تجيد الهندباء والنباتات المنتمية لنفس عائلتها السفر، ويمكن أن تنتقل بذورها أحياناً لمسافة 170 كيلومتراً تقريباً في الجو، وقد تنجرف فوق البحار حتى تصل إلى الجزر التي دمرتها البراكين فتنمو وتعيد إعمارها.
يقول كاثال كومينز، عالم الرياضيات التطبيقية في جامعة إدنبره في اسكتلندا: "يمكن أن تقطع الهندباء مسافات طويلة جداً دون أي استهلاك للطاقة". ويدرس كومينز كيفية إدارة الهندباء للرحلات المتعرجة، أملاً منه أن تستخدم هذه الأفكار لتصميم الطائرات الموجهة دون طيار.
عندما تبدأ بذور الهندباء بالطيران، فإن زغبها الناعم يكون بمثابة مظلة صغيرة تحملها عبر النسيم، وتختلف هذه المظلة عن تلك التي نستخدمها. فهي في الواقع، فراغ خالٍ من الهواء بنسبة 90 في المائة. يقول كومينز: "ما هو السر في هذا التصميم المسامي للمظلة؟" وقد وجد هو وزملاؤه أن شعيرات الهندباء تعمل معاً لخلق دوامة هواء فوق البذرة تبقيها معلقة في الهواء.
ويمنح البقاء في الهواء لأطول فترة ممكنة فرصة أفضل لبذرة الهندباء لتلتقطها عصفة ريح تنقلها إلى أراضٍ جديدة. ومثل المظلة البشرية، تعتمد بذور الهندباء على قوة السحب لإبطاء هبوطها. يقول كومينز: "عادة ما تكون قوة السحب أمراً سيئاً في الطيران، ولكن عندما تقفز من طائرة فأنت في حاجة لأكبر قدر ممكن من هذه القوة لدعم وزنك".
ولكن حركة الهندباء تحكمها قواعد مختلفة، فيقول كومينز: "وزن هذه البذور التي نتحدث عنها جزء صغير من المليجرام، وبالتالي فإن القوى والأوزان المعنية أصغر من ذلك بكثير".
ولمراقبة البذور أثناء حركتها، قام كومينز وفريقه بإنشاء قناة للرياح يخرج منها الهواء بلطف باتجاه الأعلى. وأثناء تحليق الهندباء، تتبع الباحثون حركاتها، ورأوا أن الطبيعة المسامية للمظلة تساعد على إبقاء البذور ثابتة عند الطيران . يقول كومينز: "من خلال السماح للقليل من الهواء بالمرور خلال المظلة، فإنها تثبت دوامة الهواء خلفها".
وتتبع دوامة الهواء البذرة كهالة صغيرة، وتساعد هذه الكتلة دوامة الهواء في زيادة السحب على البذرة، وتتشكل أثناء تفاعل الشعيرات المجاورة على البذرة مع بعضها عندما تحلِّق البذرة في الهواء. وعلى مستوى الهندباء، كانت مظلتها فعالة مقارنة بأي مظلة صلبة. يقول كومينز: "لقد وجدنا أن مظلة الهندباء أكثر فعالية في خلق قوة السحب من المظلة التقليدية. وتقوم الهندباء بعمل مظلة تكون عملياً مفرغة من الهواء بشكل كامل، ويشير بحثنا إلى أن هذا التصميم البسيط هو الأكثر كفاءة".
وقد تُمكّن محاكاة الشكل الريشي لمظلة الهندباء المركبات الهوائية الدقيقة من الطيران دون استهلاك أي طاقة. ويمكن استخدام هذه الطائرات الموجهة الصغيرة التي تنتقل عن طريق الرياح لتتبع الظروف الجوية على الكواكب البعيدة، أو في بيئات أرضية بعيدة أو غير المناسبة للعمل على الأرض.
وقد قدّم كومينز وفريقه هذه النتائج في نوفمبر 2017 خلال الاجتماع السنوي لشعبة دينامية السوائل التابعة للجمعية الفيزيائية الأميركية في دينفر بالولايات المتحدة.