وجد باحثون صينيون في دراسة صغيرة نسبياً أن الأشخاص الذين يرتدون نظارات يبدو أنهم أقل عرضة لالتقاط عدوى فيروس كورونا. لاحظ مؤلفو الدراسة التي نُشرت في دورية «جاما أوفثالمولوجي» المتخصصة في الأبحاث الطبية للعيون، أن عدد مرضى كوفيد-19 المسجلين في المشافي هناك كان قليلاً منذ بدء انتشار فيروس كورونا في ووهان الصينية في ديسمبر/ كانون الأول 2019. حيث كان الأمر ملفتاً للنظر، فلجأ الباحثون، بهدف إجراء مزيدٍ من التحقق، إلى جميع البيانات المتعلقة بارتداء المرضى المصابين بالمرض للنظارات وإضافتها إلى سجلهم الطبي.
خلص الباحثون في دراستهم الصغيرة تلك إلى أن 16 مصاباً بكوفيد-19 فقط (5.8%) من أصل 276 كانوا يحتاجون لارتداء النظارات أكثر من 8 ساعاتٍ في اليوم. ثم قرروا بعد ذلك التحقق من نسبة الأشخاص الذين يعانون من قصر النظر في مدينة هوبي (حيث يقع المشفى) بعد أن تبين لهم أن جميع المرضى الـ 16 كانوا مصابين بقصر النظر. ووجدوا أن هذه نسبة المصابين من السكان كانت أكبر بكثير وبلغت 31.5%، مما يشير إلى أن نسبة حالات دخول المستشفى للمصابين بفيروس كورونا والذين يعانون من قصر النظر بنفس الوقت، كانت أقل بخمس مرات مما كان متوقعاً بين هؤلاء السكان.
كان ذلك الأمر ملفتاً للنظر حقاً، ولكن كما هو الحال في جميع الدراسات الفردية، يجب التعامل بحذر مع النتائج. ففي حين أن إحدى أهم وظائف معدات الحماية الشخصية الأساسية كانت دائماً حماية العين، فحجم الاختلاف الذي أبلغت عنه هذه الدراسة يثير الشك. لكن ذلك لا يعني أن النتائج قد لا تكون صحيحة ربما، ولكن يجب أن لا نندفع سريعاً لتقديم النصح بشأن تغيير السلوكيات على نطاقٍ واسع (مثل ارتداء نظارات واقية إضافة للكمامات) حتى تُؤكد نتائج البحث بشكلٍ مستقل.
هل يمكن للفيروس أن يدخل الجسم عبر العيون؟
تتمثل الخطوة الأولى للإصابة بأي عدوى فيروسية بدخول الفيروس إلى الجسم. يقف الجلد -الذي يغطي القسم الأكبر من جسمنا- كحاجزٍ منيع أمام دخول الفيروسات أو البكتيريا إلى جسمنا، لكن ما يغطي مداخل مجاري الهواء والجهاز الهضمي والعينين هي مجرّد «أغشية» رقيقة للغاية مصممةٍ للسماح بتبادل العديد من المواد مع الوسط الخارجي مثل، الأكسجين والغذاء والضوء أيضاً. لسوء الحظ، تعلمت الفيروسات الاستفادة من نقاط الدخول هذه.
لذلك صُممت معدات الحماية الشخصية لحماية نقاط الدخول هذه أيضاً من خلال استخدام الكمامات والنظارات والملابس الواقية. وبالرغم من أننا قد نتخيل أن الهجوم الرئيسي على نقاط الضعف هذه يأتي من الجزيئات الفيروسية التي تنتقل عبر الهواء -مثل الهباء الجوي-، إلا أن الطريقة الأساسية لوصول الفيروسات إليها هي من خلال أيدينا. لذلك تم التركيز كثيراً على نصيحة غسل أيدينا مراراً وتكراراً لمدة 20 ثانية أو أكثر، وتجنب لمس وجوهنا.
لذلك من المنطقي أن نفكر بأن ارتداء النظارات قد يوفّر حمايةً إضافية لنا، سواء من احتمال انتقال الفيروس الذي قد ينتشر من أنفاس الآخرين أو من خلال منع مرتديها من لمس عيونهم. في الواقع، ظهرت العديد من التقارير منذ شهر فبراير/ شباط تتحدث عن إصابة العديد بفيروس كورونا في أماكن الرعاية الصحية بسبب عدم حماية أعينهم بشكل مناسب. بالإضافة إلى ذلك، من المعروف وجود نقاط دخولٍ مماثلة في العين يمكن أن يستغلها الفيروس للدخول إلى الجسم (مستقبلات إيه سي إي-2) أيضاً.
هل يجب أن نبدأ في ارتداء النظارات؟
من المهم في الواقع عند تحليل أي دليلٍ يأتي من الدراسات القائمة على الملاحظة تذكر أن «الارتباط» (شيئان يحدثان معاً) لا يعني بالضرورة «السببية» (أحدهما يسبب الآخر). ولاختبار السببية، هناك حاجة إلى تجربة أو إجراء المزيد من الاختبارات المضبوطة.
ينطوي هذا الإجراء من الناحية المثالية على اختيار مجموعتين متطابقتين من الأشخاص، الأولى ترتدي النظارات والأخرى لا ترتديها، وذلك لمعرفة أي مجموعةٍ تُصاب بالعدوى أكثر. ستكون نتائج مثل هذه التجارب المضبوطة أقوى بكثيرٍ دائماً من الأدلة القائمة على الملاحظة مثل الدراسة الصينية الأخيرة.
يجب أن نلاحظ أيضاً أن مؤلفي هذه الدراسة ذكروا عدداً من نقاط الضعف في دراستهم. إذ كانت دراستهم صغيرة نسبياً وفي موقعٍ واحد فقط، واعتمد الباحثون على بيانات السكان الآتية من دراسةٍ سابقة على عينةٍ لا تتطابق تماماً (من حيث العمر والديموغرافيا وعوامل أخرى) مع عينة مرضى كوفيد-19 الموجودين في المستشفى. كما لم يتسنى لهم التأكد من أن جميع الأشخاص الذين يعانون من قصر النظر في عموم السكان كانوا يرتدون النظارات لأكثر من 8 ساعات في اليوم ايضاً.
لذلك، وبالرغم من أن هذه الدراسة الجديدة مثيرة للاهتمام جداً، إلا أن هناك العديد من الأسباب التي تجعلنا حذرين بشأن نتيجتها. بالتأكيد نحن بحاجة لمزيد من البيانات والأبحاث قبل أن نكون قادرين على تقديم أي نصيحةٍ حول ارتداء نظاراتٍ واقية، كعامل حمايةٍ إضافي إلى الكمامات وأقنعة الوجه.
اقرأ أكثر عن أمان السفر بعد تلقي لقاح كوفيد 19
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً