محاربة الوباء تجرى على قدم وساق في دول العالم المختلفة داخل المعامل والمختبرات والمستشفيات، ولا يزال الباحثون والعلماء من مختلف التخصصات في دول العالم يحاولون إيقاف فيروس كورونا، سواءً عن طريق إيجاد لقاح يمنّعنا ضده، أو علاج شافٍ له، أو طرقٍ تقينا من الإصابة، وفي سبيل تحقيق ذلك تظهر يومياً أبحاث ودراسات طبية وتقنيات جديدة، نستعرض أهم ما نُشر منها خلال الأسبوع الأول من نوفمبر/تشرين الثاني.
الكشف عن مُصاب كورونا من صوت السعال
طورت مجموعة من الباحثين في معهد ماساتشوستس الأميركي للتكنولوجيا نموذجاً للذكاء الاصطناعي يمكنه اكتشاف حالات الإصابة بكورونا غير المصحوبة بأعراض من خلال الاستماع إلى الفروق الدقيقة في السعال بين الأشخاص الأصحاء والمصابين.
أنشأ الفريق موقعاً على شبكة الإنترنت حيث يمكن للمتطوعين، سواء الأصحاء أو المصابين بكورونا، تسجيل سعالهم باستخدام هواتفهم المحمولة أو أجهزة حواسيبهم؛ مع ملئ استبيان حول تشخيصهم وأي أعراض كانوا يعانون منها. من خلال هذا الموقع، جمع الباحثون أكثر من 70 ألف تسجيل فردي لعينات السعال. وتمكّن نموذج الذكاء الاصطناعي من تحديد الأشخاص المصابين بكورونا بشكل صحيح بنسبة 98.5%، واستبعد بشكل صحيح 94.2% من الأشخاص غير المصابين بالمرض. أما بالنسبة للأشخاص الذين لا تظهر عليهم أي أعراض، حدد النموذج بشكل صحيح 100% من الأشخاص المصابين بكورونا، واستبعد بشكل صحيح 83.2% من الأشخاص غير المصابين بالمرض.
وأنسجة العين تقاوم كورونا
غالباً ما يصاب مرضى كورونا بالتهاب الملتحمة، لذلك ساد اعتقاد أن الفيروس يشق طريقه عبر العين، وهو أمر سعى فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة واشنطن الأميركية إلى التحقيق فيه بالنظر إلى أن فيروس زيكا قد ظهر سابقاً في الدموع. لذلك فحص الأطباء قرنيات عدد من المتبرعين لمعرفة ما إذا كان بإمكان فيروسات كورونا و زيكا والهربس التكاثر فيها.
وفقاً للتقرير الذي نُشر في مجلة سيل ريبورتس فإن كلاً من فيروسيّ الهربس وزيكا قادرَين على التكاثر في القرنية، لكن كورونا لم تكن لديه هذه القدرة، كما لم يتم تحديد ما إذا كانت الأنسجة الأخرى داخل وحول القرنية مثل القنوات الدمعية والملتحمة معرضة للإصابة بفيروس كورونا، وليس من الواضح ما إذا كانت الأعراض مثل التهاب الملتحمة ناتجة عن الفيروس أو عن التهاب ثانوي يحدث لأن دفاعات الجسم منخفضة، ولا تثبت النتائج أن جميع القرنيات مقاومة، وينصح الباحثون بالاستمرار باستخدام النظارات الواقية.
هذا سبب حدوث جلطات الدم
تشرح دراسة جديدة سبب حدوث الجلطات الدموية بين مرضى كورونا، وتُعزي السبب لوجود جسم مضاد للمناعة الذاتية ينتشر في الدم ويهاجم الخلايا ويؤدي إلى حدوث جلطات في الشرايين والأوردة والأوعية المجهرية. وتؤدي هذه الجلطات المجهرية إلى تقييد تدفق الدم في الرئتين، مما يضعف التبادل الغازي فيهما.
وجد الباحثون أن حوالي نصف المرضى الذين أظهروا أعراضاً حادة كان لديهم مستويات عالية من الأجسام المضادة الخطرة والعدلات -نوع من كريات الدم البيضاء- فائقة التنشيط. ويقول الباحثون أن الأجسام المضادة هذه تُحدث أسوأ الجلطات على الإطلاق، وأن ذلك يستدعي علاجاً قوياً لإزالة هذه الأضداد عن طريق فصادة البلازما؛ وهي العملية التي يتم فيها سحب البلازما من دم المريض مع الإبقاء على الكريات الدموية والصفيحيات، والتعويض ببلازما جديدة مُتَبرع بها من شخص آخر.
تلوث الهواء يزيد من خطر الوفاة بكورونا
كشفت دراسة جديدة نُشرت في دورية ساينس أدفانس العلمية أن الأشخاص الذين يتعرضون لفترة طويلة لملوثات الهواء قد يكونون أكثر عرضة للوفاة بسبب فيروس كورونا، وأن مجرد زيادة طفيفة في متوسط التعرض طويل الأجل لجسيمات الملوثات الدقيقة زاد من خطر الوفاة بكورونا بنسبة أكبر من 10%.
نظرت الدراسة في بيانات الوفيات بسبب فيروس كورونا وقارنتها بتراكيز الملوثات الدقيقة المقدرة يومياً في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وجد الباحثون أن الزيادة الطفيفة في التلوث - 1 ميكروجرام فقط لكل متر مكعب - كانت مرتبطة بزيادة قدرها 11% في معدل وفيات كورونا.
الهذيان علامة مبكرة على الإصابة بفيروس كورونا
استنتج باحثون من جامعة أوبيرتا دي كاتالونيا الإسبانية أن الهذيان المصحوب بالحمى، خاصة عند المسنين، يمكن أن يكون من الأعراض المبكرة للإصابة بكورونا، ونشر البحث في دورية علم المناعة السريرية والعلاج المناعي.
يؤثر فيروس كورونا على الجهاز العصبي المركزي وينتج عنه تغيرات في الإدراك العصبي مثل الصداع والهذيان. وتشير الفرضيات الرئيسية التي تشرح كيفية تأثير فيروس كورونا على الدماغ إلى ثلاثة أسباب محتملة: نقص الأكسجة الدماغية، والتهاب أنسجة المخ، وأن الفيروس لديه القدرة على العبور من الدم إلى حاجز الدماغ لغزو الدماغ مباشرة. وإن أيّاً من هذه العوامل الثلاثة لديه القدرة على التسبب في الهذيان، وأوضح الباحثون أنه قد لوحظ وجود دليل على تلف الدماغ المرتبط بنقص الأكسجة في عمليات تشريح الجثث التي أجريت على المرضى الذين توفوا بسبب كورونا وأنه كان من الممكن عزل الفيروس من أنسجة المخ.
أدوية هشاشة العظام لها دور في العلاج أيضاً
يمكن لبعض العلاجات الرئيسية لهشاشة العظام أن يكون لها تأثير وقائي ضد كورونا عند المرضى الذين يتناولونها، إما عن طريق تقليل الإصابة به أو عن طريق تقليل تطوره إلى حالات أكثر خطورة، وذلك وفقاً لنتائج دراسة هي الأولى من نوعها في العالم. حللت الدراسة البيانات لأكثر من 2000 مريض يعانون من هشاشة العظام والتهاب المفاصل والفيبروميالغيا «المرض العضلي الليفي»، وتمت دراسة العلاجات المختلفة المستخدمة في هذه الأمراض، وتطور مرضى الروماتيزم المصابين بأمراض غير التهابية وعلاقتهم بالعدوى بفيروس كورونا، وتطور حالتهم وحاجتهم إلى الاستشفاء والوفيات فيما بينهم. وخلصت الدراسة إلى أن معدل الإصابة بكورونا ينخفض بنسبة 30-40% عند المرضى الذين يتناولون أدوية العلاج من هشاشة العظام.
وفي دراسة أخرى جمع الباحثون معلومات من 2159 مريضاً مصاباً بفيروس كورونا من مشافي إسبانيا خلال الموجة الأولى من الوباء، ثم قارنوا معدلات وفيات المرضى الذين يعالَجون بدواء «الستاتين» المخفض للكولسترول، مع معدلات الوفاة بين أولئك الذين لا يتناولون هذا الدواء مع العلم أن واحداً من كل 4 اشخاص يتناول هذا الدواء، وأثبتت الدراسة أن المجموعة التي تتلقى هذا العلاج لديها معدل وفيات أقل بنسبة 22-25%. وتشير البيانات إلى أن العلاج بالعقاقير المخفضة للكوليسترول يمنع وفاة واحدة من كل خمس حالات.
يتعافون بسرعة ويحافظون على الأجسام المضادة
يعتبر وجود أجسام مضادة خاصة بالفيروس أحد المؤشرات الرئيسية للمناعة ضد كورونا. لذلك، وفي دراسة جديدة، فحص أطباء من مستشفى بريجهام الأميركية عينات الدم والخلايا من المرضى الذين تعافوا من الإصابة بفيروس كورونا الخفيف إلى المعتدل، ووجدوا أن الأجسام المضادة للفيروس انخفضت لدى معظم الأفراد بعد الشفاء من المرض، إلا أن مجموعة فرعية من المرضى الذين تعافوا بسرعة احتفظوا بهذه الأضداد، وأن إنتاج الأجسام المضادة للفيروسات لديهم استمر بعد عدة أشهر من الإصابة.
وهذا ما يشير إلى أن بعض الأفراد الذين يتعافون من كورونا بسرعة قد يكون لديهم استجابة مناعية أكثر فعالية واستدامة ضد الفيروس. كما وجد الفريق أن مستويات الأضداد ضد الفيروس تنخفض كثيراً عند معظم الأفراد على مدار ثلاثة إلى أربعة أشهر، ومع ذلك، ظل إنتاج الأجسام المضادة مستقراً أو محسناً خلال نفس الفترة الزمنية عند 20% من الأفراد.
مخاطر الإصابة تزداد لدى النساء الحوامل
أشار باحثون أن النساء الحوامل المصابات بفيروس كورونا تزداد لديهن مخاطر الإصابة بمرض شديد أخر، وفقاً لتقرير قدمته المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها. تلقى المركز تقارير عن 1,300,938امرأة تتراوح أعمارهن بين 15 و 44 عاماً كانت نتائجهن المخبرية تشير إلى أن النساء الحوامل منهن والمصابات بعدوى فيروس كورونا أكثر عرضة للدخول إلى وحدة العناية المركزة واستخدام أجهزة التنفس الإصطناعي ومن ثم الموت، مقارنة بالنساء غير الحوامل، وذلك تبعاً للعمر والعرق والحالات الطبية الأساسية.
وأوضح الباحثون أن فهم الخطر الذي تشكله عدوى كورونا لدى النساء الحوامل يمكن أن يُفيد بالممارسات السريرية، والتواصل بشأن المخاطر، وتخصيص الإجراءات الطبية المضادة. وأكدوا على وجوب إبلاغ النساء الحوامل بخطر الإصابة بمرض شديد مع كورونا.
هل يمكن أن يكون لقاح كورونا رذاذاً أنفياً؟
تمكن باحثون من جامعة نبراسكا الأميركية من تطوير لقاح ضد فيروس كورونا، لا يسبب الألم ومنخفض التكلفة، بالاعتماد على جراثيم لاكتوباسيلوس «الموجودة طبيعياً في اللبن والجبن» مهندسة حيوياً يمكنها توصيل المستضدات «التي هي مكوّن اللقاح الذي يطلق استجابة مناعية» مباشرة إلى الأغشية المخاطية لجهاز التنفس عن طريق رذاذ في الأنف.
قد توفر هذه الإستراتيجية حماية أقوى ضد كورونا من اللقاحات قيد التجريب حالياً لأنها تحاكي العدوى الطبيعية، وتنتج أجساماً مضادة وخلايا مناعية في المواقع الرئيسية التي يدخل منها الفيروس. كما أن الحصول على اللاكتوباسيلوس وإكثارها وتعديلها وراثياً سهل وغير مكلف نسبياً، ولن يتطلب الأمر استخدام الحُقَن، مما يقلل تكاليف المعدات، ولن يتطلب أيضاً بالضرورة عاملين مدربين في مجال الرعاية الصحية، فقد يتمكن الناس من رش رذاذ الأنف بأنفسهم، وهذه الميزات تجعل اللقاح قابلاً للتطبيق في البلدان النامية.