد الحياة، وفشل القلب الحاد المفاجئ بعد إصابتهم بفيروس كورونا. يشير الأطباء إلى أن الأطفال والمراهقين الذين يُصابون بمتلازمة الصدمة المرتبطة بمرض كوفيد-19، والتي تُعرف الآن بمتلازمة الالتهاب متعددة الأنظمة عند الأطفال، أو يُشار إليها اختصاراً بـ «إم آي سي-سي»، يشيرون إلى أنهم أكبر سناً من الأطفال الذين يصابون عادةً بمرض كاواساكي. يعتقد الخبراء أن هذين المرضين مختلفان رغم وجود أعراضٍ وعلاجاتٍ متشابهة بينهما.

الأطفال «ناشرين» لفيروس كورونا

إذا التقط الطفل فيروس كورونا، فإن السؤال المهم التالي هو: ما مدى سهولة نشره للفيروس؟ نظراً لأن الأطفال يعانون من أعراض أكثر اعتدالاً، يعتقد بعض الخبراء أن الأطفال لا يلعبون دوراً رئيسياً في انتشار الفيروس. وبالإضافة إلى ذلك، أظهرت الأبحاث الحديثة أن معظم الأطفال الذين يصابون بفيروس كورونا يصابون به من آبائهم، وليس من أطفال آخرين.

قد يعاني الأطفال الصغار من سعال أقل حدة، وبالتالي ينشرون عدداً أقل من الجزيئات الفيروسية المعدية في بيئتهم. وجدت دراسة حديثة في كوريا الجنوبية أن الأطفال الصغار أقل قدرة على نشر المرض مقارنة بالبالغين، بينما يمكن للأطفال والمراهقين الذين تترواح أعمارهم بين 10 و 19 عاماً نشر الفيروس كالبالغين على الأقل. قد يكون السبب في الافتقار إلى دليلٍ يثبت أن الأطفال هم المصدر الرئيسي للعدوى؛ هو إقفال المدارس في الربيع الماضي على مستوى البلاد بأكملها ضمن إجراءات الوقاية للحد من انتشار الفيروس. لذلك قد نجد الإجابة عن هذا السؤال لاحقاً بالتزامن مع افتتاح المدارس، وعودة الأطفال لممارسة أنشطتهم اليومية العادية.

ما العمل الآن؟

تُظهر الأدلة بوضوح أن الجميع -بغض النظر عن العمر- يمكن أن يصابوا بفيروس كورونا. وفي حين تُظهر الأبحاث أن الأطفال أكثر مقاومة لتطور أعراض المرض، إلا أنهم ما زالوا معرضين للخطر، ويمكن أن ينشروا الفيروس حتى لو لم تظهر عليهم أية أعراض.

بالنظر إلى هذه المعلومات، يبرز السؤال حول هل ينبغي إعادة فتح المدارس خلال الأسابيع القادمة أم لا؟ قد يكون افتتاح المدارس خياراً قابلاً للتطبيق في الأماكن التي ينتشر فيها الفيروس بمعدلاتٍ منخفضة. لكن أعداد الإصابات في معظم أنحاء الولايات المتحدة تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في الوقت الحالي، لذلك نحتاج إلى الحذر عند إعادة فتح المدارس على نطاقٍ واسع.

في النهاية، وبالنظر إلى أن الأطفال الصغار أقل عرضة لتطور المرض لديهم إلى مستوى خطير، فهم على الأرجح أقل عرضة لنشر الفيروس، ويمكن أن يستفيدوا من التفاعل فيما بينهم إلى حدٍ كبير، لذلك نعتقد أنه يمكن أخذ افتتاح مدارسهم بعين الاعتبار. قد يكون افتتاح المدارس الابتدائية، وتوفير خياراتٍ مختلفة للتعلم عن بعد بالنسبة للصفوف الأعلى؛ إحدى الطرق للتعامل مع هذه المشكلة الشائكة.

المحتوى محمي