كيف يتم التحكم في الصواريخ بعد عودتها من الفضاء؟

3 دقائق
هل يستطيع البشر التحكم في الصواريخ بعد عودتها من الفضاء؟
حقوق الصورة: أنسبلاش.

هناك العديد من المفاهيم للصاروخ، فعند ذِكر هذه الكلمة أمام طفل، أول ما يخطر في باله المفرقعات التي تنطلق إلى السماء في الأعياد والمناسبات، أما في حالة الرجل الحربي، فيتخيل صواريخ الحرب، لكن بالنسبة لهواة الفلك والفضاء، يفكرون في الصواريخ التي تُطلق المركبات الفضائية وتدفعها خارج الأرض نحو الرحلات الاستكشافية المذهلة ثم تعود مرة أخرى إلى الأرض، ولكن في صورة حطام مفتت. 

تاريخ البشر مع الصواريخ 

منذ زمن بعيد يزيد على 2000 عام، وتحديداً عام 400 قبل الميلاد، كانت أولى المحاولات التي سجلها التاريخ عن محاولة الإنسان لصنع الصواريخ أو شيء يحاكيه على يد الفيلسوف وعالم الرياضيات اليوناني أرخيتاس، الذي كان سياسياً وعسكرياً بارعاً. أجرى أول تجربة محاكاة للصواريخ باستخدام حمامة خشبية معلقة فوق أسلاك، وأطلق نحوها بخاراً من أجل دفعها، ونجحت التجربة. ورويداً رويداً، استطاع البشر تطوير الصواريخ لاستخدامات مختلفة، إلى أن حل القرن العشرين، الذي قفزت فيه الصواريخ إلى الفضاء، وأصبحت جزءاً مهماً من عمليات الاستكشاف. 

واليوم تُستخدم في دفع المركبات الفضائية والأقمار الصناعية نحو المدار الأرضي، ما سهل عملية ذهاب رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية لإجراء تجاربهم وأعمالهم. وهناك العديد من التطورات الأخرى التي شهدتها الصواريخ في الآونة الأخيرة، حيث أصبح بإمكانها الهبوط مرة أخرى على الأرض وإعادة استخدامها في حالات معينة. لكن في بعض الأحيان، يفقد البشر السيطرة على الصاروخ. 

اقرأ أيضاً: إطلاق الصواريخ إلى الفضاء الخارجي بأسلوب شركات الطيران… مع حسومات أيضاً

كيف يعمل الصاروخ في أثناء إطلاق المركبات الفضائية؟ 

في مثل هذه العمليات، عادةً ما يعمل الصاروخ كحامل للمركبة الفضائية أو الجسم المراد دفعه نحو الفضاء الخارجي. وتُقسم العملية على عدة مراحل: 

  • المرحلة الأولى، وهي التي تحمل الصاروخ وتدفعه حتى يصل إلى نقطة معينة، ثم تتفكك عن المرحلتين الأخيرتين والجسم المحمول وتسقط على الأرض، في صورة حطام وفتات، فلا تسبب ضرراً. 
  • ثم يأتي دور المرحلة الثانية التي تشتعل وتتوجه بالحمولة نحو الفضاء. 
  • وتأتي المرحلة النهائية التي تساعد الحمولة على الاستقرار في المكان المناسب عند المدار الأرضي. 

اقرأ أيضاً: شاهد هذه الكاميرا التي تلتقط صورة لنفسها وهي تلقى حتفها الملتهب في أعقاب إطلاق أحد الصواريخ

عندما فقد البشر السيطرة على الصواريخ 

لم تحدث مرة أو اثنتين، هناك العديد من المرات التي فقد فيها البشر السيطرة على الصواريخ لأسباب عديدة، وكانت النتائج كارثية، من ضمن هذه الحالات الأخطاء الحسابية الكارثية التي حصلت في يوم 22 مايو/أيار 2009، عندما حان وقت إطلاق صاروخ حاملاً قمراً صناعيّاً روسيّاً، وكان الهدف هو استقرار القمر الصناعي عند مدار الأرض. وبالفعل تمت عملية الإطلاق من الأرض في الليل، حتى استطاع سكان مدينة قازان الروسية مشاهدة الصاروخ متوهجاً بوضوح وخلفه مساره المتدفق، وفي الخلفية ستارة السماء السوداء التي أبرزت ذلك المشهد، لكن بسبب خطأ بسيط في الحسابات عند الإطلاق توّقفت المرحلة الثالثة قبل 3 ثوانٍ من الوقت المُقدر لها، وهذا يعني أنّ الصاروخ لن يصل إلى الارتفاع المطلوب، فيصل إلى المدار الأرضي. لذلك قد يكون الخطأ في الحسابات صغيراً ولكن العواقب جسيمة بما فيه الكفاية لتفجير الصاروخ وفشل المهمة وضياع المجهود.

كيف تسيئ الصين التخطيط لرحلة العودة؟ 

وفي يوم الأحد الموافق 24 يوليو/تموز 2022، أطلقت الصين صاروخ "لونج مارش 5 ب" (Long March 5B)، حاملاً وحدة لمحطة تيانغونغ (Tiangong) التابعة للصين، لكن خرج الأمر عن السيطرة، وتحطم الصاروخ البالغ وزنه 23 طناً إلى أجزاء كبيرة نسبياً. وفي الظروف الطبيعية، يجب أن يتفتت إلى أجزاء صغيرة جداً ويتخلص من نفسه قبل النزول إلى الأرض، فلا يتسبب في ضرر مؤذٍ. لكنه سقط في تمام الساعة 12:45 مساءً حسب التوقيت الشرقي في يوم الأحد 31 يوليو/ تموز 2022 فوق المحيط الهندي دون أن يسبب ضرراً. 

اقرأ أيضاً: ماذا يحدث عندما يصطدم صاروخ بالقمر؟

لكن هذه لم تكن المرة الأولى التي تفقد فيها الصين السيطرة على صواريخها، ففي مايو/ أيار 2021، سقط صاروخ آخر من نفس الطراز بالقرب من جزر المالديف في المحيط الهندي، لكن لحسن الحظ لم يسبب أي ضرر، ما أثار الشكوك حول تصميم الصاروخ الذي لا يدعم قدرته على التخلص من نفسه والتفتت بعد أداء مهمته. 

وفي 2020 أيضاً، أطلقت الصين صاروخاً من نفس الطراز، وفقدت القدرة على السيطرة، وسقط الصاروخ قبل التفتت، لكن لسوء الحظ، سقطت بقايا الحطام في ساحل العاج بغرب إفريقيا، ما أدى إلى إلحاق الضرر ببعض المباني في قريتين هناك. وهذه الحوادث جعلت الصين في قفص الاتهام بأنها لا تخطط جيداً لعودة صواريخها إلى الأرض. 

لماذا لا نستطيع السيطرة على الصواريخ وتجنب الحطام؟ 

يصعب التحكم في أجزاء الصاروخ أو معززات الصواريخ المنطلقة نحو الفضاء عندما تؤدي مهمتها ويحين موعد عودتها إلى الأرض، وذلك لعدة أسباب، من ضمنها: 

  • عادةً ما يتحرك الصاروخ بسرعة 7.9 كيلومتر في الثانية، حتى يصل إلى مدار الأرض، وفي أثناء تلك الرحلة، يستهلك كمية كبيرة من الوقود، وفي رحلة العودة، يحتاج إلى طاقة كبيرة لتغيير اتجاهه نحو الأرض. 
  • يتفكك حطام الصاروخ تلقائياً، وبمجرد دخوله للغلاف الجوي للأرض، يحترق وتسقط بقايا الحطام الصغيرة المتبقية على الأرض. 

الصواريخ أجسام قوية، وامتلاك الدول لها هو في الواقع إشارة إلى مدى قوة تلك الدولة تكنولوجياً، لكن عدم السيطرة عليها قد يؤدي إلى كوارث كثيرة دون مبالغة، لذلك يجب على الهيئات التي تستخدمها في أي غرض أن تكون حذرة فلا تتعدى نسبة الخطأ صفراً.

المحتوى محمي