على الرغم من القيمة الغذائية العالية للفول السوداني، فإن حساسية الفول السوداني تُصنف على أنها السبب الأكثر شيوعاً لتفاعلات الحساسية الغذائية المميتة، وقد ازداد انتشارها بشكل مطرد في السنوات الأخيرة حيث صُنفت كأكثر أنواع الحساسية الغذائية شيوعاً عند الأطفال وثاني أكثر أنواع الحساسية الغذائية شيوعاً عند البالغين، كما تُشكل 2% من حساسيات الأطفال في الولايات المتحدة الأميركية.
تحتوي حبة الفول السوداني الواحدة أو الفستق على 200 ميليغرام من البروتين، وتم تحديد 7 بروتينات من بينها على الأقل مسؤولة عن تحريض نوب التحسس. وبشكل مشابه لباقي حساسيات الأطعمة، يثير الفول السوداني رد فعل تحسسي من النوع الأول بتوسط الغلوبولينات المناعية نمط (IgE)، حيث يحرض تناول كمية (أقل من حبة فول سوداني واحدة)، أو ما يُعادل 100 ميكروغرام، إنتاج مستويات عالية من الغلوبولينات المناعية، والتي بدورها ترتبط مع مستقبلات موافقة لها موجودة في الخلايا البدنية، ليتحرر بعد ذلك الهيستامين وغيره من الوسائط الالتهابية كالسيتوكينات والكيموكينات والتي تكون مسؤولة عن ظهور أعراض التحسس.
أعراض الإصابة بحساسية الفول السوداني
عادةً ما تكون أعراض الإصابة بحساسية الفول السوداني (ثنائية الطور)؛ أي تتكرر الأعراض بعد 1-8 ساعات من حل الأعراض الأولية. الشكل الأكثر شيوعاً الذي يحرض نوب حساسية الفول السوداني هو تناول الفول السوداني أو أحد الأطعمة التي تحتوي عليه. وفي بعض الأحيان، تؤدي ملامسة الفول السوداني للجلد إلى تحريض رد الفعل التحسسي أو حتّى قد تتحرض نوبة الحساسية عن طريق استنشاق الأغبرة أو الرذاذ الحاوي على أحد بروتينات الفول السوداني كدقيق أو زيت الفول السوداني.
اقرأ أيضاً: الدليل الشامل للتعرف على كل ما يهمك عن الحساسية الجلدية
في 70% من الحالات تظهر الأعراض لأول مرة في سن الطفولة عند أول تعرض، بين عمري 14 و24 شهراً، ويزداد ذلك في العائلات التي تكثر فيها الأمراض التحسسية. يُشفى الأطفال من بعض أنواع الحساسيات، كالربو الطفلي، عندما يكبرون، إلا أن هذا لا يحصل مع حساسية الفول السوداني، حيث تبقى الإصابة مدى الحياة في معظم الحالات ولا تتراجع.
عادة ما تظهر أعراض الاستجابة التحسسية لبروتينات الفول السوداني خلال بضعة دقائق بعد التعرض، ومن الأعراض التي تشير للإصابة:
- تبدلات جلدية: تحزز الجلد واحمراره وتورمه.
- الحكة المعممة.
- الشعور بالدوخة واضطراب التوازن.
- الشعور بالوخز في الفم والحلق وحولهما.
- الغثيان والإقياء.
- اضطرابات هضمية مثل الآلام البطنية والإسهال.
- توذم الحنجرة وصعوبة الكلام.
- ضيق في التنفس أو سماع صوت صفير أثناء التنفس، والذي قد يتطور لانغلاق المسالك التنفسية في حال لم يُعالج.
- سيلان من الأنف واحتقان المخاطية الأنفية.
- انخفاض في ضغط الدم وتسرع القلب.
- فقدان الوعي في الحالات الشديدة.
- الحساسية المفرطة: الشكل الأشد لحساسية الفول السوداني، وهي رد فعل مهدد للحياة تتطلب العلاج باستخدام حقنة أدرينالين حالاً ومن ثم الإحالة للإسعاف الطبي.
عوامل خطر الإصابة بحساسية الفول السوداني
من غير الواضح لمَ يُصاب بعض الأشخاص بالحساسية بينما تعفُ الإصابة عن الآخرين، فالحساسية بجميع أشكالها لا تُورث، ولكن يؤدي الاستعداد الوراثي وعدم تعريض الطفل لمُسببات الحساسية من عمر صغير، كما تنص نظرية النظافة، الدور الأكبر في حدوث الحساسية. وإضافةً إلى ذلك، من عوامل الخطر التي تزيد فرص الإصابة بحساسية الفول السوداني:
- العمر: حيث تعتبر الحساسية أكثر شيوعاً عند الأطفال الصغار والرضع من البالغين.
- الاستعداد الوراثي: يزيد احتمال الإصابة بحساسية الفول السوداني في حال كان الشخص يعاني أحد الأمراض التحسسية مثل حمى القش.
- الإصابة بالحساسية تجاه أحد الأطعمة الأخرى.
- الإصابة بالتهاب الجلد التأتبي: والذي يزيد من حساسية الأطعمة بشكل عام ومن حساسية الفول السوداني بشكل خاص.
اقرأ أيضاً: لماذا تتغير استجاباتنا للحساسية مع التقدم في العمر؟
تدبير وعلاج حساسية الفول السوداني
بشكلٍ عام، يعد تجنب المحرضات حجر الأساس في علاج وتدبير أي نوع من أنواع الحساسية، لذلك يجب تجنب جميع أنواع المكسرات وعلى رأسها الفول السوداني والترمس، والذي يتشابه إلى حد كبير في تركيبه مع الفول السوداني.
ونظراً لأن الفول السوداني يتكون من أنواع مختلفة من البروتينات التي تتميز بخصائص مختلفة، قد يفقد الفول السوداني تأثيره المُحرض للتحسس إذا تم طهيه؛ حيث تقوم درجات الحرارة العالية بتكسير البروتينات المُسببة للحساسية. إلا أن لتحميص الفول السوداني تأثيراً معاكساً؛ حيث يجعل تأثيره التحسسي أكثر شدة، ومع ذلك يوصى بتجنب استهلاكه على الإطلاق.
وحتّى قد يتفاعل جهازك المناعي مع أي أطعمة أخرى تملك نفس البروتينات والمكونات ومتشابهة من الناحية الهيكلية، ويُسمى ذلك بالتفاعل المتبادل. الأمر الذي يُفسر الشكوى بعد تناول بعض الأطعمة التي قد لا تبدو ذات صلة. تشيع هذه التفاعلات المتبادلة مع الأطعمة النباتية مثل المكسرات والفواكه وفول الصويا والبقوليات وحتّى بعض أنواع الخضروات.
اقرأ أيضاً: الربيع قادم بأمراضه التحسسية: كيف تأخذ الأدوية المضادة للحساسية بالطريقة الأمثل؟
أما من الناحية الطبية، فيتوجب الإسراع بطلب المساعدة للعلاج بمجرد بداية الشعور بالأعراض التي ذُكرت أعلاه، كالحكة حول الفم والأذنين والحلق أو تورم الشفاه واللسان والحنجرة أو الحلق وعدم التأخير، لأنه غالباً ما يكون قد استُهلك أحد الأطعمة الحاوية على أحد بروتينات الفول السوداني.
تُعالج الحالات الخفيفة والمتوسطة بالأدوية المضادة للحساسية مثل الأدوية المُضادة للهيستامين والستيروئيدات القشرية السكرية كالكورتيزون، أما الحالات الأشد والمُهددة للحياة فتتطلب حقن الأدرينالين وريدياً والذي بدوره يخفف الأعراض مؤقتاً، لذلك يتوجب دوماً الإحالة لمركز الإسعاف الطبي للسماح للفريق الطبي المختص بإكمال الإشراف على الحالة تجنباً لأي انتكاس.