هل ينجح العلماء بإطالة عمر بطارية جهاز تنظيم ضربات القلب؟

3 دقائق
يتغير الكهرل المهبطي الجديد كيميائياً إلى مركب أحمر داكن مع فقدان طاقته تدريجياً. الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا

يركّز الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على تعديل تصميم البطاريات غير القابلة لإعادة الشحن لزيادة طاقتها وإطالة عمرها أيضاً. إليك كيف يحاولون القيام بذلك.

يشيع استخدام خلايا الليثيوم أيون القابلة لإعادة الشحن بكثرة في عالم البطاريات اليوم، من هواتفنا المحمولة وحتى السيارات الكهربائية. ولكن مع تزايد شعبيتها منذ طرحها تجارياً في التسعينيات، تراجع الاهتمام البحثي بنوع آخر من البطاريات: البطاريات غير القابلة لإعادة الشحن. مثّل ذلك مشكلة كبيرة بالنظر إلى أن هناك عدداً من الأجهزة التي تعتمد عليها، مثل أجهزة تنظيم ضربات القلب. وفي هذا الشأن، يتطلع الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى سد هذه الفجوة من خلال التركيز مجدداً على أنظمة البطاريات القديمة ومحاولة تحسين سعتها الطاقية من خلال استخدام نمط جديد من الإلكتروليت.

أهمية البطاريات غير القابلة لإعادة الشحن

تقول زميلة ما بعد الدكتوراة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، هينينغ غاو: «ندرك أن هناك حاجة إلى بطاريات ذات سعة طاقية أعلى لإطالة عمر أجهزة معينة مثل أجهزة تنظيم ضربات القلب، لكن كان هناك عدد قليل جداً من الابتكارات خلال العقود الأربعة الماضية في هذا المجال. ومن هنا انطلقنا».

عادة ما تتمتع البطاريات غير القابلة لإعادة الشحن، والتي تُسمى أيضاً بالبطاريات الأولية، بسعة طاقة أعلى مقارنة بالبطاريات القابلة لإعادة الشحن، ما يجعل منها مرشحاً جيداً لاستخدامها في المنتجات التي لا يمكن (حتى الآن) إعادة شحنها بسهولة، مثل الغرسات الطبية. ولكن، وكما هو الحال مع جميع البطاريات الأولية بالطبع، ستنفد طاقة حتى البطاريات الموجودة في الغرسات الطبية في النهاية.

اقرأ أيضاً: كيف يعمل جهاز تنظيم ضربات القلب؟

كيف تعمل هذه البطاريات؟

تحتوي معظم البطاريات الأولية على إلكتروتيتات، أو كهارل، والتي قد تعرفها من المشروبات الرياضية مثل غاتوريد. ولكنها نفس الشيء، الإلكتروليتات ليست سوى مواد تتحول إلى أيونات عندما تذوب في المحاليل، وفي حالة أجسامنا، تقوم بتوصيل الشحنات الكهربائية التي تساعد عضلاتنا في الحركة من بين أشياء أخرى.

داخل البطاريات، تُستخدم الإلكتروليتات لتوصيل حركة الأيونات المشحونة (مثل أيونات الليثيوم في بطارية الليثيوم أيون، أو هيدروكسيد البوتاسيوم في البطاريات غير القابلة لإعادة الشحن) بين الطرفين الموجب والسالب، أو ما يُعرف بالكاثود والأنود على التوالي. تتجمع الإلكترونات عند القطب السالب أو الأنود، حيث تتنافر مع بعضها وتحاول الانتقال إلى منطقة بها عدد أقل من الإلكترونات، ما يدفعها للانتقال على طول دارةٍ إلى الطرف الموجب أو الكاثود. عندما يتم وضع جسم مثل المصباح الكهربائي على مسار تلك الدارة، تضطر الإلكترونات للتحرك خلالها قبل الانتقال إلى الأنود. لكن هذه العملية لا يمكن أن تتم دون وجود وسيط إلكتروليتي، كما أن البطاريات الأساسية لا يمكنها العمل إلى الأبد.

على اليمين، بطارية أولية تقليدية، وعلى اليسار، بطارية الكاثوليت الجديدة مصورة باللون الأصفر.
على اليمين، بطارية أولية تقليدية، وعلى اليسار، بطارية الكاثوليت الجديدة مصورة باللون الأصفر. يقدر الباحثون أن بطارية الكاثوليت هذه يمكن أن تحتوي على كثافة طاقية أكبر بنسبة تصل إلى 50% مقارنة بالبطاريات الأولية التقليدية. الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

تقول غاو إن بطاريات جهاز تنظيم ضربات القلب تدوم بين 5 إلى 10 سنوات فقط. في محاولة لإطالة عمرها، اختارت غاو وفريقها مادة سائلة مختلفة لتكون بمثابة الوسيط الإلكتروليتي؛ وهو في الواقع مزيج بين الإلكتروليت والكاثود، ويُدعى الكهرل المهبطي أو الكاثوليت (Catholyte). تقول غاو: «تستخدم معظم البطاريات التقليدية مادة صلبة للكاثود». ولكن في هذه الحالة، تم استبدال هذه المادة والإلكتروليت، والتي تقول غاو إن قسماً كبيراً من وزنها زائد ولا يمكن الاستفادة منه، بمحلول مدمج من الكاثود والإلكتروليت لزيادة الكفاءة في البطارية.

يقول الأستاذ المساعد في الهندسة الميكانيكية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بيتار جالانت: «يمكننا الآن الاستفادة من المزيد من كتلة البطارية لتوليد الطاقة».

اقرأ أيضاً: كيف يعمل القلب الصناعي؟ وهل يغير مشاعر الإنسان حقاً؟

زيادة كثافة طاقة البطاريات

قدرت التحليلات الأولية للباحثين أن كثافة طاقة البطارية يمكن أن تزيد بنسبة 50%، ولكن لم تسفر أبحاثهم حتى الآن سوى عن زيادة قدرها 20% من سعة البطارية فقط. ولكن غاو تقول إن ذلك يرجع في معظمه إلى القيود المخبرية، ولا يزال الوصول إلى زيادة السعة بنسبة 50% هو هدفنا. تقول غاو: «نعتقد أن بإمكاننا تحقيقه».

يمكن الاستفادة من إطالة عمر البطاريات الأولية عالية الطاقة في العديد من السياقات التي لا يمكن فيها استخدام البطاريات القابلة لإعادة الشحن، وليس فقط في أجهزة تنظيم ضربات القلب. تقول غاو: «نفكر أيضاً في تطبيقها على المركبات غير المأهولة وتطبيقات الدفاع وتتبع البضائع واستكشاف الفضاء».

على الرغم من تفضيل استخدام البطاريات القابلة لإعادة الشحن في الوقت الحالي نظراً لاستدامتها، فإن غاو تقول إن إطالة عمر البطاريات الأولية قد يجعلها أيضاً خياراً منافساً مستداماً. بكلام آخر، كلما طال عمر البطارية، قل عدد البطاريات التي يجب استخدامها في جهاز تنظيم ضربات القلب، الأمر الذي لا يقلل من نفايات البطاريات فحسب، بل ويقلل أيضاً عدد العمليات الجراحية اللازمة لاستبدال البطاريات.

اقرأ أيضاً: علماء يتمكّنون من اكتشاف النوبات القلبية وسماعها قبل وقوعها

يتطلع الباحثون إلى تطوير نموذج أولي أكثر تقدماً في غضون عام إلى عامين، ولا يتوقعون أن تكون تكلفة هذه البطاريات أعلى بكثير من أسعارها الحالية. ولكنهم يأملون في أن يسلّط عملهم الضوء على الحاجة إلى إيلاء المزيد من الاهتمام بمجال أبحاث البطاريات الأولية الراكد.

المحتوى محمي