كيف يمكن أن تغير تكنولوجيا وقود الهيدروجين شكل الطائرات التي نعرفها حالياً؟

4 دقائق
كيف يمكن أن تغير تكنولوجيا وقود الهيدروجين شكل الطائرات التي نعرفها حالياً؟
سينطوي اختبار إيرباص المقرر إجراؤه في عام 2026 على استخدام محركٍ خامس في الجزء الخلفي من طائرة A380. حقوق الصورة: إيرباص.

أعلنت شركة إيرباص الشهر الماضي عن خطط لتعديل طائرة A380 من خلال إضافة محرك إضافي يعمل بحرق الهيدروجين إلى الجزء الخارجي من الطائرة وتركيب معدات تحكم. مع هذه التغييرات، ستكون الشركة قادرة على اختبار الرحلات التي تعمل بالطاقة الهيدروجينية في ظروف العالم الحقيقي.  

تعد هذه الخطوة جزءاً من هدف الصناعة الأوسع للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050. في الواقع، يساهم سفر الركاب جواً بشكلٍ متزايد في تغير المناخ وسيشكل نحو 3% من انبعاثات الكربون العالمية بحلول عام 2021. يمكن أن يساعد تقليل الطيران والاستثمار في طائرات أكثر كفاءة في تقليل الانبعاثات، ولكن من المحتمل أن تكون هناك حاجة إلى تكنولوجيات جديدة للوصول إلى صافي انبعاثاتٍ صفرية.

وقود الهيدروجين ضمن الحلول المطروحة لتقليل الانبعاثات

يمكن أن تساعد الحلول الأخرى، مثل طائرات التكسي الجوية التي تعمل بالبطاريات ووقود الطائرات المستدام، في تقليل الانبعاثات، ولكن الهيدروجين على وجه الخصوص يمكن أن يكون أحد السبل الرئيسية للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية نظراً لإمكانية استخدامه على نطاق واسع في الصناعة، ومن الرحلات المحلية الأقصر إلى الرحلات الطويلة التي تستخدم طائراتٍ أكبر.

تقول أماندا سيمبسون، نائبة رئيس الأبحاث والتكنولوجيا في شركة إيرباص أميركا: «طائرة الاختبار من إيرباص هي أول طائرة A380 على الإطلاق، وتحمل الرقم التسلسلي الأول». لقد استُخدمت الطائرة في الأصل للحصول على ترخيصٍ لمحركي طائرتي A380 و A350. تخطط شركة إيرباص الآن لتعديلها عن طريق تجهيز الطائرة بمحرك إضافي في الأعلى يعتمد على الهيدروجين بدلاً من وقود الطائرات التقليدي.

توجهات إيرباص الجديدة فيما يتعلق بالوقود المستخدم

تُعتبر طائرة A380 أكبر طائرة ركاب في الخدمة حالياً، ما يتيح مساحة كبيرة لتركيب معدات التحكم، بالإضافة إلى تخزين 400 كيلوغرام من الهيدروجين السائل الذي ستحمله الطائرة على متنها كوقود. (أعلنت إيرباص في عام 2019 أنها ستتوقف عن إنتاج A380، حيث تتجه الصناعة نحو الطائرات بمحركين وذات الكفاءة الأكبر في استهلاك الوقود).

وفقاً لسيمبسون، إن موقع هذا المحرك، في الجزء العلوي من الطائرة وفي المؤخرة قبل الذيل مباشرة، أمر مهم. فنظراً لأنه سيكون منفصلاً عن المحركات الأربعة الموجودة على الأجنحة التي تحرق الكيروسين التقليدي، يمكن لشركة إيرباص تسيير طائرة أخرى خلف طائرة A380 وقياس الانبعاثات من الهيدروجين فقط.

وتقول سيمبسون إن فهم الانبعاثات الناتجة عن احتراق الهيدروجين في ظروف الهواء الحقيقي هو أحد الأهداف الرئيسية لبرنامج الاختبار هذا. على الرغم من أن حرق الهيدروجين السائل لا ينتج ثاني أكسيد الكربون، وهو أكثر غازات الدفيئة شيوعاً، إلا أن الباحثين يريدون معرفة المزيد عن الانبعاثات التي تصدر عن الطائرات التي تعمل بالهيدروجين. لا تزال محركات الهيدروجين تنتج أكاسيد النيتروجين، وهي ملوثات شائعة، وبخار الماء الذي يمثل غاز دفيئة في الغلاف الجوي.

سيسمح محرك الاختبار أيضاً لشركة إيرباص بمعرفة المزيد حول كيفية عمل احتراق الهيدروجين بشكل أفضل أثناء الطيران. حيث يمكن للباحثين تغيير ظروف تشغيل المحرك، مثل نسبة الوقود إلى الهواء الذي يحرقه، ودرجة الحرارة التي يعمل بها، لمعرفة المزيد حول كيفية زيادة كفاءة وقود الطائرات التي تعمل بالهيدروجين.

اقرأ أيضاً: كيف تحلق الطائرات في الهواء؟

طائرات إيرباص عديمة الانبعاثات

في نهاية المطاف، تعد هذه الاختبارات جزءاً من الخطة الشاملة لإيرباص لإطلاق طائرة عديمة الانبعاثات في الخدمة بحلول عام 2035، كما تقول سيمبسون. من أجل الوفاء بهذا الموعد النهائي، يجب اتخاذ قرارات التصميم الرئيسية في عام 2026 تقريباً، وهو نفس العام الذي من المتوقع أن تنطلق فيه مركبة الاختبار هذه إلى السماء.

على الرغم من أن استخدام محرك الاحتراق الهيدروجيني هو أحد الخيارات الرئيسية لمثل هذه الطائرات، فلا يزال هناك احتمال أن تختار شركة إيرباص تقنية أخرى، كما توضح سيمبسون. على سبيل المثال، بدلاً من حرق الهيدروجين، يمكن دمجه مع الأكسجين لتوليد الكهرباء في خلايا وقود الهيدروجين. تعمل شركات صناعة السيارات مثل تويوتا ودايملر على تطوير خلايا وقود للمركبات، وتقول سيمبسون إن شركة إيرباص تدرس استخدام هذه التقنية أو نظامٍ هجين به خلية وقود ومحرك احتراق داخلي.  

لا يزال تصميم الطائرة التي قد تحمل هذه المحركات قيد الإعداد أيضاً. في عام 2022، كشفت إيرباص عن ثلاثة تصاميم محتملة مختلفة للطائرات التي تعمل بالهيدروجين؛ طائرة تعمل بمحرك مروحي، وطائرة نفاثة إقليمية صغيرة، وطائرة ذات شكل مختلف عن معظم الطائرات التجارية اليوم. ستبدو كهيكل متعدد الأجنحة.

يقول جايانت موخوبادهايا، المحلل في المجلس الدولي للنقل النظيف: «تخبرنا هذه المجموعة من التصاميم القليل عن كيف سيبدو مستقبل الطائرات التي تعمل بالهيدروجين، ولكنها تواجه أحد أكبر التحديات؛ تخزين الوقود».

اقرأ أيضاً: تعرف على هذه الطائرات الصينية الجديدة المسيرة تحت الماء

تحديات استخدام الهيدروجين كوقود للطائرات

الهيدروجين أقل كثافة بكثير من وقود الطائرات التقليدي، حتى عندما يُخزن تحت ضغوط عالية. بمقارنة كمية وقود الطائرات والهيدروجين اللازمين لتوليد نفس القدر من الطاقة، فإن الهيدروجين يشغل مساحة أكبر بنحو أربعة أضعاف. 

تختلف بروتوكولات التخزين أيضاً. في معظم الطائرات اليوم، يُخزن وقود الطائرات في الأجنحة. ومع ذلك، يجب احتواء الهيدروجين في ضغوط عالية ودرجات حرارة منخفضة، لذلك غالباً ما يتم تخزينه في خزانات أسطوانية أكبر. لا تتناسب هذه الخزانات الأسطوانية مع أجنحة الطائرات التقليدية، لذلك يجب استيعابها في جسم الطائرة. يمكن لحجم الهيدروجين اللازم لتزويد الطائرة بالوقود أن يحد بشدة من المساحة المتبقية، ما يقلل من سعة الركاب بمقدار الثلث أو أكثر.

كيف يمكن أن تغير تكنولوجيا وقود الهيدروجين شكل الطائرات التي نعرفها حالياً؟
يتطلب الهيدروجين حلاً تخزينياً مختلفاً عن تخزين وقود الطائرات التقليدي. حقوق الصورة: إيرباص.

ربما يتعين إعادة تصميم الطائرات بالكامل كي تلائم تخزين الهيدروجين بداخلها بشكل أفضل. إحدى الطائرات النموذجية التي تم الكشف عنها العام الماضي، تصميم الهيكل متعدد الأجنحة، مثال على التصميم الذي من شأنه استخدام المساحة بشكل أفضل لتخزين الوقود. وفقاً لسيمبسون، فإن هذا النموذج خصوصاً قد يكون له أيضاً مزايا أخرى مقارنة بتصميمات الطائرات التقليدية، مثل زيادة الكفاءة الديناميكية الهوائية بنسبة 10% أو أكثر.

ربما لن يتم اختبار الأشكال الجديدة تماماً بالسرعة الكافية لبناء الطائرات الأولى التي تعمل بالهيدروجين، كما يقول موخوبادهايا، لذلك من المحتمل أن تضطر الشركات إلى تكييف التصميمات الحالية لحمل خزانات كبيرة من وقود الهيدروجين. لكن في النهاية، يمكن لمحركات الاحتراق الهيدروجيني أن تعيد تشكيل الطائرات التي نعرفها حالياً.

في حين أن هذه الطائرات الجديدة يمكن أن تحدث ثورة في الصناعة، فإن النموذجين الأكثر شهرة الذين كشفت عنهما شركة إيرباص يمكن أن يكون لهما تأثير كبير على الطيران: إذ يمكن للطائرة النفاثة الإقليمية الصغيرة والطائرة ذات المروحة معاً أن تخدّم ثلث المسافة التي تقطعها طائرات نقل الركّاب اليوم، وفقاً لتحليل المجلس الدولي للنقل النظيف (ICCT) الأخير الذي شارك موخادبادهايا في تأليفه.

اقرأ أيضاً: قد تتحول الطائرات الكهربائية قريباً إلى المعيار السائد في الطيران

لا تزال هناك تحديات كبيرة أمام الطائرات التي تعمل باحتراق الهيدروجين، بما في ذلك محدودية البنية التحتية اللازمة لتزويدها بالوقود، وتكاليفها المرتفعة، والمخاوف بشأن مدى استدامة إمدادات الهيدروجين. وبالنسبة للطائرات الأكبر حجماً، من المرجح أن يستغرق التحول إلى الهيدروجين وقتاً أطول لأن مساحة الوقود على متن الطائرة محدودة.

لكن اختبار المحركات التي تعمل بالهيدروجين في ظروف طيران حقيقية يمكن أن يكون خطوة مهمة في لإضفاء الشرعية على التكنولوجيا، ويمكن أن يقرب الطيران خطوة واحدة نحو الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفرية. في الوقت الحالي، سيتعين علينا انتظار عام 2026 لمعرفة المزيد من اختبارات طيران إيرباص A380. 

المحتوى محمي