تعيش النساء فترة الحيض في خوف دائم من تلوث الملابس الداخلية، ويشعرن بالحرج الشديد فيما لو ظهرت آثارها إذا ما قررن ارتداء ملابس بيضاء. تلك بالطبع ليست سوى الأسباب الأقل أهمية التي تدفعك لتتبع دورتك الشهرية.
هناك الكثير من تطبيقات تتبع الدورة الشهرية التي تزعم بأنها ستسهل حياتك اليومية، ولكن ربما عليكِ عدم الوثوق بها. لحسن الحظ، لم يبدأ تتبع الدورة الشهرية مع ظهور الهواتف الذكية، ويمكنكِ طبعاً تتبعها باستخدام طريقة التقويم القديمة الجيدة.
لماذا يجب عليكِ تتبع دورتك الشهرية؟
من الناحية النظرية، دورات الحيض بسيطة: فهي تستمر 28 يوماً، وتبدأ في اليوم الأول من الحيض، وفي اليوم الرابع عشر تحدث الإباضة.
يبدو الأمر بسيطاً، أليس كذلك؟ لكن الحال ليس كذلك دائماً.
في الواقع، الدورة الشهرية عرضةٌ للتغيير بسبب المرض ونمط الحياة وحتى مستويات التوتر. أضيفي إلى ذلك حقيقة أن كل جسم مختلف، وأن النموذج النظري للدورة الشهرية ليس ثابتاً. مع ذلك، يعد نموذج الدورة الشهرية الذي يستمر 28 يوماً مقياساً جيداً لمقارنة دورتك الشهرية به، وقد اعتمدت عليه النساء لعقود لتتبع دورتهن الشهرية واكتشاف أي مشكلات لديهن.
اقرأ أيضاً: بممارسة التمارين الرياضية: كيف تؤثّر الدورة الشهرية على أداء العضلات؟
لقد وجدت الأبحاث أن ما نفهمه على أنه دورة شهرية صحية يختلف باختلاف مكان وجودك في العالم. في الولايات المتحدة، تتراوح الدورة الشهرية الصحية بين 21 و35 يوماً، وتدوم فترة الحيض عادةً ما بين 3 و7 أيام، وتبدأ شهرياً بعد يومين من نهاية آخر دورة. يجب زيارة الطبيب عند حدوث أي تغيير جذري، ولكن نظراً لأن كل جسم مختلف، فإن بعض التغييرات يمكن أن تكون طبيعيةً تماماً.
كيفية تتبع الدورة الشهرية عن طريق التقويم
لا تقتصر طريقة التقويم فقط على وضع دائرة على اليوم الذي يمثل اليوم الأول من الدورة الشهرية ومن ثم حساب 28 يوماً لانتهائها. لكي تفهمي تماماً كيفية استخدام طريقة التقويم، ولكن وفقاً لجسمك، عليكِ أولاً فهم كيفية حدوث الحيض. قد يبدو هذا كثيراً، لكن عليكِ الوثوق في العملية.
يمكنكِ تقسيم الدورة الشهرية إلى جزأين؛ مرحلة ما قبل الإباضة أو طور الجريب (ovulation stage)، ومرحلة ما بعد الإباضة أو المرحلة الأصفرية (luteal phase). تفصل الإباضة بين هاتين المرحلتين، وهي الحدث الرئيسي في كل دورة حيث يطلق المبيض بويضة في قناة فالوب.
تنضج البويضة في جريب داخل المبيض في مرحلة الجريب. بمجرد نضوجها التام، ترسل مستويات الأستروجين إشارات إلى الدماغ لتخبره أن الوقت قد حان لإطلاق البويضة، فيستجيب الدماغ بإفراز الهرمون الملوتن (الهرمون المنشط للجسم الأصفر) لتحفيز الإباضة. تصبح البيضة جاهزةً بعد ذلك للتلقيح.
يتحول الجريب الفارغ الذي يبقى في المبيض إلى الجسم الأصفر مطلقاً هرمون البروجسترون. الجسم الأصفر ذو البنية الصغيرة هو مفتاح فهم دورتك الشهرية، لأنه أحد العناصر القليلة التي تبقى ثابتةً خلال العملية بأكملها عند جميع النساء اللواتي يمرّين بفترة الحيض. إذا لم يتم تلقيح البويضة، يموت الجسم الأصفر بعد 12 إلى 14 يوماً، ما يؤدي لإيقاف إفراز هرمون البروجسترون بشكل مفاجئ ليؤدي ذلك إلى التخلص من بطانة الرحم، والتي تُعرف أيضاً بدم الطمث أو الحيض.
اقرأ أيضاً: بالأدوية والأعشاب: إليكِ طرق التخلص من ألم الدورة الشهرية
بعد فهم مسار الدورة الشهرية، ابدئي بتدوين أول يومٍ من الحيض باستخدام تقويم رقمي أو تناظري أو حتى دونيه على قطعة من الورق. ضعي في اعتباركِ أن اليوم الأول من دورتك هو اليوم الأول الذي يحدث فيه نزيف كامل التدفق، حيث لا يُحتسب التبقيع (نزول بضع قطرات من الدم قبل موعد الدورة مباشرة).
ارجعي الآن 14 يوماً في التقويم بدءاً من اليوم الأول لفترة الحيض، سيكون هذا هو يوم الإباضة: ضعي علامة عليه. ستساعدك معرفة المدة التي يستغرقها جسمك للإباضة في تحديد الوقت الذي ستكونين فيه أكثر خصوبة، وهي معلومة مهمة ستساعدك على الحمل أو تجنبه، اعتماداً على كيفية استفادتك منها.
أخيراً، قومي بتدوين تفاصيل كل يوم من أيام الحيض. لاحظي مقدار تدفق الدم ولونه، بالإضافة إلى أي أعراض أخرى مثل ألم الثدي وآلام الظهر والصداع وتقلب المزاج والرغبة الجنسية القوية وانخفاض الطاقة. سيسمح لكِ تتبع الأعراض طوال الفترة المتبقية من دورتك في النهاية باكتشاف الأنماط التي ستساعدك على التنبؤ بموعد الإباضة والمتلازمة السابقة للحيض، وبالطبع، موعد الحيض.
اقرأ أيضاً: دليلك إلى هرمون الإستروجين المتهم في أمراض النساء
المحاذير
يتباهى مطورو تطبيقات تتبع الدورة الشهرية بأن الخوارزميات المضمنة فيها توفر الدقة في كل ما يتعلق بالخصوبة. لكن الحقيقة هي أن معظم هذه التطبيقات تستخدم إصدارات مختلفة من طريقة التقويم، حيث يحاول التطبيق التعلم من بيانات ملايين المستخدمين لتحسين نتائجك.
تكمن المشكلة في أنه عندما يتعلق الأمر بفترة الحيض الخاصة بك، فإن البيانات الوحيدة التي تفيدك هي بياناتكِ أنتِ، ففترة حيض النساء في آسيا أو أوروبا أو في إحدى الولايات الأميركية أو حتى في المنزل المجاور لكِ ليست مفيدةً إلى هذا الحد في التنبؤ بالموعد التالي لفترة حيضكِ.
اقرأ أيضاً: كيف تعمل حبوب منع الحمل؟ وما هي آثارها الجانبية؟
لذلك من المهم أن تجمعي أكبر قدر ممكن من البيانات حول دورتك الشهرية لمدة خمسة أشهر على الأقل قبل إجراء أي تنبؤات. ستكون النتائج أكثر دقة كلما جمعتي المزيد من البيانات والتفاصيل الدقيقة.
ضعي في اعتبارك أيضاً، وعلى غرار تطبيق تتبع الدورة الشهرية الذي لا يمكنه إخبارك بالضبط بالوقت الذي تزداد فيه احتمالية حدوث الحمل، فإن طريقة التقويم ليست دقيقةً جداً أيضاً. إذا كنتي تتبعين دورتك الشهرية كطريقة طبيعية لمنع الحمل، يجب أن تعلمي أن هذه الطريقة فعّالة بنسبة 76% فقط، وقد تكوني بحاجة لتعزيزها بأنواع أخرى من وسائل منع الحمل، مثل الواقي الذكري أو أسلوب تتبع مخاط عنق الرحم أو طريقة درجة حرارة الجسم الأساسية لمعرفة وقت التبويض.