تدور حالياً الآلاف من الأقمار الصناعية التي خرجت من الخدمة ومراحل الصواريخ المستهلكة والكثير من قطع "الخردة الفضائية" في مدار الأرض فوق رؤوسنا. ومن المتوقع أن تزداد كمية هذه القمامة الفضائية مع ازدياد المشاريع التي تنفذها الحكومات والشركات في مدار الأرض المنخفض. لسوء الحظ، المدار الأرضي المنخفض مزدحم حالياً بالفعل، وهناك حاجة إلى جهود مضنية لضمان سلامة رواد الفضاء والأقمار الصناعية في المستقبل، ناهيك عن حماية الناس هنا على الأرض.
في وقت سابق من هذا الشهر، قامت لجنة الاتصالات الفيدرالية الأميركية (FCC) بمحاولتها الأولى لمعالجة المشكلة من خلال تقديم مقترح جديد ينطوي على تقليل المدة التي يتعين خلالها على المشغلين إزالة الأقمار الصناعية التي خرجت عن الخدمة من المدار. في الوقت الحالي، يمكن أن تبقى الأقمار الصناعية الخارجة عن الخدمة في المدار الأرضي المنخفض لمدة تصل إلى 25 عاماً، والتي يقول العديد من الخبراء إنها فترة طويلة جداً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار النمو السريع لصناعة الفضاء. ووفقاً للمقترح التنظيمي الجديد للجنة الاتصالات الفيدرالية، ستُخفض المدة إلى 5 سنوات، لكن المراقبين يشيرون إلى أنه لا يزال أمامنا الكثير لحل هذه المشكلة التي تزداد سوءاً.
اقرأ أيضاً: ما مصير محطة الفضاء الدولية بعد تمديد مهمتها حتى 2030؟
يقول محاضر القانون في جامعة كارديف والسكرتير التنفيذي للمعهد الدولي لقانون الفضاء، بي جي بلونت، في رسالة بالبريد الإلكتروني لمجلة العلوم للعموم: «أعتقد أنها خطوة جيدة عموماً. نظراً لازدياد الاعتماد على مجموعات كبيرة من الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض، فإن بقاءها بعد نهاية خدمتها في المدار يشكل خطراً على الأقمار الصناعية النشطة يتمثل في اصطدامها بها، بالإضافة إلى أنها تشغل حيزاً مهماً من الفضاء».
أخطار الأقمار الصناعية الخارجة عن الخدمة أصبحت أمراً واقعاً
للأسف، لقد شهدنا بعض هذه المخاطر تصبح حقيقة واقعة. في العام الماضي، أسفر حادث تدمير روسيا أحد أقمارها الصناعية بصاروخ إلى إنتاج أكثر من 1500 قطعة من الحطام الفضائي يمكن تتبعها، في حين نجم عن تصادم حدث عام 2009 بين قمر اتصالات نشط والقمر الصناعي الروسي "كوزموس-2251" الخارج عن الخدمة أكثر من 2000 قطعة من الحطام.
ومع ذلك، يجادل بعض النقاد بأن اقتراح لجنة الاتصالات الفيدرالية لا يفي بالمعايير اللازمة لحل المشكلة. كان خبير الحطام الفضائي في جامعة ساوثهامبتون، هيو لويس، قد قال في مقابلة مع مجلة "ساينتفيك أميركان" في وقت سابق من هذا الشهر إن اقتراح لجنة الاتصالات الفيدرالية الذي ينطوي على تقليل مدة بقاء الحطام في الفضاء إلى 5 سنوات لا يقلل من الاصطدامات المحتملة إلا بنسبة 3 إلى 4% فقط. لكن بلونت يقول في هذا الصدد: «تتجاهل الانتقادات التي تقول إن هذا المقترح لا يقلل بشكل كبير من الحطام الفضائي حقيقة تقليل مخاطر الأحداث التي تولد الحطام من خلال تقليل عدد الأقمار الصناعية غير النشطة في المدار. الكلام الذي يتردد كثيراً اليوم في مجتمع الفضاء هو أن الفضاء مزدحم، ومطالبة المشغلين بالتخلص من الأقمار الصناعية الميتة أمر منطقي للتخفيف من هذا الازدحام في نهاية المطاف».
اقرأ أيضاً: أقمار «ستارلينك» الاصطناعية تعرقل مهام علماء الفلك
نقطة انطلاق لتنظيم عملية التخلص من الأقمار الصناعية الخارجة عن الخدمة
بالإضافة إلى ذلك، يوضح بلونت أيضاً أن إرشادات لجنة الاتصالات الفيدرالية يمكن أن تكون بمثابة نقطة انطلاق للبلدان الأخرى أيضاً نظراً لأن الولايات المتحدة تعتبر رائدة عالمياً في تنظيم صناعة الفضاء وتشريعاتها. ولكن قد يحبط المفوضون القانونيون هذا الاقتراح الجديد بشكل دائم قبل أن يتم إقراره. يقول مدير تخطيط البرامج في مؤسسة العالم الآمن، بريان ويدن، لمجلة ساينتفيك أميركان: «قد يقول بعض المعارضين إن لجنة الاتصالات الفيدرالية ليست الجهة المخولة لتنظيم هذا الأمر»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن هناك وكالات أخرى، مثل إدارة الطيران الفيدرالية أو وزارة التجارة، يمكن أن تكون أكثر ملاءمة لهذه المهمة.
في غضون ذلك، من الواضح أن لجنة الاتصالات الفيدرالية ترى أن الفراغ التنظيمي الحالي يمثل فرصة لتولي زمام المبادرة كما يقول بلونت، ويضيف: «تعتمد لجنة الاتصالات الفيدرالية على سلطتها في ترخيص الترددات الراديوية لفرض هذه المتطلبات على المشغلين من منطلق أن الحطام يقلل من كفاءة استخدام الترددات الراديوية». من المتوقع أن يوافق المفوضون على الاقتراح في تصويت من المقرر إجراؤه في 29 سبتمبر/ أيلول، وبعد ذلك يدخل القانون حيز التنفيذ في غضون عامين.
اقرأ أيضاً: أهمية التعاون الدولي في استكشاف الفضاء، مسبار الأمل نموذجاً
يقول بلونت أخيراً: «غالباً ما تُثار المخاوف بأن الولايات المتحدة ستضر نفسها إذا ما أصدرت قوانين لا تعمل بها الدول الأخرى، ولكن النفايات الفضائية تمثل مشكلة لجميع الشركات التي تعمل في صناعة الفضاء، وتحاول معظم الدول معالجتها بطريقة أو بأخرى. يجب إجراء حوار منفتح بين هذه الدول للبحث في القواعد التي تعزز الاستدامة في الفضاء بشكلٍ أفضل».