توصّل باحثون من جامعة خِنت البلجيكية إلى نتيجة مفادها أن العوالم الافتراضية قد تعكس سلوك البشر الاجتماعي والاقتصادي في العالم الحقيقي. وذلك وفقاً لدراسة نُشرت في دورية «بلوس ون» أمس الأربعاء.
لا يزال من غير الواضح مدى احتمال أن يعكس سلوك اللاعب في العوالم الافتراضية سلوكه في العالم الحقيقي. رغم مضي ما يقارب العقدين على تفاعل الناس في جميع أنحاء العالم عبر الألعاب متعددة اللاعبين عبر الإنترنت.
وفي سبيل تقييم العلاقة بين سلوك اللاعبين في العالم الحقيقي وسلوكهم داخل اللعبة، حلّل الباحثون التفاعلات الاجتماعية والاقتصادية التي تحصل داخل لعبة «EVE Online» الضخمة التي تدعم تعدد اللاعبين، وهي لعبة يدردش فيها أكثر من نصف مليون لاعب ويقاتلون ويتاجرون ويتعاونون، ويستكشفون مجرةً مستقبلية. كما يمكن للاعبين في هذه اللعبة استخراج المواد الخام ومعالجتها وتحويلها إلى عناصر يتم تداولها على نطاق واسع، مما يخلق نوعاً من الاقتصاد الناشئ.
استخدم الباحثون بيانات النشاط التجاري لتقييم السلوك الاقتصادي للاعبين داخل اللعبة، وكذلك بياناتٍ أخرى تقيس سلوك اللاعبين تجاه اللاعبين الآخرين والشخصيات غير البشرية داخل اللعبة باعتبارها عدوانية أم ودية لتقييم السلوك الاجتماعي. وبعد حساب متوسط بيانات اللاعبين حسب كل بلد، قارن الباحثون السلوك الاجتماعي والاقتصادي داخل اللعبة مع بيانات العالم الحقيقي التي تقيس عدوانية كل الدولة استناداً إلى مؤشر السلام العالمي ومؤشر الإرهاب العالمي، بالإضافة إلى الخصائص الاجتماعية والاقتصادية لكل بلد باستخدام مؤشرات البنك الدولي؛ مثل أسعار الاستهلاك، وسعر الصرف الفعلي الحقيقي، ومعدل البطالة.
وجد الباحثون أن العدوانية في اللعبة تجاه الشخصيات غير البشرية كانت مرتبطة بشكل كبير بمستويات العالم الحقيقي من العدوانية في بلدان اللاعبين الأصلية. أما اللاعبين الذين يعيشون في البلدان المصنفة على أنها عدوانية، فقد تصرفوا بشكل أقل عدوانية تجاه زملائهم من الدول الأكثر أماناً. كما لاحظ الباحثون أيضاً أن سلوك التداول داخل اللعبة مرتبط ببيئة الاقتصاد الكلي للبلاد التي يقطنها اللاعبين، إذ تبيّن أن اللاعبين الذين يعيشون في بلدان ترتفع فيها معدلات البطالة والعملات الأضعف يتداولون المواد بحذر وكفاءة أكبر داخل اللعبة.
نوّه الباحثون إلى اقتصار الدراسة على البلدان التي تضم 15 لاعباً أساسياً للعبة أو أكثر، وذلك من أجل الحفاظ على بيانات عالية الجودة. إضافةً إلى أن الوقت الكبير الذي تحتاجه اللعبة وتكلفتها المالية -١٥ دولار شهرياً- يعنيان أن اللاعبين الأساسيين فيها قد لا يكونوا ممثلين عاديين لبلدانِ إقامتهم. لكن على الرغم من ذلك، تشير نتائج الدراسة بقوة إلى أن العوالم الافتراضية يمكن أن تكون مفيدة لاختبار النظريات الاجتماعية والاقتصادية، واستنتاج سلوك البشر في العالم الحقيقي.