هل سيشهد العالم وقوع زلازل أشد قوة في عام 2018؟

4 دقائق
لن يتم وضع لافتات تحذير من الزلازل في المستقبل بمثل هذا الوضوح

وسط الذعر الذي انتشرت عناوينه على موقع "أخبار جوجل" في 21 نوفمبر؛ عن توجسّات بنهاية كوكب الأرض، ونظريات المؤامرة المتعلقة بالهبوط على القمر؛ أشار أحد العناوين إلى مصير مظلم أكثر واقعية. حيث حذرت صحيفة "ذا ديلي ميل" البريطانية: "خلال العام المقبل؛ قد تضرب زلازل مدمرة مليار شخص نتيجة التباطؤ الذي يشهده دوران الأرض حول نفسها".

وبالرغم من كذب ادعاءات نهاية كوكب الأرض وثبوت هبوط الإنسان على سطح القمر، فإن المثال الأخير عن الزلازل المدمرة يستند إلى بحث فعلي تم نشره في أغسطس الماضي في دورية "جيوفيزيكال ريسيرش ليترز"، حيث أفاد باحثون بأنه من خلال التدقيق في سجلات الزلازل، تمكنوا من التنبؤ بالفترات الزمنية التي يكون فيها احتمال وقوع الزلازل الكبيرة (أعلى من 7 درجات) مرجحاً بشكل أكبر.

قبل أن نتعمق كثيراً في نتائج البحث، دعونا نوضح بعض الأمور. لا يمكن لأحد أن يتنبأ بحدوث زلزال بعينه بأي درجة من الدقة، ومن الضروري أن نتذكر أن القدرة المميتة لزلزال ما لا تتحدد بمقدار شدته فحسب، بل تعتمد أيضاً على عدد الأشخاص القاطنين في جواره، وما إذا كانت لديهم أية أنظمة للإنذار، ومدى صرامة قوانين البناء الخاصة بالزلازل لديهم.

وأخيراً، نظراً لأننا غير قادرين على التنبؤ بدقة بالمواقع التي ستضربها الزلازل، فإنه لا يمكن معرفة عدد الأشخاص الذين سيتأثرون بالزلازل الكبيرة خلال العام المقبل.

في ورقة أغسطس، بدأ الجيوفيزيائيان ريبيكا بينديك وروجر بيلهام بالبحث في سجل يمتد إلى 117 سنة مضت من الزلازل التي وقعت في جميع أنحاء العالم. وكما هو حال العديد من الباحثين قبلهم، فقد اكتشفوا وجود توزع عشوائي للزلازل على امتداد تلك الفترة الزمنية، ثم قرروا البحث عن مقاييس مختلفة تتعلق بتلك الزلازل.

تقول بينديك: "لقد انطلقنا من فكرة أن الزلازل ربما هي أشبه بالخلايا العصبية أو البطاريات، بمعنى أن لديها قدراً معيناً من الوقت اللازم لكي يتم شحنها ومنحها القدرة على التفريغ، وبعد مرور فترة الشحن هذه، يمكنها أن تفرغ طاقتها في أي وقت".

بعد ذلك، وفي عرض تقديمي قدماه خلال اللقاء السنوي للجمعية الجيولوجية الأميركية، استند المؤلفان إلى تلك الورقة (ورقة أغسطس) ليعرضوا النتائج التي تظهر – وفقاً لقولهما – عدد الزلازل واسعة النطاق الشائعة التي وقعت خلال دورة زمنية استغرقت ما يقارب 32 عاماً.

بحث المؤلفان عن أحداث جيوفيزيائية قد تنسجم مع هذا النمط، وتمكنا من العثور على تطابق. فقد انسجمت الأحداث مع تباطؤ ضئيل في دوران الأرض حول نفسها، الأمر الذي يحدث تقريباً كل 32 عاماً (قد تطول المدة في بعض الأحيان، وقد تقصر في أحيان أخرى). وبعد مرور قرابة 5 أعوام على التباطؤ، لاحظا وجود ارتفاع في سجل الزلازل الكبيرة.

تقول بينديك: "يقدم هذا الأمر مثالاً عن الإمكانيات الثمينة والمثيرة الكامنة في علم الزلازل". وتضيف: "ما أعرفه هو أنه لا توجد إشارات أخرى تقود دورة زلزالية بطريقة مفيدة للقيام بالتنبؤ، أو إدراك كيفية تغير المخاطر بشكل مسبق مع مرور الزمن".

تقول بينديك إنهما لا يربطان كلاً من الزلازل الكبيرة على حدته بالتغيرات التي يشهدها دوران الأرض حول نفسها، وإنما يشيران ببساطة إلى أنها من المرجح وبشكل تقديري أن تحدث خلال 5 إلى 6 أعوام بعد حدوث هذه الحالات من التباطؤ الذي يقدر بأجزاء من الألف من الثانية. وقد حدث تباطؤ من هذا النوع قبل بضع سنوات، ما يعني أنه إذا صدق تنبؤهما، فينبغي لنا أن نشهد تسجيل مجموعة أخرى من الزلازل الكبيرة خلال السنوات القليلة القادمة.

من جهته؛ فإن كين هادنت الجيوفيزيائي الباحث لدى الماسح الجيولوجي الأميركي، والذي يعمل على برامج مخاطر الزلازل، والذي لم يشارك في تأليف الدراسة؛ يقول: "إن الأمر الرئيسي الذي خرجت به كان اللجوء الفعلي للأسلوب القديم في التفكير العلمي من نوع [لنتحقق من هذا الشيء]"، مشيراً إلى أن الترابط أمر مختلف عن السببية.

وبعبارة أخرى، إن الحقيقة القائلة بأن التباطؤ حدث بالتزامن مع الارتفاع الحاصل في عدد الزلازل الكبيرة؛ لا يعني أن الأمرين مترابطان، ناهيك عن أن أحدهما تسبب بحدوث الآخر.

الأمل معقود على أنه إذا ما اتضح وجود ارتباط بينها، فإن التنبؤ بهذه النشاطات قد يوفر نوعاً من الإنذار من حدوث ظاهرة عالمية لا يمكن التنبؤ بها. يقول بيلهام وبينديك في خلاصة العرض التقديمي: "مهما كانت الآلية، فإن إمكانية الإنذار المبكر قبل نحو 5 إلى 6 سنوات من المخاطر الزلزالية المتزايدة، والتي يوفرها مشتق طول اليوم الأرضي من المرتبة الأولى (d[LoD]/dt)؛ هو أمر غير متوقع، ويعود بالنفع على مجال التخطيط لمواجهة الكوارث".

يبدو أن هادنت لديه شكوك بمدى الفائدة الفعلية التي يوفرها هذا الرصد المبكر لمجتمع المختصين بالتخطيط لمواجهة الكوارث. حيث يقول هادنت: "أنا أعمل مع مختصين في مجال التخطيط لمواجهة الكوارث، هذا جزء كبير من عملي". ويتابع: "لو كنت مختصاً في إعداد خطط الطوارئ على المستوى الإقليمي أو المحلي في ولاية كاليفورنيا، فالأمر الذي يسترعي تفكيري بشأنه هو؛ كيف يمكننا تحريك الشاحنات. هل سنتمكن من فتح الأبواب لمراكز الإطفاء وإخراج الشاحنات أم لا؟".

عند وقوع زلزال ما، يحتاج مسؤولو الاستجابة للطوارئ إلى أكبر قدر ممكن من سهولة التنقل، وهذا يعني عدم الحاجة بهم لانتشال شاحناتهم من بين أنقاض المباني المدمرة، والتأكد من أن لدى موظفيهم خطة مسبقة بحيث تمكنهم من البدء بمساعدة مجتمعاتهم المحلية في أسرع وقت ممكن. هذا النوع من المعلومات الدقيقة والقابلة للتنفيذ ليس متاحاً في هذا التنبؤ واسع النطاق، الذي لا يحدد بدقة أوقات ومواقع النشاط الزلزالي خلال العام المقبل.

ويضيف هادنت: "قد يبدو أن توفر معلومات عن نشاطات زلزالية لمدة 5 سنوات على مستوى العالم سيعود بالنفع على التخطيط لمواجهة الكوارث، وقد تكون هي كذلك بالفعل على أحد المستويات؛ ولكن على المستوى الذي أعمل فيه، ليس لها فائدة".

يقول هادنت: "لقد قدموا مزاعم جريئة نوعاً ما بشأن تزايد النشاطات الزلزالية في العام المقبل، والذي يبدو لي أنه توقع قابل للاختبار، ولكنهم لم يقوموا بتحليل كافة الاختبارات التي أجريت على جميع التنبؤات الزلزالية قبل ذلك. كما أنني لا أعتقد أن هذا التنبؤ سيخضع للتحليل والاختبار أيضاً".

تقول بينديك أنه بدلاً من ذلك النوع من المعلومات الدقيقة، فإنها تأمل لتنبؤهم أن يوفر ببساطة محفزاً إضافياً ربما للمجتمعات التي تعيش أصلاً في المناطق المعرضة للزلازل ليجمعوا معدات الطوارئ، ويضعوا الخطط الملائمة في حال وقوع زلزال بالفعل.

يقول كل من هادنت وبينديك أن الزمن وحده من سيقدم الإجابة عن مدى الدقة – والفائدة – المحتملة للنتائج.

تقول بينديك: "يمثل هذا الأمر بالنسبة لي مثالاً ممتعاً ومثيراً وجميلاً جداً عن الكيفية التي يعمل بها العلم". وتضيف أخيراً: "لقد وضعنا هذه الفرضية، وننتظر حدوث أمرين اثنين. الأول؛ هو أن جميع زملائنا سيحاولون اكتشاف الأسباب التي تجعلنا مخطئين. والأمر الآخر؛ هو أنه نظراً لكونه تنبؤاً في غاية الجرأة، فمع نهاية العام القادم، ومع حلول عام 2020 بشكل مؤكد، سنكون أمام اختبار قوي للنتائج".

المحتوى محمي