أقوى الحواسيب الفائقة في العالم

3 دقائق
الحاسوب الفائق "تيتان" هو خامس أسرع آلة في العالم.

تقوم منظمة "توب 500" بنشر قائمة لأسرع الحواسيب الفائقة في العالم مرتين في العام الواحد. وهو يعتبر ترتيباً لأقوى الآلات في عالم الأجهزة الحاسوبية العملاقة مع أسماء مثل "صنواي تايهولايت" و "تيانهي-2". وهما جهازان حاسوبيان صينيان، حيث يعتبر الأول الأسرع في العالم. صدرت أحدث نسخة لهذه القائمة يوم الاثنين، وجاءت الأجهزة الفائقة الخمسة الأعلى ترتيباً فيها من الصين وسويسرا واليابان والولايات المتحدة.

ولكن طالما أن هذا الترتيب يمثل تصنيفاً للحواسيب القوية حتى لحظة إعداد القائمة – في الوقت الحالي تهيمن الصين على القائمة بوجود 202 جهازاً صينياً من بين أعلى 500 – فإن نشره يعد فرصة مناسبة أيضاً لطرح السؤال: ما الذي يجعل جهازاً حاسوبياً فائقاً يتمتع بقدرات فائقة حقاً، وما هي حاجة العلماء إلى مثل هذه الحواسيب؟

يقول "بيل جروب" الذي يدير المركز الوطني لتطبيقات الحوسبة الفائقة في جامعة إلينوي، وهو مقرٌّ لآلة تدعى "بلو ووترز": "الحاسوب الفائق هو آلة كبيرة مصممة لتركز قدراتها على معالجة مشكلة واحدة". وبعبارة أخرى، يمكن لمزرعة كبيرة المخدمات أن تشغِّل لك خدمات تكافئ جيميل للبريد الإلكتروني، أو تكافئ نيتفليكس للبث الحي، إلا أن قدرتها الحاسوبية تركز على العديد من المهام الفردية، وليس على مهمة معقدة بعينها فقط.

والأهم من ذلك، أن الحواسيب الفائقة تهدف إلى معالجة المشاكل التي يمكن تقسيمها إلى أجزاء أصغر، ولكنها أجزاء لا تبقى معزولة عن بعضها البعض، حيث يقول جروب: "يجب على تلك الأجزاء التواصل مع جيرانها". ولتوضيح كيف يمكن لإحداها أن تبدو، تخيل خزانات كل منها بحجم الثلاجة، مليئة بالمكونات مثل المعالجات. يمكن للكبيرة منها أن تشغل مئات الأمتار مربعة.

يتم ترتيب أفضل الحواسيب الفائقة باستخدام مقياس يسمى "فلوب"، والذي يشير إلى عدد عمليات الفاصلة العائمة في الثانية الواحدة، وهو مقياس يقيس مدى سرعة هذه الحواسيب في تنفيذ المعادلات الرياضيات. تصدرت آلة "صنواي تايهولايت" القائمة بسرعة 93 بيتا فلوب (بيتا = 1 كوادريليون). إن أسرع آلة من الولايات المتحدة وردت ضمن القائمة تسمى "تيتان"، وتقدر سرعتها بأكثر من 17 بيتا فلوب. (فقط لا تخلط بينها وبين بيلي فلوبس (حبيبات الحلوى الهلامية)، فهي شيء مختلف تماماً وأقل فائدة بكثير).

"نحن ندرس الطبيعة بدقة عالية جداً، ذرة تلو الأخرى"

العالم ضمن شريحة سيليكون

فكر في تعقيد عالم الطبيعة، في الطريقة التي تتفاعل بها الجزيئات، أو في أشكال الأعاصير القمعية، أو المسارات التي تتخذها الأعاصير الاستوائية. إن المحاكاة الرقمية لهذه الظواهر تتطلب الكثير من القدرات الحاسوبية.

يقول "ستيف سكوت" كبير موظفي التكنولوجيا في شركة "كراي إنك" – التي تصنع الحواسيب الفائقة – إن الآلات ذات القدرات الفائقة تلعب دوراً في العملية العلمية. "ما تقوم به الأجهزة الحاسوبية بشكل أساسي هو محاكاة العالم المادي".

على سبيل المثال: لنتناول فيروس نقص المناعة البشرية. يتم تغليف هذا الفيروس بما يسمى القفيصة، والتي تتكون من 1300 بروتيناً. وللتوصل إلى فهمٍ أفضل للتفاعل المتبادل بين القفيصة والخلية التي يدخلها الفيروس، استخدم جوان بيريلا، الأستاذ المساعد في الكيمياء والكيمياء الحيوية في جامعة ديلاوير؛ اثنين من الحواسيب الفائقة لإجراء المحاكاة. أحد هذه الحواسب كان "تيتان" الموجود في مختبر "أوك ريدج" الوطني، والآخر كان "بلو ووترز" في جامعة إلينوى.

أنتجت المحاكاة الكثير من البيانات – ما يقرب من 100 تيرابايت – وكانوا بحاجة لبلو ووترز مرة أخرى لمعالجة هذه المعلومات فقط. وضحك عندما سئل عما إذا كان بإمكانهم إنجاز أي شيء من دون حواسيب فائقة، وعلق قائلاً: "كان ليتطلب منا الأمر أضعاف سنوات حياتنا من العمل. نحن ندرس الطبيعة بدقة عالية جداً، ذرة تلو الأخرى".

إن تشكيل إعصار قمعي من سحابة هائلة مصحوبة بعاصفة رعدية؛ لا يختلف في تعقيده أبداً عن محاكاة التفاعل بين فيروس وخلية، فهو ظاهرة تتطلب محاكاتها استخدام حاسوب فائق أيضاً. وتعتمد مراكز الطقس مثل "المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى" على الحواسيب الفائقة، لجعل التنبؤ بالأحوال الجوية أمراً ممكناً أيضاً.

الخيار النووي

يمكن استثمار الحواسيب الفائقة، بالإضافة إلى نمذجة الظواهر الطبيعية، في تنفيذ عمليات معقدة أخرى، مثل معرفة كيف ستقوم قنبلة إشعاعية، أو سلاح كيماوي ما بنشر عناصرها الضارة في مدينة معينة. يقول سكوت من شركة كراي: "في الواقع هذه مشكلة في غاية الصعوبة من الناحية الحسابية". ويضيف: "يتم الحفاظ على المخزونات النووية عن طريق المحاكاة". "إنها واحدة من المشاكل الأكثر إلحاحاً، وهي واحدة من العوامل المحفزة الكبيرة لدى الدوائر الحكومية في الولايات المتحدة من أجل تمويل الحوسبة المتطورة".

ابحث عن النسخة المحدثة للقائمة – التي تصنف الآلات التي تقود المساعي العلمية، والأبحاث الصناعية، وقضايا الأمن القومي على مستوى العالم – والتي سيتم نشرها في شهر يونيو من العام المقبل.

المحتوى محمي