كيف يؤدي التغير المناخي إلى زيادة فرص انتقال الأمراض من الحيوانات إلى البشر؟

2 دقائق
كيف يؤدي التغير المناخي إلى زيادة فرص انتقال الأمراض من الحيوانات إلى البشر؟
حقوق الصورة: بيكسلز.

يمتلئ تاريخ الأمراض بالعديد من الأوبئة التي انتشرت في وقت ما وكان أول مُضيف لها هو الحيوان وبعدها انتقلت إلى البشر، وتسببت في خسائر بشرية فادحة، وانتشر أثرها في جميع مناحي الحياة تقريباً. وتتنوع أسباب انتشار الأوبئة، من ضمنها التغير المناخي الذي يُعد كارثة العصر ويسعى العلماء جاهدين لإيجاد حلول فعّالة له. 

وفي هذا الصدد، أثبتت دراسة أجرتها مجموعة بحثية من جامعة جورج تاون في العاصمة الأميركية واشنطن أنّ التغير المناخي يؤثر على سلوك الأنواع ويدفعها للهجرة، ما يزيد فرصة جلب الأوبئة والأمراض ومن ثمَّ نقلها للبشر. ونُشرت الدراسة في دورية "نيتشر" (Nature) يوم 28 أبريل/نيسان 2022. 

انتقال الأمراض من الحيوانات إلى البشر 

هناك العديد من الأوبئة التي انتشرت بين البشر عبر الحيوانات، منها: 

  • فيروس الإيبولا: وهو واحد من أخطر الفيروسات القاتلة التي قد تصيب الإنسان. لُوحظ أنّ أول إصابة بشرية بالإيبولا كانت بسبب ملامسة دماء أو سوائل الجسم لحيوانات مصابة بالفيروس مثل: الشمبانزي والغوريلا وظباء الغابات في جمهورية الكونغو والغابون وساحل العاج 
  • فيروس نقص المناعة البشرية: وهو معروف بفيروس "الإيدز". تُشير الأدلة التاريخية إلى أنه انتقل لأول مرة من الشمبانزي إلى الإنسان أثناء القرن العشرين. 
  • إنفلونزا الطيور: يُعتقد أنّ أول انتشار لفيروس إنفلونزا الطيور كان من الدواجن إلى البشر، ثم انتقل من شخص لآخر.

هناك العديد من الأمراض الأخرى التي يُعتقد أنها انتقلت من الحيوانات إلى البشر، من ضمنها فيروس كورونا. وهذا يعني أنّ هناك احتمالية كبيرة لنقل الأمراض من الحيوانات إلى البشر، ما جعل الباحثين في جامعة جورج تاون يربطون بين التغير المناخي وانتقال الأمراض من الحيوانات إلى البشر. 

التغير المناخي يهدد البشر بالأوبئة الفتاكة 

تُظهر الدراسة أنّ التغيرات المناخية ستؤثر على معيشة الحيوانات المضيفة لمسببات الأمراض، ومن ثمّ تدفعها للهجرة والانتقال إلى الأماكن التي يعيش فيها البشر والأنواع الأخرى، ما يزيد فرصة انتقال مسببات الأمراض بين الأنواع إلى أن تصل للبشر، وهذا يعني أنه من المحتمل أن نشهد عدداً كبيراً من الجائحات العالمية خلال العقود القادمة. والأسوأ من ذلك أنّ انتقالات مسببات الأمراض بين الأنواع قد لا نلاحظها إلا بعد تفشى الوباء، وهنا تكمن الخطورة. 

كيف تنتقل مسببات الأمراض بين الأنواع؟ 

أشار مؤلفو الدراسة إلى أنّ انتقال مسببات الأمراض بين الأنواع يعتمد على مدى قدرة الحيوانات المضيفة على التفاعل مع مسببات الأمراض. على سبيل المثال، إذا وجد الفيروس (مسبب المرض) نوعاً ما (الكائن المُضيف) يستطيع العيش والتكاثر داخل جسده، فإنه يسكنه بسرعة ثم ينتقل لأنواع أخرى. وتُقدر أعداد الثدييات المضيفة بنحو 6500 نوعاً بما فيها البشر.

ويرى مؤلفو الدراسة أنّ هناك 6% من الثدييات يمكنها استضافة نفس مسبب المرض، ما يزيد احتمالية انتقاله بين الأنواع، ويتوقعون احتمالية انتقال أكثر من 4500 فيروساً من نوع لآخر، خاصة في الأماكن الاستوائية التي تتمتع بوفرة التنوع البيولوجي في إفريقيا وآسيا. وعندما تتحرك بعض الأنواع مثل الخفافيش الحاملة للإيبولا هرباً من التغير البيئي الناتج عن تغيرات المناخ من شرق إفريقيا إلى غربها، فإنّ احتمالية تفاعلها مع الأنواع الأخرى يزيد، وبالتالي تزداد فرص انتشارها.

توقعات مستقبلية 

تُظهر الدراسة أنّ محاولة كبح انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون لن تمنع انتشار الأمراض الفيروسية كما يعتقد بعض الناس، ويؤكد الباحثون على أنّ السنوات القادمة لن تشهد فيها الأرض تغيرات مناخية فقط، بل أيضاً الكثير من الأمراض والأوبئة التي لا حصر لها، وهذا يضع حياة البشر على المحك، خاصة خلال العشرين سنة القادمة، بغض النظر عما إذا استطعنا تخفيف مشكلة التغير المناخي أم لا. وهذا يعني أننا بصدد عدد من الأوبئة العالمية مثل فيروس كورونا. 

المحتوى محمي