منذ أن تم إنشاء "كاسر الأمواج" على كورنيش إمارة أبوظبي في ستينيات القرن الماضي، خدم الموقع الاستثنائي أغراضاً عديدة لسكان المنطقة؛ من حاجز تتكسر الأمواج على حجارته إلى نقطة جذب سياحي، وتجمّع حضري للمواطنين. لكن، لم يخلُ الموقع من بعض نقاط الضعف، لذا، وفي سعي من حكومة أبوظبي لتطبيق رؤيتها لعام 2030 حول التنمية المستدامة للمساحات العامة والمفتوحة، اقترحت الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة أبو ظبي ونُشرت في دورية "أي أو بي" (IOP) لنشر وقائع المؤتمرات العلمية والهندسية، تطوير المساحات الحضرية المفتوحة ورفع مستوى حيويتها، وبشكل خاص موقع (كاسر الأمواج) في أبوظبي.
منطقة كاسر الأمواج السياحية في إمارة أبو ظبي
تم تأسيس كاسر الأمواج على كورنيش أبوظبي من الصخور الصلبة مع الخرسانة والطوب، وبممرّ وحيد للمشاة. شكل حاجزاً صُنعياً لكسر أمواج البحر، وحماية البر الرئيسي لإمارة أبوظبي. كما استخدمه الصيادون للصيد، وشكل لاحقاً نقطة جذب سياحي للتمتع بالمناظر الخلابة والمعالم الثقافية؛ حيث يمكن للزوار الاستمتاع بالوقوف على أفق المدينة فوق المياه الشاسعة للخليج العربي. يمكن وصف كاسر الأمواج وسائر الحدائق والمتنزهات العمومية بغرفة معيشة في الهواء الطلق؛ فهي تشكل مراكز تجمع للترفيه والاسترخاء، وتساعد على تطوير العلاقات والروابط الاجتماعية. لذا، يجب أن تكون مصممة بما يتلاءم مع الوصول السريع إليها والوفرة والراحة فيها.
نقاط الضعف في كاسر الأمواج
وفقاً للدراسة، يعاني كاسر الأمواج من بعض المشكلات ونقاط الضعف مثل:
- نقص المرافق والنشاطات، مع قلة المناطق الحضرية.
- محدودية مسارات المشاة.
- صعوبة الوصول إلى الموقع.
- عدم كفاءة استخدام الأراضي المحيطة به.
- محدودية خيارات تناول الطعام.
- حجب رؤية المناظر بالأجسام المادية كالمباني.
اقرأ أيضاً: عامان من الدراسة: رصد تحسُّن في جودة الهواء في دولة الإمارات
مقترحات لتحويل المناطق العامة المفتوحة في أبوظبي إلى مساحات مستدامة
لتحقيق التناغم والانسجام بين البنية الحضرية والبيئة الطبيعية للمساحات المفتوحة عامةً، وتوفير مساحات مفتوحة تشكل مركز تجمع ونقطة التقاء لمجتمع الإمارة بعيداً عن نمط الحياة اليومية السريع؛ حيث يمكن للناس الاسترخاء وممارسة النشاطات الترفيهية، قدمت الدراسة خطة رئيسية تصورية للمساحات العامة المستدامة، بالاعتماد على موقع الكاسر كنموذج، وتضم المقترحات التالية:
التصميم المستدام للمساحات العامة المفتوحة
تساعد السمات الطبيعية لكاسر الأمواج على إنشاء هيكل وترتيب سلس ومرن للمرور بالمناطق ومنشآت الموقع وأنشطته دون عوائق تحجب مجالات الرؤية. إذ يتكون كاسر الأمواج من سلسلة منحنيات طبيعية تتداخل مع رصيف المشاة، بما يتيح تواصلاً أقوى مع الطبيعة، ويمنح ديناميكية أكثر للموقع، وبالتالي تنوعاً في الأنشطة.
إمكانية الوصول لكاسر الأمواج والتنقل خلاله
حالياً، يتضمن كاسر الأمواج في تقسيمه نقطة وصول واحدة، ومساراً وحيداً للتنقل بالسيارة حول المنشآت الحضرية، مع مساحة محدودة لممر المشاة على جانبي المسار. وبالنسبة لراكبي الدراجات يقتصر ممر دراجاتهم على ممر المشاة ذاته، لذا يشكل هذا المسار عائقاً أمام الاتصال المرئي والمادي. اقترحت الدراسة ما يلي:
- مساراً أولياً منحيناً وأكثر ديناميكية، وبمسارات ثانوية فرعية منه توفر إطلالات واسعة على أفق أبوظبي، مع تعدد نقاط الوصول.
- تقسيم المساحات الحضرية إلى ست مناطق رئيسية، تترتب حول الموقع هي:
- مناطق ثقافية.
- متنزهات ترفيهية.
- منشآت رياضية.
- مناطق مجتمعية.
- مواقف سيارات.
- مقاهٍ ومطاعم.
اقرأ أيضاً: وزارة الصحة الإماراتية تطلق منصة رقمية جديدة للمرضى
المخطط الرئيسي التصويري المستدام لكاسر الأمواج
يقدم المخطط الرئيسي للدراسة تصوراً للمساحة المفتوحة في موقع كاسر الأمواج بعد تنفيذ المقترحات، ويضم المميزات التالية:
- ثلاث نقاط وصول إلى المحيط الحضري للموقع.
- ينبثق من كل نقطة وصول مسارات للمشي والدراجات والجري.
- تزويد الساحات في الموقع بقطع فنية تعبر عن الثقافة الإماراتية.
- تعزيز الغطاء النباتي للموقع بنباتات محلية، وتوزيعها بشكل منظم ولا يحجب الرؤية.
- توفير مظلات شمسية مزودة بألواح طاقة شمسية لتجميع الطاقة بالإضافة للتظليل في المواسم الحارة.
- توفير وسائل نقل مستدامة، كالسيارات البيئية وعربات الجولف، والتي تعمل بالطاقة الشمسية التي تجمعها ألواح الطاقة الشمسية للمظلات.
- ليلاً، يمكن استخدام إضاءة الليد LED المزودة بألواح طاقة شمسية خاصة، مع نظام إنارة يمنح الموقع الحيوية ويشجع على التجوال في كاسر الأمواج.
- تحويل أرصفة المشي الخرسانية لكاسر الأمواج إلى أرصفة أكثر استدامة؛ عبر رصفها بالإطارات المُعاد تدويرها، والقابلة للثني حتى 5 مليمترات.
- استبدال الطلاء الدال على كل نوع من المسارات، والذي قد يكون ساماً وضاراً بالبيئة، بلوحات ذكية تعمل بالطاقة الشمسية، ويمكنها تحذير المشاة لدى وصول سيارات صديقة للبيئة.
- توفير طبقة غطاء نباتي حول المطاعم للسماح بالتصريف الطبيعي للأمطار.
تقسيمات المناطق في المخطط الرئيسي المستدام لموقع الكاسر
يتضمن المخطط الرئيسي التصوري لموقع كاسر الأمواج عدة مناطق توفر تنوعاً في الأنشطة، مثل:
- غطاء نباتي أخضر موزع على الحدائق وأقسام لعب الأطفال.
- ساحات تجمع للناس للتفاعل ومشاركة الاهتمامات ذات مظلات وعربات بيئية.
- مناطق مخصصة لتناول الطعام كالعربات المتنقلة والمطاعم الخاصة.
- نقاط مراقبة مزودة بمناظر لتجربة رؤية أفق أبوظبي.
- مركز مجتمعي لمشاركة الأحداث المجتمعية الرياضية والفنية. على سبيل المثال، قد يتضمن مسرحاً أو ملعباً أو معرضاً.
- مساحات خاصة لركن السيارات، بحيث يتابع الزوار رحلتهم داخل الموقع مشياً أو على الدراجات أو عبر استئجار العربات البيئية.
- الأنشطة المائية: للاستمتاع بالواجهة البحرية، حيث يمكن استئجار القوارب والزلاجات النفاثة.
- المنطقة الثقافية: وتضم حالياً القرية التراثية، ومسرح أبوظبي الوطني.
إذاً، للتغلب على العقبات التي تحول دون تنوع نشاطات موقع كاسر الأمواج وغيره من المساحات العامة المفتوحة، لا بد من الإحاطة بكافة العوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية لتصميم الموقع، لتحقيق تصميم أكثر استدامة وتعزيزاً للنشاطات في المساحات العامة المفتوحة.
نُشر هذا المقال استناداً إلى بحثٍ مقدّم من مركز "أبحاث الشباب العربي"