أنا مفتون بالجهاز الهضمي للأبقار، فالجراثيم الموجودة في الكرش- وهو كبرى الحجرات الأربع التي تتكون منها معدة الأبقار- تقوم بتحليل ممتاز للمواد الداخلة في تركيب النبات. وتساعد دراسة هذه العملية في استحداث علف أفضل يساهم في تخفيض الاحتباس الحراري الناجم عن الغازات الدفيئة المنبعثة من الأبقار، بل ويمكنها حتى أن تساعدنا في إيجاد سبل لتحسين أداء الجهاز الهضمي للإنسان.
ولدراسة هذه القضايا في المختبر، قمت بتصميم جهاز هضم بقري اصطناعي. ويتطلب عمل هذا الجهاز عينات حية من كرش البقرة، ولا بد للحصول عليها من الوصول إلى معدتها. ويمكننا تحقيق ذلك بفتح ناسور إلى بطن البقرة، حيث يقوم الطبيب البيطري بعمل ثقب كبير في جدار البطن يُدخل فيه أنبوباً يصل بين الكرش والجلد ويتم إغلاقه بسدادة بلاستيكية.
ومن الجدير بالملاحظة أن البقرة لا تنزعج أثناء ذلك على الإطلاق، بل وتواصل أحياناً الأكل خلال القيام بهذا العمل الجراحي. وعندما يُصنع ذلك الثقب يمكنك إدخال يدك إلى أحشاء البقرة واستخراج محتويات الكرش متى شئت. كما أن الحصول على السوائل أمر سهل، فيكفي أن تدخل أنبوباً من خلال الفتحة ثم تقوم بشفط السوائل إلى الخارج. أما استخراج المواد الصلبة فلا يخلو من بعض الصعوبة.
فإدخال يدك عميقاً من خلال الفتحة قد يكون في البداية سهلاً، ولكن ذراعك قد تعلق في الداخل بسبب الحركة المستمرة لعضلات المعدة، وهو ما قد يبدو أمراً مزعجاً. وفي هذه الحالة عليك أن تبقى هادئاً وتنتظر استرخاء العضلات لتستطيع تحرير يدك. أو أن تفعل ما أفعله أنا، فتطلب من طلابك أن يقوموا بذلك، وتراقب أيديهم وهي تُحبس في الداخل.
لا تقلق لذلك، فهم يجدون الأمر مسلياً. لا عجب إذن أن تكون بقرتي المفضلة هي تلك البقرة الاصطناعية القابعة في مختبري، فأنا أقوم بتشغيلها وإيقافها، وأستطيع التحكم بكافة المتغيرات، ولذلك تكون جميع النتائج متوقعة، ولا أخشى أن تٌحبَس يدي داخل أحشائها.
ماتياس هيس – أستاذ مساعد في جامعة كاليفورنيا بديفيس
نشر هذا المقال في عدد مايو/ يونيو 2017 من بوبيولار ساينس في قسم "حكايات من الميدان".