يُعد الماء أهم عناصر الحفاظ على الحياة إلى جانب الهواء. وعلى الرغم من وفرته الكبيرة، فإن 97.5% من مياه الكرة الأرضية ما هي إلا مياه البحار والمحيطات المالحة جداً للاستهلاك البشري، ولا تشكل مياه القمم الجليدية سوى 2.5% من مجمله، وبذلك نجد أننا نحن البشر نعتمد على القليل جداً من الماء العذب كمورد طبيعي للحياة، والذي يصبح محدود الوفرة خاصةً في حال لم تتم إدارة استهلاكه بشكل صحيح.
يعتبر الاحتباس الحراري أحد أهم العوامل المُهددة لحدوث نقص في الماء، الأمر الذي يفرض عواقب كارثية مستقبلاً مؤثراً على إمداداتنا المستقبلية، حيث من المتوقع أن تواجه بعض المجتمعات كالمجتمع البريطاني نقصاً واضحاً في الماء بحلول عام 2050، وذلك وفقاً لـ (وكالة البيئة البريطانية).
ولهذا السبب، يُعتبر اتخاذ خطوات الحفاظ عليه أساسياً منذ الآن للمساعدة في الحد من النقص الوشيك. وإليك مجموعة من المبادرات والطرق التي تُحدث تغييراً جذرياً في الحفاظ على موارد الماء على الرغم من بساطتها:
فحص التمديدات الصحية في المنزل بحثاً عن أي تسريب للماء
فحص أنابيب المنزل والأحواض والصنابير مهم للغاية للكشف عن أي تسريب صامت للماء، فتنقيط الصنبور يمكن أن يهدر 50 غالوناً من الماء أو أكثر يومياً. ومن أجل كشف تسريب ماء حوض المرحاض، يمكنك وضع بضعة قطرات من أي ملون في حوض المرحاض وإذا بدأ التلوين بالظهور في الحوض بدون شطف فهذا يشير إلى وجود تسريب يمكن أن يتسبب بهدر أكثر من 100 غالون من الماء يومياً.
يُنصح أيضاً باستخدام المراحيض منخفضة التدفق، ففي الوقت الذي يستهلك فيه المرحاض العادي 13 ليتراً من الماء لكل تدفق، تستهلك المراحيض منخفضة التدفق 4 أو 6 ليترات لا أكثر، فهي تمتلك أنظمة شطف مزدوجة توفر كميات هائلة من الماء سنوياً.
ومن الخطوات التي يُنصح بها بشدة هي تجنب استخدام المرحاض كسلة مهملات أو منفضة للتخلص السريع من المهملات؛ فكل عقب سيجارة أو منديل تقوم بإزالته يستهلك 5-7 غالونات من الماء.
أخذ حمامات قصيرة
يستهلك الحمام العادي 5 إلى 10 غالونات من الماء في الدقيقة، ولذلك توفر الحمامات القصيرة كمية من الماء إضافةً إلى إغلاق الصنابير في وقت تطبيق الصابون والغسل وإعادة فتحه عند الانتهاء من ذلك. كما يساعد ضبط مؤقت على هاتفك المحمول في إبقاء حمامك قصيراً ولطيفاً وموفراً للمياه، إضافة إلى أن المؤقت يذكرك بألا تسرح وأنت تغني في الحمام حيث يكون صوتك الغنائي بأفضل حال.
كما تمت صناعة رؤوس دوش موفرة للمياه؛ حيث تمنع التدفق المفرط وتحدد من كمية الماء المُستهلك إلى 3 غالونات في الدقيقة، كما أنها سهلة التركيب واستخدامها ليس معقداً.
لا تدع استهلاكك للماء يخرج عن السيطرة أثناء غسل الأسنان، إذ يمكن توفير 6 ليترات من الماء في الدقيقة الواحدة بإغلاق الصنبور أثناء التنظيف والأفضل من ذلك أن تملأ كوباً من الماء لتغسل فيه فمك بدلاً عن ماء الصنبور الجاري. والأمر نفسه أثناء الحلاقة، ويفضل ملء قاع الحوض بالماء الدافئ لغسل أدوات الحلاقة وتجنب تنظيفها تحت الماء الجاري.
ماذا عن غسيل الأطباق والملابس؟
استخدام غسالة الأطباق بمعدل أقل يوفر الماء والمال، لذلك يُفضل تجميع الأطباق المُتسخة وغسلها دفعة واحدة وليس على مجموعات، والأفضل من ذلك هو غسل الأواني يدوياً؛ فهو يستهلك الماء بنسبة أقل.
وإن كنت تغسل أطباقك يدوياً تجنب ترك الصنوبر جارياً أثناء الشطف، بل جمع أطباقك في حوض الغسيل واملأه بالماء واشطف الأطباق شطفاً سريعاً لإزالة الصابون، وبعد ذلك اغسلها سريعاً باستخدام جهاز رش أو وعاء ثانٍ من الماء.
أما بالنسبة لغسيل الملابس، فتستهلك الغسالة الأوتوماتيكية ما يعادل 30-35 غالوناً من الماء في كل دورة. ونظراً لأنه لا يمكن الاستغناء عنها، فلا يسعنا سوى تجميع الألبسة المتسخة وغسلها دفعة واحدة بدلاً عن دفعات.
والأمر سيان عند غسيل السيارة، حيث يعتبر استخدام دلو أفضل وأقل استهلاكاً للماء، ومن إيجابيته أيضاً كبح الرغبة الملحة للأطفال للعب بخرطوم المياه واستهلاك كميات من الماء بدافع التسلية واللهو.
ترشيد استهلاك الماء أثناء البستنة والعناية بالنباتات
إرواء حديقتك والاهتمام بها ضروري؛ فالحفاظ على الغطاء الأخضر يعني الحفاظ على أهم موارد الأوكسجين والذي لا يقل أهمية عن الحفاظ على الماء. تأكد دائماً من أنك تروي حديقتك فقط عندما تكون النباتات بحاجة للماء، وتقلل عادةً درجات الحرارة المنخفضة ومواسم هطول الأمطار من ضرورة سقاية الحديقة، وأما في فصل الصيف، فتستدل على أن حديقتك بحاجة السقاية عندما تحرك العشب ولا يعود لوضعه السابق.
يُفضل ري النباتات في الصباح الباكر أو في نهاية اليوم للحد من تبخر الماء الذي يحصل في ضوء الشمس والحرارة العالية. كما يُفضل إرواء النباتات بالرشاشات اليدوية عوضاً عن الرشاشات الآلية نظراً لأنها توفر الماء بنسبة 33%.
إضافةً إلى ذلك، يمكنك زرع العديد من الأشجار والنباتات قليلة الحاجة للإرواء المتكرر في حديقتك، فالعديد منها ذو مظهر جميل وجذاب، كما توجد حيلة تخفف من تبخر ماء تربة النباتات ألا وهي توزيع نشارة الخشب حول جذع النبات.
كما يمكن التقاط وتجميع مياه الأمطار لسقاية الحديقة، حيث توفر هذه العملية ما يصل إلى 5000 لتر من المياه سنوياً، كما أن نباتاتك ستشكرك على مياه الأمطار بدلاً عن مياه الصنبور المعالجة.
عدم هدر الطعام وتعديل النظام الغذائي
تستهلك عملية تربية الحيوانات الماء بشكل غير مُستدام، كما أنها من أهم العوامل التي تساهم في حدوث الاحتباس الحراري، بالإضافة إلى زرع بعض المحاصيل مثل الأفوكادو على نطاق واسع، والتي تعتبر عملية مُستهلكة للمياه بشكل كبير؛ وبالتالي يمكننا الحفاظ على الماء نسبياً من خلال تقليل كمية اللحوم ومنتجات الألبان المتناولة والاعتماد على الخضروات الموسمية.
من جهة أخرى، يتطلب إنتاج بعض أنواع الفواكه والحبوب الكثير من الماء؛ ولذلك يُفضل تقليل كمية الحصص المطبوخة وحفظ الأطعمة لاستهلاكها في اليوم التالي في حال بقيت كمية منها.
بالمقابل، تستهلك عملية سلق الأطعمة كمية من الماء، فإن كنت تعتمد على ذلك فلا تتلخص من ماء السلق، بل استخدمه كمرق للحساء أو حتّى يمكنك استخدامه في ري النباتات بعد أن يبرد.
يمكنك أيضاً استبدال سلق الأطعمة بتبخيرها، فهو يوفر الماء من جهة، كما أنه يحافظ على القيمة الغذائية والعناصر والمعادن الموجودة في الأطعمة.
والأهم من ذلك هو الابتعاد كل البعد عن توفير استهلاك الماء عبر تقليل تناوله واستهلاكه، حيث يحتاج جسمنا إلى 2 ليتر يومياً حتّى تعمل خلاياه بكفاءة عالية، حيث يحافظ الماء على استتباب عمل الخلايا الحية وصحتها.